قلت لبشار: ليس لأحد من شعراء العرب شعر إلا وقد قال فيه شيئا استنكرته العرب من ألفاظهم وشك فيه، وإنه ليس في شعرك مايشك؛ قال: ومن أين يأتيني الخطأ ولدت هاهنا ونشأت في حجورثمانين شيخا من فصحاء بني عقيل مافيهم احد يعرف كلمة من الخطأ، وإن دخلت إلى نسائهم فنساؤهم أفصح منهم، وأيفعت فأبديت إلى أن أدركت، فمن أين يأتيني الخطأ أخبرني حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز ويحيى بن علي قالوا حدثنا عمر بن شبة قال: كان الأصمعي يقول: إن بشارا خاتمة الشعراء، والله لولا ظأن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم.
هو أول الشعراء في جملة من اغراض الشعر
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثني أبو الفضل المروزي قال حدثني بن المحرز الباهلي قال قال الأصمعي: لقي أبو عمرو بن العلاء بعض الرواة فقال له: يا أبا عمرو، من أبدع الناسبيتا? قال: الذي يقول:
لم يطل ليلي ولكن لـم أنـم ونفى عني الكرى طيف ألم
روحي عني قليلا واعلمـي أنني ياعبد من لـحـم ودم قال: فمن أمح الناس? قال: الذي يقول:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنـى ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ماأفاد ذوو الغـنـى أفدت وأعداني فأتلفت ماعنـدي قال: فمن أهجى الناس? قال: الذي يقول:
رأيت السهيلين استوى الجود فيهما على بعد ذا من ذاك في حكم حاكم
سهيلبن عثمـان يجـود بـمـابـه كما جاد بالوجعا سهيل بن سـالـم قال: وهذه الأبيات كلها لبشار نسبة مافي هذا الخبر من الأشعار التي يغني فيها صوت
لم يطل ليلي ولكن بـم أنـم ونفى عني الكرى طيف ألم
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصمت عن لاونعم
نفسي ياعبد عني واعلـمـي أنني ياعبد من لـحـم ودم
إن في بردى جسما نـاحـلا لو تركأت علـيه لأنـهـدم
حتم الحب لها في عنـقـي موضع الخاتم من أهل الذمم غناه إبراهيم هزجا بالسبابة في مجرى الوسطى عن ابن المكي والهشامي. وفيه لقعنب الأسود خفيف ثقيل. فأما الأبيات التي ذكر أبو عمرو أنه فيها أمدح الناس وأولها:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنى فإنه ذكر لبشار. وذكر الزبير بن بكار أنها لابن الخياط في المهدي، وذكر له فيها معه خبرا طويلا قد ذكرته في أخبار ابن الخياط في هذا الكتاب.
هجا صديقه ديسما لأنه يروي هجاءه
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا علي بن مهدي الكسروي قال حدثنا أبو حاتم قال: كان شار كثير الولوع بديسم العنزي وكان صديقا له وهو مع ذلك يكثر هجاءه، وكان ديسم لايزال يحفظ شيئا من شعر حماد وأبي هشام الباهلي في بشار؛ فبلغه ذلك فقال فيه:
أديسم يابن الذئب من نحـل زارع أتروي هجائي سادرا غير مقصر قال أبو حاتم: فأنشدت أبا زيد هذا البيت وسألأته مايقول فيه، فقال: لمن هذا الشعر? فقلت: لبشار يقوله في ديسم العنزي؛ فقال: قاتله الله ماأعلمه بكلام العرب ثم قال: الديسم: ولد الذئب من الكلبة، ويقال للكلاب: أولاد زارع. والعسبار: ولد الضبع من الذئب. والسمع: ولد الذئب من الضبع. وتزعم العرب أ، السمع لايموت حتف أنفه، وأنه أسرع من الريح وإنما هلاكه بعرض من أعراض الدنيا.
مزاحه مع حمدان الخراط
أخبرنا حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال: كان بالبصرة رجل يقال له: حمدان الخراط، فاتخذ جاما لإنسان كان بشار عنده، فسألأه بشار أن يتخذ له لجاما فيه صور طير تطير، فاتخذه له وجاءه به، فقال له: مافي هذا اللجام? فقال: صور طير تطير؛ فقاتل له: قد كان ينبغي أن تتخذ فوق هذه الطير طائرا من الجوارح كأن يريد صيدها، فإنه كان أحسن؛ قال: لم أعلم؛ قال: بلى قد علمت، ولكن علمت أني أعمى لاأبصر شيئا وتهدده بالهجاء، فقال له حمدان: لاتفعل فإنك تندم؛ قال: أو تهددني أيضا قال: نعم؛ قال: فأي شيء تستطيع أن تصنع بي إن هجوتك قال: أصورك على باب داري بصورتك هذه وأجعل من خلفك قردا ينكحك حتى يراك الصادر والوارد؛ قال بشار: اللهم أخزه، أنا أمازحه وهو يأبى إلا الجد مفاخرة جرير بن علي
صفحة : 291
ابن يحيى والحسن بن علي ومحمد بن عمران الصيرفي قالوا: حدثنا العنزي قال حدثني جعفر بن محمد العدوي عن محمد بن سلام قال حدثني مخلد أبو سفيان قال: كان جرير بن المنذر السدوسي يفاخر بشارا؛ فقال فيه بشار:
أمثل بني مـصـر وائل فقدتك من فاخر ماأجن
افي النوم هذا أبا منـذر فخيرا رأيت وخيرا يكن
رأيتك والفخر في مثلها كعاجنة غير ماتطحـن وقال يحيى في خبره: فحدثني محمد بن القاسم قال حدثني عاصم بن وهب أبو شبل الشاعر البرجمي قال حدثني محمد بن الحجاج الساداني قال: كنا عند بشار وعنده رجل ينازعه في اليمانية والمضرية إذ أذن المؤذن، فقال له بشار: رويدا، تفهم هذا الكلام؛ فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال له بشار: أهذا الذي نودي باسمه مع اسم الله عز وجل من مضر هو أم من صدأ وعك وحمير? فسكت الرجل نقده للشرع: أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي قال أنشد بشار قول الشاعر:
وقد جعل الأعداء ينتقصوننا ونطمع فينا ألسن وعيون
ألا إنما ليلى عصا خيرزانة إذا غـمـزوهـا بــالأكـــف تـــلـــين فقال: والله لو زعم أنها عصا مخ أو عصا زبد، لقد كان جهعلها جافية خشنة بعد أن جعلها عصا ألا قال كما قلت:
ودعجاء المحاجر من معد كأن حديثها ثمر الجنـان
إذا قامت لمشيتها تثـنـت كأن عظامها من خيرزان اعتداده بنفسه
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال أخبرني محمد بن صالح بن الحجاج قال: قلت لبشار: إني أنشدت فلانا قولك:
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربـه فقال لي: ما كنت أظنه إلا لرجل كبير؛ فقال لي بشار: ويلك أفلا قلت له: هو الله لأكبر الجن والإنس وعدته امرأة واعتذرت فعاتبها بشعر
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أبو الشبل عن محمد بن الحجاج قال: كان بشار يهوى امرأة من أهل البصرة فراسلها يسألها زيارته، فوعدته بذلك ثم أخلفته، وجعل ينتظرها ليلته حتى أصبح، فلما لم تأته أرسل إليها يعاتبها فاعتذرت بمرض أصابها؛ فكتب إليها بهذه الأبيات:
ياليلـتـي تـزداد نـكـرا من حب من أحببت بكـرا
حوراء إن نظـرت إلـي ك سقتك بالعينين خـمـرا
وكأن رجـع حـديثـهـا قطع الرياض كسين زهرا
وكأن تحـت لـسـانـهـا هاروت ينفث فيه سحـرا
وتخال ماجمعـت عـلـي ه ثيابها ذهبـا وعـطـرا
وكأنـهـا بـرد الـشـرا ب صفا ووافق منك فطرا
جنــية إنـــســـية أو بين ذاك من أجل أمرا
وكفـاك أنـي لـم أحـط بشكاة من أحببت خـبـرا
إلا مـــقـــالة زائر نثرت لي الأحزان نـثـرا
متخشعا تحـت الـهـوى عشرا وتحت الموت عشرا كان إسحاق الموصلي لايعتد به ويفضل عليه مروان: حدثني جحظة قال حدثني علي بن يحيى قال: كان إسحاق الموصلي لايعتد ببشار
ويقول: هو كثير التخليط في شعره، وأشعاره مختلفة، لايشبه بعضها بعضا؛ أليس هو القائل:
إنما عظم سليمـى حـبـتـي قصب السكر لاعظم الجمـل
وإذا أدنيت منـهـا بـصـلا غلب المسك على ريح البصل لو قال كل شيء جيد ثم أضيف إلى هذا لزيفه. قال: وكان يقدم عليه مروان ويقول: هذا هو أشد استواء شعر منه، وكلامه ومذهبه اشبه بكلام العرب ومذاهبها، وكان لايعد أبا نواس البتة ولايرى فيه خبرا أنشد إبراهيم بن عبد الله هجوه للمنصور
ولما قتل غيرها وجعلها في هجو أبي مسلم:
حدثنا محمد بن علي بن يحيى قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي قال: دخل بشار إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فأنشده قصيدة يهجو فيها المنصور ويشير عليه برأي يستعمله في أمره، فلما قتل إبراهيم خاف بشار، فقلب الكنية، وأظهر أنه كان قالها في أبي مسلم وحذف منها أبياتا وأولها:
صفحة : 292
أبا جعفر ما كول عيش بدائم ولاسالم عما قليل بسـالـم قلب هذا البيت فقال: أبا مسلم
على الملك الجبار يقتحم الردى ويصرعه في المأزق المتلاحم
كأنك لم تسمع بقتـل مـتـوج عظيم ولم تسمع بفتك الأعاجم
تقسم كسرى رهطه بسيوفهـم وأمسى أبو العباس أحلام نائم يعني الوليد بن يزيد:
وقد كان لايخشى انقـلاب مـكـيدة عليه ولاجري النـحـوس الأشـائم
مقيما على اللذات حتـى بـدت لـه وجوه المنايا حاسرات الـعـمـائم
وقـد تـرد الأيام غـرا وربـمــا وردن كلوحـا بـاديات اشـكـائم
ومروان قد دارت على رأسه الرحى وكان لما أجرمت نزر الـجـرائم
فأصبحت تجري سادرا في طريقهم ولاتتقي أشبـاه تـلـك الـنـقـائم
تجردت للإسلام تغـفـو سـبـيلـه وتعري مطاه ببيوث الـضـراغـم
فمازلت حتى استنصر الدينـأهـلـه عليك فعاذزا بالسيوف الـصـوارم
فرم وزرا ينـجـيك يابـن سـلامة فلست بناج من مـضـيم وضـائم جعل موضع يابن سلامة يابن وشيكة وهي أم أبي مسلم:
لحا الله قوما رأسوك عـلـيهـم ومازلت مرؤوسا خبيث المطاعم
أقول لبـسـام عـلـيه جـلالة غدا أريحيا عاشقا للـمـكـارم
من الفاطميين الدعاة إلى الهـدى جهارا ومن يهديك مثل ابن فاطم هذا البيت الذي خافه و حذفه بشار من الأبيات:
سراج لعين المستضـيء وتـارة يكون ظلاما للعدو الـمـزاحـم
إذا بلغ الرأي المشورة فاستـعـن برأي نصيح أو نصـيحة حـازم
ولاتجعل الشورى عليه غضـاضة فإن الخوافي قـوة لـلـقـوادم
وماخير كف أمسك الغل أختـهـا وماخير سـيف لـم يؤيد بـقـائم
وخل الهوينا للضعيف ولاتـكـن نؤوما فإن الحزم لـيس بـنـائم
وحارب إذا لم تعـط إلا ظـلامة شبا الحرب خير من قبول المظالم قال محمد بن يحيى: فحدثني الفضل بن الحباب قال سمعت أبا عثمان المازني يقول سمعت أبا عبيدة يقول: ميمية بشار هذه أحب إلي من ميميتي جرير والفرزدق.
قال محمد: وحدثني ابن الرياشي قال حدثني أبي قال: حديث بشار في المشورة
قال الأصمعي قلت لبشار: يا أبا معاذ، إن الناس يعجبون من أبيتك في المشورة؛ فقال لي: يا أبا سعيد، إن المشاور بين صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك في مكروهه؛ فقلت له: أنت والله في قولك هذا أشعر منك في شعرك.
بشار والمعلي بن طريف
حدثني الحسن بن علي قال حدثنا الفضل بن محمد اليزيدي عن إسحاق وحدثني به محمد بن مزيد بن أبي الأزهر عن حماد عن أبيه قال: كان بشار جالسا في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن، فقال بعض موالي المهدي لمن حضر: ماعندكم في قول الله عز وجل: وأوحى ربك إلى النحل أن أتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر فقال له بشار: النحل التي يعرفها الناس؛ قال هيهات يا أبا معاذ، النحل: بنو هاشم، وقوله: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس يعني العلم؛ فقال له بشار: أراني الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم، فقد أوسعتنا غثاثة ؛ فغضب وشتم بشارا؛ وبلغ المهدي الخبر فدعا بهما فسألهما عن القصة، فحدثه بشار بها؛ فضحك حتى أمسك بطنه، ثم قال للرجل: أجل فجعل طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم، فإنك بارد غث. وقال محمد بن مزيد في خبره: إن الذي خاطب بشارا بهذه الحكاية وأجابه عنها من موالي المهدي المعلى بن طريف.
بشار ويزيد بن منصور الحميري
أخبرنا الحسين بن يحيى عن حماد بنإسحاق عن أبيه قال:
صفحة : 293
دخل يزيد بن منصور الحميري على المهدي وبشار بين يديه ينشده قصيدة امتدحه بها؛ فلما فرغ منها أقبل عليه يزيد بن منصور الحميري، وكانت فيه غفلة، فقال له: ياشيخ، ماصناعتك? فقال: فقال: أثقب اللؤلؤ؛ فضحك المهدي ثم قال لبشار: أعزب ويلك؛ أتتنادر على خالي فقال له: وماأصنع به يرى شيخا أعمى ينشد الخليفة شعرا ويسأله عن صناعته ترك جواب رجل عاب شعره للؤمه
أخبرني الحسين عن حماد عن أبيه قال: وقف على بشار بعض المجان وهو ينشد شعرا؛ قال له: استر شعرك كما تستر عورتك؛ فصفق بشار بيديه وغضب وقال له: قال: أنا أعزك الله رجل من باهلة، وأخوالي من سلول، وأصهاري عكل، واسمي كلب، ومولدي بأضاخ، ومنزلي بنهر بلال، فضحك بشار ثم قال: اذهب ويلك فأنت عتيق لؤمك، قد علم الله أنك استترت مني بحصون من حديد وصف قاص قصرا كبيرا في الجنة فعاب
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني الفضل بن سعيد قال حدثني أبي قال: مر بشار بقاص بالبصرة فسمعه يقول في قصصه: من صام رجبا وشعبان ورمضان بنى الله له قصرا في الجنة صحنه ألف فرسخ في مثلها وعله ألف فرسخ وكل باب من أبواب بيوته ومقاصره عشرة فراسخ في مثلها، قال: فالتفت بشار إلى قائده. فقال: بئست والله الدار هذه في كانون الثاني.
سمع صخبا في الجيران فقال
كأن القيامة قامت:
قال الفصل بن سعيد وحدثني رجل من أهل البصرة ممن كان يتزوج بالنهاريات قال: تزوجت امرأة منهن فاجتمعت معها في علو بيت وبشار تحتنا، أو كنا في أسفل البيت وبشار في علوه مع امرأة، فنهق حمار في الطريق فأجابه حمار في الجيران وحمار في الدار فارتجت الناحية بنهيقها، وضرب الحمار الذي في الددار الأرض برجله وجعل يدقها بها دقا شديدا فسمعت بشارا يقول للمرأة: نفخ -يعلم الله-في الصور وقامت القيامة أماتسمعين كيف يدق أهل القبور حتى يخرجوا منها قال: ولم يلبث أن فزعت شاة كانت في السطح فقطعت حبلها وعدت فألقت طبقا وغضارة إلى الدار فانكسرا، وتطاير حمام ودجاج كن في الدار لصوت الغضارة وبكى صبي في الدار؛ فقال بشار: صح والله الخبر ونشر أهل القبور من قبورهم أزفت-يشهد الله-الآزفة وزلزلت الأرض زلزالها؛ فعجبت من كلامه وغاظني؛ فسألت من المتكلم? فقيل لي: بشار، فقلت: قد علمت أنه لايتكلم بمثل هذا غيربشار.
نكتة له مع رجل رمحته بغلة فشكرالله
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد جدار قال حدثني قدامة بن نوح قال: مربشار برجل قد رمحته بغلة وهو يقولك الحمد لله شكرا، فقال له بشار: استزده يزدك. قال: ومر به قوم يحملون جنازة وهم يشرعون المشي بها، فقال: مالهم مسرعين أتراهم سرقوه فهم يخافون أن يلحقوا فيؤخذ منهم.
مات ابن له فرثاه
أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه عن عافية بن شبيب، وأخبرني به وكيع عن محمد بن عمر بن محمد بن عبد الملك عن الحسن بن جمهور، قالا: توفي ابن لبشار فجزع عليه؛ فقيل له: أجر قدمته، وفرط افترطته، وذخر أحرزته، فقال: ولد دفنته، وثكل تعجلته، وغيب وعدته فانتظرته؛ والله لئن لم أجزع للنقص لاأفرح للزيادة. وقال يرثيه:
أجارتنا لاتجـزعـي وأنـيبـي أتاني من الموت المطل نصيبي
بني على رغمي وسخطي رزئته وبدل أحجـار وجـال قـلـيب
وكان كريحان الغصون تخـالـه ذوي بعد إشارق يسر وطـيب
أصيب بني حين أورق غصنـه وألقى علي الهم كـل قـريب
عجبت إسراع المنـية نـحـوه وماكان لومليتـه بـعـجـيب نوادره
أخبرني يحيى بن علي قالذكر عافية بن شبيب عن أبي عثمان الليثي، وحدثني به الحسن بن علي عن ابن مهروية عن أبي مسلم، قلا: رفع غلام بشار إليه في حساب نفقته جلاء مرآة عشرة دراهم، فصاح به بشار وقال: والله مافي الدنيا أعجب من جلاء مرآة أعمى بعشرة دراهم، والله لو صدئت عين الشمس حتى يبقى العالم في ظلمة مابلغت أجره من يجلوها عشرة دراهم.
صفحة : 294
أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال حدثنا أبو معاذ النميري قال: قلت لبشار: لم مدحت يزيد ين حاتم ثم هجوته? قال: سألني أن أنيكه فلم أفعل؛ فضحكت ثم قلت: فهو كان ينبغي له أن يغضب، فما موضغ الهجاء فقال: أظنك تحب أن تكون شريكه؛ فقلت: أعوذ بالله من ذلك ويلك سئل عن شعره الغث فأجاب
حدثني الحسن بن علي قالحدثنا ابن مهروية قال حدثنا أحمد بن خلاد، وأخبرنا يحيى بن علي ومحمد بن عمران الصيرفي، قلا حدثنا العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد قال حدثني أبي قالت قلت لبشار: إنك لتجيء بالشي الهجين المتفاوت، قال: وماذاك? قال قلت: بينما تقول شعرا تثير به النقع وتخلع به القلوب، مثل قولك:
إذا ماغضبنا غـضـبة مـضـرية هتكنا حجاب الشمي أو تمطر الدما
إذا ماأعرنـا سـيدا مـن قـبـيلة ذرى منبر صلى علينا وسـلـمـا تقول:
ربـابة ربة الـبـيت تصب الخل في الزيت
لها عشر دجـاجـات وديك حسن الصـوت فقال: لكل وجه وموضع، فالقول الأول جد، وهذا قلته في ربابة جارتي، وأنا لاآكل البيض من السوق، وربابة هذه لها عشر دجاجات وديك فهي تجمع لي البيض وتحفظه عندها، فهذا عندها من قولي أحسن من:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل عندك.
غنني للغريض يابن قنان فقيل له: من ابن قنان هذا، لسنا نعرفه من مغني البصرة? قال: وماعليكم منه ألكم قبلة دين فتطالبوه به، أو ثأر تريدون أن تدركوه، أو كفلت لكم به فإذا غاب طالبتموني بإحضاره? قالوا: ليس بيننا وبينه شيء من هذا، وإنما أردنا أن نعرفه، فقال: هو رجل يغني لي ولايخرج من بيتي؛ فقالوا له: إلى متى? قال: مذ يوم ود إلى يوم يموت. قال: وأنشدنا أيضا في هذه القصيدة:
........ ووافـــــــا ني هلال السماء في البردان فقلنا: يا أبا معاذ. أين البردان هذا? لسنا نعرفه بالبصرة، فقال: هو بيت في بيتي سميته البردان، أفعليكم من تسميتي داري وبيوتها شيء فتسألوني عنه حدثني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثني أبو غسان دماذ-واسمه رفيع بن سلمة - قال حدثني يحيى بن الجون العبدي راوية بشار قال: كنا عند بشار يوما فأنشدنا قوله:
وجارية خلقت وحـدهـا كأن النساء لديهـا خـدم
دوار العذارى إذا زرنهـا أطفن بحوراء مثل الصنم
ظمئت إليها فلنم تسقـنـي بري ولم تشفني من سقـم
وقالت هويت فمت راشدا كما مات عروة غما بغـم
فلما رأيت الهوى قاتـلـي ولست بجارولابابـن عـم
دسست إليها أبا مـجـلـز وأي فتى إن أصاب اعتزم
فمازال حتى أنابـت لـه فراح وحل لنا مـاحـرم فقال له رجل: ومن أبو مجلز هذا يا أبا معاذ? قال: وماحاجتك إليه لك عليه دين أو تطالبه بطائله هو رجل يتردد بيني وبين نعارفي في رسائل. قال: وكان كثيرا مايحشو شعره بمثل هذا.
شعره في قينة
أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كانت بالبصرة قينة لبعض ولد سليمان بن علي وكانت محسنة بارعة الظرف، وكان بشار صديقا لسيدها وداحا له، فحضر مجلسه يوما والجارية تغني؛ فسر بحضوره وشرب حتى سكر ونام، ونهض بشار؛ فقالت: يا أبا معاذ، أحب أن أتذكر يومنا هذا في قصيدة ولاتذكر فيها اسمي ولا اسم سيدي وتكتب بها إليه؛ فانصرف وكتب إليه:
وذات دل كأن البدر صـورتـهـا باتت تغني عميد القلب سكـرانـا:
إن العيون التي في طرفهـا حـور قتلننا ثـم لـم يحـيين قـتـلانـا
فقلت أحسنت يا سؤلي ويا أمـلـي فأسمعيني جزاك الله إحـسـانـا:
يا حبذا جبل الـريان مـن جـبـل وحبذا ساكن الـريان مـن كـانـا
قالت فهلا، فدتك النفس، أحسن من هذا لمن كان صب العين أحـيانـا
فقلت أحسنت أنت الشمس طالـعة أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا
فأسمعيني صوتا مطربـا هـزجـا يزيد صبا محبا فـيك أشـجـانـا
صفحة : 295
ياليتني كنت تفـاحـا مـفـلـجة أو كنت من قضب الريحان ريحانا
حتى إذا وجدت ريحي فأعجبـهـا ونحن في خلوه مثلث إنـسـتـا
فحركت عودها ثم انثنت طـربـا تشدو به ثم لاتخفيه كـتـمـانـا:
أصبحت أطوع خلق الله كـلـهـم لأكثر الخلق لي في الحب عصيانا
فقلت أطربتنا يازين مجـلـسـنـا فهات إنك بـالإحـسـان أولانـا
لو كانت أعلم أن الحب يقتلـنـي أعددت لي قبل أن ألقاك أكفـانـا
فغنت الشرب صوتا مؤنقا رمـلا يذكي السرور ويبكي العين ألوانا:
لا يقتل الله من دامـت مـودتـه والله يقتل أهل الغـدر أحـيانـا ووجه بالأبيات إليها، فبعث إليه سيدها بألفي دينار وسر بها سرورا شديدا أغضبه أعرابي عند مجزأة فهجاه
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني الحسن بن عليل قال حدثني علي بن منصور أبو الحسن الباهلي قال حدثني أبو عبد الله المقرىء الجحدري الذي كان يقرأ في المسجد الجامع بالبصرة، قال: دخل أعرابي على مجزأة بن ثور السدوسي وبشار عنده وعليه بزة الشعراء، فقال الأعرابي: من الرجل? فقالوا: رجل شاعر؛ فقال: أمولى هو أم عربي? قالوا: بل مولى؛ فقال الأعرابي: وما للموالي وللشعر? فغضب بشار وسكت هنيهة، ثم قال: أتأذن لي أبا ثور? قال: قل ما شئت يا أبامعاذ؛ فأنشأ بشار يقول:
خليلي لاأنام على اقـتـسـار ولاآبى على مولـى وجـار
سأخبر فاخر الأعراب عنـي وعنه حين تأذن بالـفـخـار
أحيس كسيت بعد العري خـزا ونادمت الكرام على العقـار
تفاخـر ياابـن راعـية وراع بني الأحرار حسبك منخسـار
وكنت إذا طمئت إلـى قـراح شركت الكلب في ولغ الإطار
تريغ بخطبة كسر المـوانـي وينسيك المكارم صـيد فـار
وتغدو للقـنـافـذ تـدريهـا ولم تعـقـل بـدراج الـديار
وتتشح الشمال لـلابـسـيهـا وترعى الضأن بالبلد القفـار
مقامك بيننا دنـس عـلـينـا فليتك غائب فـي حـر نـار
وفخرك بين خنزير وكـلـب على مثلي من الحدث الكبـار فقال مجزأة للأعرابي: قبحك الله? فأنت كسبت هذا الشر لنفسك ولأمثالك?.
خشي لسانه حاجب محمد بن سليمان
فأذن له بالدخول:
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني العنزي عن الرياشي قال: حضر بشار باب محمد بن سليمان، فقال له الحاجب: اصبر؛ فقال: إن الصبر لايكون إلا علي بلية؛ فقال له الحاجب: إني أظن أن وراء قولك هذا شرا ولن أتعرض له، فقم فادخل
بشار وهلال الرأي
أخبرني وكيع قال حدثنا أبو أيوب المديني عن محمد بن سلام قال: قال هلال الرأي -وهوهلال بن عطية-لبشار وكان صديقا يمازحه: إن الله لم يذهب بصر أحد إلا عوضه بشيء، فماعوضك? قالل: الطويل العريض؛ قال: وماهذا? قال: ألا أراك ولاأمثالك من الثقلاء. ثم قال له: ياهلال أتطيعني في نصيحة أخصك بها? قال نعم؛ قال: إنك كنت تسرق الحمير زمانا ثم تبت وصرت رافضيا، فعد إلى سرقة الحمير، فهي والله خير لك من الرفض قال محمد بن سلام: وكان هلال يستثقل، وفيه يقول لبشار:
وكيف يخف لي بصري وسمعي وحولي عسكران من الثـقـال
قعودا حول دسكرتي وعـنـدي كأن لهم على فـضـول مـال
إذا ماشئت صبحـنـي هـلال وأي الناس أثقل مـن هـلال وأخبرني أبو دلف الخزاعي بهذا الخبر عن يسى بن اسماعيل عن ابن عائشة، فذكر أن الذي خاطب بشارا بهذه المخاطبة ابن سيابة، فلما أجابه بشار بالجواب المذكور، قال له: من أنت? قال: ابن سيابة؛ فقال له: ياابن سيابة، لو نكح الأسد ماالفترس؛ قال: وكان يتهم بالأبنة ذم أناسا كانوا مع ابن أخيه: قال أيوب وحدثني محمد بن سلام وغيره قالوا: مر ابن أخي بشار به ومعه قوم؛ فقال لرجل معه: من هذا? فقال: ابن أخيك؛ قال: أشهد أن أصحابه أنذال؛ قال: وكيف علمت? قال: ليست لهم نعال
صفحة : 296
كان دقيق الحسك أخبرنا محمد بن علي قال حدثني عافية بن شبيب عن أبي دهمان الغلابي، قال: مررت ببشار يوما وهو جالس على بابه وحده وليس معه خلق وبيده مخصرة يلعب بها وقدامه طبق فيه تفاح وأترج، فلما رأيته وليس عنده أحد تاقت نفسي إلى أن أسرق ما بين يديه، فجئت قليلا قليلا وهو كاف يده حتى مددت يدي لأتناول منه، فرفع القضيب وضرب به يدي ضربة حتى كاد يكسرها، فقلت له قطع الله يدك يا ابن الفاعلة، أنت الآن أعمى? فقال: يا أحمق، فأين الحدس.
حديثه مع نسوة أخذن شعره لينحن به
أخبرني يحيى بن علي قال حدثني العنزي قال حدثني خالد بن يزيد بن وهب بن جرير عن أبيه قال: كان لبشار في داره مجلسان: مجلي يجلس فيه بالغداة يسميه البردان ومجلس يجلس فيه بالعشي اسمه الرقيق فأصبح ذات يوم فاحتجم وقال لغلامه: أمسك على بابي واطبخ لي من طيب طعامي وصف نبيذي. قال: فإنه لكذلك إذ قرع لباب قرعا عنيفا؛ فقال: ويحك ياغلام؛ انظر من يدق الباب دق الشرط؛ قال: فنظر الغلام، فقال له: نسوة خمس بالباب يسألن أن تقول لهن سعرا ينحن به؛ فقال: أدخلهن، فلما دخلن نظرن إلى النبيذ مصفى في قنانيه في جانب بيته؛ قال: فقالت واحدة منهن: هو خمر، وقالت الأخرى: هو زبيب وعسل؛ وقالت الثالثة: نقيع زبيب؛ فقال: لست بقائل لكن حرفا أو تطعمن من طعامي وتشربن من شرابي؛ قال: فتماسكن ساعة، ثم قالت واحدة منهن: ماعليكن? هو أعمى فكلن من طعامه واشربن من شرابه وخذن شرعه؛ فبلغ ذلك الحسن البصري فعابه وهتف بشار؛ فبلغه ذلك -وكان بشار يسمى الحسن البصري القس-فقال:
لما طلعن مـن الـرقـي ق علي بالبردان خمسـا
وكـأنـهــن أهـــلة تحت الثياب زففن شمسا
باكرن عطـر لـطـيمة وغمسن في الجادي غمسا صوت
لما طلعن حـفـفـنـهـا وأصخن مايهمسن همسـا
فسألتني من فـي الـبـيو ت فقلت مايؤوين إنـسـا
ليت العـيون الـطـارف ت طمسن عنا اليوم طمسا
فأصبن من طرف الحـدي ث لذاذة وخرجن ملـسـا
لولا تعـرضـهـن لـي ياقس كنت كأنت قـسـا غنى في هذه الأبيات يحيى المكي، ولحنه رمل بالبنصر عن عمرو نهاه مالك بن دينار عن التشبب بالنساء
فقال شعرا:
أخبرنا يحيى قال حدثني العنزي قال حدثنا علي بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد النوفلي-وكان يروي شعر بشار بن برد -قال: جئت بشارا ذات يوم فحدثني، قال: ماشعرت منذ أيام إلا بقارع يقرع بابي مع الصبح، فقلت: ياجارية انظري من هذا، فرجعت إلي وقالت: هذا مالك بن دينار؛ فقلت: ماهو من أشكالي ولاأضرابي، ثم قلت: ائذني له، فدخل فقال: يا أبا معاذ، أتشتم أعراض الناس وتشبب بنسائهم? فلم يكن عندي إلا أن دفعت عن نفسي وقلت: لاأعود، فخرج عني، وقلت في أثره:
غدا مالك بـمـلامـاتـه علي ومابات من بـالـية
تناول خودا هضيم الحشـي من الحور محظوظة عالية
فقلت دع اللوم في حبـهـا فقبلك أعـييت عـذالـية
وإني لأكتمـهـم سـرهـا غداة تقول لها الجـالـية
عبيدة مالـك مـسـلـوبة وكنت معطـرة حـالـيه
فقلت على رقبة: إنـنـي رهنت المرعث خلخالـيه
بمجلس يوم سـأوفـي بـه ولو أجلب الناس أحوالـيه شعره في محبوبته فاطمة
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا العنزي قال حدثني السميدع بن محمد الأزدي قال حدثني عبد الرحمن بن لاجهم عن هشام الكلبي قال: كان أول بدء بشار أنه عشق جارية يقال لها فاطمة ، وكان قد كف وذهب بصره، فسمعها تغني فهويها وأنشأ يقول:
درة بـحـرية مـكـنــونة مازها الناجر من بين الـدرر
عجبت فطمة من نعتي لـهـا هل يجيد النعت مكفوف البصر
أمـتـا بـدد هـذا لـعـبـي ووشاحي حله مكفوف البصر
فدعـينـي مـعـه ياأمــت علنا في خلوة نقضي الوطـر
أقبلت مغضبة تـضـربـهـا واعتراها كجنون مسـتـعـر
صفحة : 297
بأبي والـلـه مـاأحـسـنـه دمع عين يغسل الكحل قطر
أيها النوام هـبـوا ويحـكـم واسألوني اليوم ما طعم السهر عبث به رجل من آل سوار فلم يجبه
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا العنزي قال حدثني خالد بن يويد بن وهب بن جرير قال حدثني أبي عن الحكم بن مخلد بن حازم قال: مررت أنا ورجل من عكل من أبناء سوار بن عبد الله بقصر أوس، فإذا نحن ببشار في ظل القصر وحده، فقال له العكلي: لابد لي من أن أعبث ببشار؛ فقلت: ويحك، مه لاتعرض بنفسك وعرضك؛ فقال: إني لاأجده في وقت أخلي منه في هذا الوقت؛ قال فوقفت ناحية ودنا منه فقال: يابشار؛ فقال: من هذا الذي لايكنيني ويدعوني باسمي? قال: سأخبرك من أنا، فأخبرني أنت عن أمل: أولدتك أعمى أم عميت بعدما ولدتك? قال: وماتريد إلى ذلك? قال: وددت أنه فسح لك في بصرك ساعة لتنظر إلى وجهك في المرآة، فعسى أن تمسك عتن هجاء الناس وتعرف قدرك؛ فقال: ويحكم ? من هذا? أما أحد يخبرني من هذا? فقال له: على رسلك، أنا رجل من عكل وخالي يبيع الفحم بالعبلاء فما تقدر أن تقول لي? قال: لاشيء اذهب، بأبي أنت، في حفظ الله.
مدح خالد البرمكي
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني هارون علي بن يحيى المنجم قال حدثني علي بن مهدي قال حدثني العباس بن خالد البرمكي قال: كان الزوار يسمون في قديم الدهر إلى أيام خالد بن برمك السؤال؛ فقال خالد: هذا والله اسم استثقله لطلاب الخير، وأرقع قدر الكريم عن أن يسمي به أمثال هؤلاء المؤملين، لأن فيهم الأشراف والأحرار وأبناء النعيم ومن لعله خير ممن يقصد وأفضل أدبا، ولكنا نسميهم الزوار؛ فقال بشار يمدحه بذلك:
حذا خالد في فعله حذو برمك فمجد له مستطرف وأصـيل
وكان ذوو الآمال يدعون قبله بلفظ على الإعدام فيه دلـيل
يسمون بالسؤال في كل موطن وإن كان فيهم نابة وجـلـيل
فسماهم الزوار سترا عليهـم فأستاره في المجتدين سـدول قال: وقال بشار هذا الشعر في مجلس خالد في الساعة التي تكلم خالد بهذا الكلام في أمر الزوار، فأعطاه لكل بيت ألف درهم.
بشار وصديقه تسنيم بن الحواري
أخبرني عمي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أبو شبل عاصم بن وهب قال: نهق حمار ذات يوم بقرب بشار، فخطر بباله فقال:
ماقام أير حمار فامتلا شبـقـا إلا تحرك عرق في است تسنيم قال: ولم يرد تسنيما بالهجاء؛ ولكنه لما بلغ إلى قولهك إلا تحرق عرق قال: في است من? ومر به تسنيم بن الحواري وكان صديقه، فسلم عليه وضحك، فقال: في است تسنيم علم الله؛ فقال له: أيش ويحك?? فأنشده البيت؛ فقال له: عليك لعنة الله? فما عندك فرق بين صديقك وعدزك، أي شيء حملك على هذا? ألا قلت: في است حماد الذي هجاك وفضحك وأعياك، ووليست قافيتك على الميم فأعذرك? قال: صدقت والله في هذا كله، ولكن مازلت أقول: في است من? في است من? ولايخطر ببالبي أحد حتى مررت وسلمت فرزقته؛ فقال له تسنيم: إذا كان هذا جواب السلام عليك فلا سلم الله عليك ولاعلي حين سلمت عليك؛ وجعل بشار يضحك ويصفق بيديه وتسنيم يشتمه.
أخبرنا عيسى بن الحسين قال حدثنا علي بن محمد النوفلي عن عمه قال: قالت امرأة لشار: ماأدري لم يهابك الناس مع قبح الله وجهك? فقال لها بشار: ليس من حسنه يهاب الأسد الملاحاة بينه وبين عقبة بن رؤية في حضرة عقبة بن سلم: أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنتا عمر بن شبة قالحدثنا محمد بن الحجاج قال: دخل بشار على عقبة بن سلم، فأنشده بعض مدائحه فيه زعنده عقبة بن رؤبة ينشده رجزا يمدحه به، فسمعه بشار وجعل يستحسن ماقال إلى أن فرغ؛ ثم أقبل على بشار فقال: هذا طراز لاتحسنه أنت يا أبا معاذ؛ فقال له بشار: ألي يقال هذا? أنا والله أرجز منك ومن أبيك وجدك؛ ارحمهم رحمك الله ? فقال عقبة: أتستخف بي يا أبا معاذ وأنا شاعر ابن شاعر? فقال له بشار: فأنت إذا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؛ ثم خرج من عنده عقبة مغضبا. فلما كان من غد غدا على عقبة بن سلم وعنده عقبة بن رؤية، فأنشده أرجوزته التي مدحه فيها:
صفحة : 298
ياطل الحي بذات الـصـمـد بالله خبر كيف كنت بعـدي
أوحشت من دعد وترب دعـد سقيا لأسمـاء ابـنة الأشـد
قامت تراءى إذ رأتني وحدي كالشمس تحت الزبرج المنقذ
صدت بخد وجلت عـن خـد ثم انثنت كالنفس الـمـرتـد
فنحن من جهد الهوى في جهد وزاهر من سبـط وجـعـد
أهدى له الدهر ولم ستـهـد أفواف نور الحبر المـجـد
يلقى الضحى ريحانه بسجـد بدلت من ذاك بمى لايجـدي
وافق حظا من سعى بـجـد ماضر أهل النو ضعف الجد
الحر يلحى والعصا للعـبـد وليس للملحف مثـل الـرد
والنصف يكفيك من التعـدي وصاحب كالدمل الـمـمـد
حملته في رقعة من جلـدي أرقب منه مثـل يوم الـورد
حتى مضر غير فقيد الفـقـد ومادرى مارغبتي من زهدي
اسلم وحـييت أبـا الـمـلـد مفتاح باب الحدث المنـسـد
مشترك النيل وري الـزنـد أغر لباس ثياب الـحـمـد
ماكان مني لـك غـير الـود ثم ثناه مـثـل ريح الـورد
نسجته في محكمـات الـنـد فالبس طرازي غير مستـرد
للـه أيامـك فـي مـعــد وفي بني قحطان غير عـد
يوما بذي طخفة عند الـحـد ومثله أودعت أرض الهنـد
بالمرهفات والحديد الـسـرد والمقربات المبعدات الجـرد
إذا الحيا أكدى بها لاتـكـدي تلحم أمرا وأمورا تـسـدي
وابن حكـيم إن أتـاك يردي أصم لايسمع صوت الرعـد
حييته بـتـحـفة الـمـعـد فانهد مثل الجبل المـنـهـد
كل امرىء رهن بمـا يؤدي ورب ذي تاج كريم الـجـد
كآل كـسـرى وكـآل بـرد أنكب جاف عن سبيل القصد
فصلته عن ماله والـولـد فطرب عقبة بن سلم وأجزل صلته، وقام عقبة بن رؤبة فخرج عن المجلس بخزي، وهرب من تحت ليلته فلم يعد إليه.
وذكر لي أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي هذا الخبر عن الجاحظ، وزاد فيه الجاحظ قال: فانظر إلى سوء أدب عقبة بن رؤية وقد أجمل بشار محضره وعشرته، فقابله بهذه المقابلة القبيحة، وكان أبوه أعلم خلق الله به، لأنه قال له وقد فاخره بشعره: أنت يابني ذهبان الشعر إذا مت مات شعرك معك، فلم يوجد من يرويه بعدك؛ فكان كما قال له، مايعرف به بين واحد ولاخبر غير هذا الخبر القبيح الإخبار عنه الدال على سخفه وسقوطه وسوء أدبه.
كان يهوى امرأة من البصرة
وقال فيها الشعر لما رحلت:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا أبو غسان دماذ قال حدثنا أبو عبيدة قال: كان بشار يهوى امرأة من أهل البصرة ثقال لهاعبيدة، فخرجت عن البصرة إلى عمان مع زوجها، فقال بشار فيها: صوت
هوى صاحبي ريح الشمـال وأشفى لقلبي أن تهب جنوب
وماذاك إلا أنها حين تنتـهـي تناهى وفبها من عبيدة طيب
عذيري من العذال إذ يعذلونني سفاها وما في العاذلين لبيب صوت
يقولون لو عزيت قلبك لارعوى فقلت وهل للعاشقين قـلـوب
إذا نطق القوم الجلوس فإننـي مكب كأني في الجميع غريب بشار زأبو الشمقمق: أخبرني هاشم قال حدثني دماذ حدثني رجل من الأنصار قال: جاء أبو الشمقمق إلى بشار يشكو إليه الضيقة ويحلف له أنه ماعنده شيء؛ فقال له بشار: والله ماعندي شيء يغنيك ولكن قم معي إلى عقبة بن سلم، فقام معه فذكر له أبا الشمقمق وقال: هو شاعر وله شكر وثناء، فأمر له بخمسمائة درهم؛ فقال له بشار:
ياواحد العرب الـذي أمسى وليس له نظير
لوكان مثلـك آخـر ماكان في الدنيا فقير فأمر للبشار بألفي درهم، فقال له أبو الشمقمق: نفعتنا ونفعناك يا أبا معاذ، فجعل بشار يضحك.
بشار وأبو جعفر المنصور
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال دحثنا زكريا بن يحيى أبو السكين الطائي قال حدثني زحر بن حصن قال:
صفحة : 299
حج المنصور فاستقبلناه بالرضم الذي بين زبالة والشقوق، فلما رحل من الشقوق رحل أبو السكين فلم يركب القبة وركب نجيبا فسار بيننا، فجعلت الشمس تضحك بين عينيه، فقال: إني قائل بيتا فمن أجازه وهبت له جبتي هذه؛ فقلنا: يقول أمير المؤمنين، فقال:
وهاجرة نصبت لها جبينـي يقطع ظهرها ظهر العظاية فبدر بشار الأعمىفقال:
وقفت بها القلوص ففاض دمعي على خدي وأقصر واعظـاية فنزع الجبة وهو راكب فدفعها إليه. فقلت لبشار بعد ذلك: مافعلت بالجبة? فقال بشار: بعتها والله بأربعمائة دينار كان له شعر غث يعير به
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني علي بن محمد النوفلي قالحدثني عبد الرحمن بن العباس بن الفضل بن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن أبيه قال: كان بشار منقطعا إلي وإلى إخوتي فكان يغشانا كثيرا، ثم خرج إبارهيم بن عبد الله فخرج معه عدة منا، فلما قتل إبرايهم توارينا، وحبس المنصور منا عدة من إخوتي، فلما ولي المهدي أمن الناس جميعا وأطلق المحبوسين، فقدمت بغداد أناوإخوتي نلتمس أمانا من المهدي، وكان الشعراء يجلسون بالليل في مسجد الرصافة ينشدون ويتحدثون، فلم أطلع بشارا على نفسي إلا بعد أن أظهر لنا المهدي الأمان، وكتب أخي إلى خليفته بالليل، فصحت به: يا أبا معاذ من الذي يقول:
أحب الخاتم الأحم ر من حب مواليه فأعرض عني وأخذ في بعض إنشاده شعره، ثم صحتك يا أبا معاذ من الذي يقول:
إن سلمى خلقت من قصـب قصب السكر لاعظيم الجمل
وإذا أدنيت منـهـا بـصـلا غلب المسك على ريح البص فغضب وصاح: من الذي يقرعنا بأشياء كنا نعبث بها في الحداثة فهو يعيرنما بها? فتركته ساعة ثم صحت به: يا أبا معاذ من الذي يقول:
أخشاب حقا أن دارك تزعج وأن الذي بيني وبينك ينهج فقال: ويحك ? عن مثل هذا فسل، ثم أنشدها حتى أتى على آخرها، وهي من جيد شعره، وفيه غناء: صوت
فواكيدا قد أنضج الشوق نصفهـا ونصف على نار الصبابة ينضج
وواحزنا منهن يخففـن هـودجـا وفي الهودج المحفوف بدر متوج
فإن جئتها بين النساء فقـل لـهـا عليك سلام مـات مـن يتـزوج
بكيت ومافي الدمع منك خـلـيفة ولكن أحزاني علـيك تـوهـج الغناءلسليم بن سلام رمل بالوسطى. ووجدت هذا الخبر بخط ابن مهروية فذكر أنه قالهذه القصيدة في امرأة كانت تغشى مجلسه وكان إليها مائلا يقال لهاخشابة، فارسية، فزوجت وأخرجت عن البصرة أنشده أبو النضير شعره فاستحسنه
أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثني أبو حاتم: قال أبو النضير الشاعر: أنشدت بشارا قصيدة لي، فقاللي: أيجيئك شعرك هذا كلما شئت أم هذا شيء يجيئك في الفينة بعد الفينة إذا تعملت له? فقلت: بل هذا شعر يجيئني كلما أردته؛ فقال لي: قل فإنك شارع؛ فقلت له: لعلك حابيتني أبا معاذ وتحملت لي؛ فقال: أنت أبقاك الله أهون علي من ذلك.
حاول تقبيل جارية لصديق له
وقال شعرا يعتذر فيه عن ذلك: أخبرني عمي قال حدثنا الكراني عن العمري عن عباس بن عباس الزنادي عن رجل من باهلة قال: كنت عند بشار الأعمى فأتاه رجل فسلم عليه، فسأله عن خبر جارية عنده وقال: كيف ابنتي? قال: في عافية تدعوك اليوم؛ فقال بشار: ياباهلي انهض بنا، فجئنا إلى منزل نظيف وفرش سري، فأكلنا، ثم جيء بالنبيذ فشربنا مع الجارية، فلما أراد الانصراف قامت فأخذت بيد بشار، فلما صارا في الصحن أومأ إليها ليقبلها، فأرسلت يدها من يده، فجعل يجول في العرصة؛ وخرج المولى فقال: مالك يا أبا معاذ? فقال: أذنبت ذنبا ولاأبرح أو أقول شعرا، فقال:
أتوب إلـيك مـن الـسـيئات واستغفر الله من فعـلـتـي
تناولـت مـالـم أرد نـيلـه على جهل أمري وفي سكرتي
ووالـلـه مـاجـــئتـــه لعمد ولاكان من هـمـتـي
وإلا فـمـت إذا ضـائعــا وعذبني الله فـي مـيتـتـي
فما نال خيرا عـلـى قـبـلة فلا بارك الله في قبـلـتـي كتب شعرا على باب عقبة يستنجزه وعده
صفحة : 300
اخبرنا هاشم بن محمد الزاعي قال حدثنا الرياشي عن الصمعي قال: لما أنشد بشار أرجوزته:
ياطلل الحي بذات الصمد أبا الملد عقبة بن سلم أمر له بخمسين ألف درهم، فأخرها عنه وكيله ثلاثة أيام، فأمر غلامه بشار أن يكتب علي باب عقبة بن نافع عن يمين الباب:
مازال مامنيتني مـن هـمـي والوعد غم فأزح من غمـي
إن لم ترد حمدي فراقب ذمي فلما خرج عقبة رأى ذلك، فقال: هذه من فعلات بشار، ثم دعا بالقهرمان، فقال: هل حملت إلى بشار ماأمرت له به.? فقال: أيها الأمير نحن مضيقون وغدا أحملها إليه؛ فقال: زد فيها عشرة آلاف درهم واحملها إليه الساعة؛ فحملها من وقته.
نهي المهدي له عن التشبيب بالنساء
وسبب ذلك:
أخبرني هاشم قال حدثنا أبو غسان دماذ قال: سألت أبا عبيدة عن السبب الذي من أجله نهى المهدي بشارا عن ذكر النساء قال: كان أول ذلك استهتارا نساء البصرة وسبانها بشعره، حتى قال سةار بن عبد الله الأكبر ومالك بن دينار؛ ماشيء أدعى لأهل هذه المدينة إلى الفسق من أشعار هذا الأعمى؛ ومازالا يعظانه؛ وكان واصل بن عطاء يقول: إن من أخدع حبائل الشيطان وأغواها لكلمات هذا الأعمى الملحد. فلما كثر ذلك وانتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهدي، وأنشد المهدي مالمدحه به، نهاه عن ذكر النساء وقول التشبيب، وكان المهدي من أشد الناس غيرة؛ قال: فقلت له: ماأحسب شعر هذاأبلغ في هذه المعاني من شعر كثير وجميل وعروة بن جزام وقيس ين ذريح وتلك الطبقة؛ فقال: ليس كل من يسمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشار يقارب النساء حتى لايخفى عليهن مايقول ومايري، وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها، فكيف بالمرأة الغزلة والفتاة التي لاهم لها إلا الرجال ثم أنشد قوله:
قد لامـنـي فـي خـلـيلـتـــي عـــمـــر والـنـوم فـي غـير كـنـهـن صـــجـــر
قال أفـق قـلـت لا فـــقـــال بـــلـــى قد شـاع فـي الـنـاس مـنـكـمـا الـخـبــر
قلت وإذ شاع مااعتذارك مما ليس لي فيه عندهم عذر
ماذا عليهم ومالهم خرسوا لوأنـهـم فـي عـيوبــهـــم نـــظـــروا
أعــشـــق وحـــدي ويؤخـــذون بـــه كالـتـرك تـغـزو فـتـؤخـذ الـــحـــزر
ياعـجـبـا لـلـخـــلاف ياعـــجـــبـــا بفـي الـذي لام فـي الـهـوى الـحــجـــر
حسـبـي وحـسـب الـي كـلــفـــت بـــه منـي ومـنـه الـحـديث والـــنـــظـــر
أو قــبـــلة فـــي خـــلال ذاك ومـــا بأس إذا لـــم تـــحـــل لـــــس الأزر
أو عـضة فــي ذراعـــهـــا ولـــهـــا فوق ذراعـي مـن عــضـــهـــا أثـــر
أو لـمـسة دون مـــرطـــهـــا بـــيدي والـبـاب قـد حـال دونـه الـــســـتـــر
والـسـاق بـراقة مـخـلــخـــلـــهـــا أو مـص ريق وقـد عــلا الـــبـــهـــر
واسـتـرخـت الـكـف لــلـــعـــراك وق لت إيه عـنـي والـدمـع مـــنـــحـــدر
انـهـض فـمـا أنـت كـالـذي زعـــمـــوا أنـــت وربـــي مـــغـــازل أشـــر
قد غـابـت الـيوم عـنـك حـاضـنـــتـــي والـلـه لـي مـنـك فـيك ينـــتـــصـــر
يارب خـذ لـي فـقـد تــرى ضـــرعـــي من فـاسـق جـاء مـــابـــه ســـكـــر
أهـوى إلـى مـعـضـدي فــرضـــضـــه ذو قـوة مـــايطـــاق مـــقـــتـــدر
ألـثـق بـي لـحـية لــه خـــشـــنـــت ذات ســـواد كـــأنـــهـــا الإبــــر
حتـى عـلانـــي وأســـرتـــي غـــيب ويلـي عـلـيهـم لـوأنـهــم حـــضـــروا
أقـسـم بـالـلـه لانـــجـــوت بـــهـــا فاذهـب فـأنـت الـمـسـاور الـظـــفـــر
كيف بـــأمـــي إذا رأت شـــفـــتـــي أم كـيف إن شـاع مـنـك ذا الــخـــبـــر
قد كـنـت أخـشـى الـذي ابـتـلـــيت بـــه منـك فـــمـــاذا أقـــول ياعـــبـــر
قلـت لـهـا عـنــد ذاك ياســـكـــنـــي لابـأس إنــي مـــجـــرب خـــبـــر
قولـي لـهـا بـقة لـــهـــا ظـــفـــر إن كـان فـي الـبـق مـالـــه ظـــفـــر ثم قال له: بمثل هذا الشرع تميل القلوب ويلين الصعب قال دماذ قال لي أبو عبيدة: قال رجل يوما لبشار في المسجد الجامع يعابثه: يا أبا معاذ، أيعجبك الغلام الجادل? فقال غير محتشم ولامكترث: لا، ولكن تعجبني أمه.
ورد على خالد البرمكي بفارس وامتدحه
أخبرني عمي قال حدثنا العنزي قال حدثنا محمد بن سهل عن محمد بن الحجاج
هو أول الشعراء في جملة من اغراض الشعر
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثني أبو الفضل المروزي قال حدثني بن المحرز الباهلي قال قال الأصمعي: لقي أبو عمرو بن العلاء بعض الرواة فقال له: يا أبا عمرو، من أبدع الناسبيتا? قال: الذي يقول:
لم يطل ليلي ولكن لـم أنـم ونفى عني الكرى طيف ألم
روحي عني قليلا واعلمـي أنني ياعبد من لـحـم ودم قال: فمن أمح الناس? قال: الذي يقول:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنـى ولم أدر أن الجود من كفه يعدي
فلا أنا منه ماأفاد ذوو الغـنـى أفدت وأعداني فأتلفت ماعنـدي قال: فمن أهجى الناس? قال: الذي يقول:
رأيت السهيلين استوى الجود فيهما على بعد ذا من ذاك في حكم حاكم
سهيلبن عثمـان يجـود بـمـابـه كما جاد بالوجعا سهيل بن سـالـم قال: وهذه الأبيات كلها لبشار نسبة مافي هذا الخبر من الأشعار التي يغني فيها صوت
لم يطل ليلي ولكن بـم أنـم ونفى عني الكرى طيف ألم
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصمت عن لاونعم
نفسي ياعبد عني واعلـمـي أنني ياعبد من لـحـم ودم
إن في بردى جسما نـاحـلا لو تركأت علـيه لأنـهـدم
حتم الحب لها في عنـقـي موضع الخاتم من أهل الذمم غناه إبراهيم هزجا بالسبابة في مجرى الوسطى عن ابن المكي والهشامي. وفيه لقعنب الأسود خفيف ثقيل. فأما الأبيات التي ذكر أبو عمرو أنه فيها أمدح الناس وأولها:
لمست بكفي كفه أبتغي الغنى فإنه ذكر لبشار. وذكر الزبير بن بكار أنها لابن الخياط في المهدي، وذكر له فيها معه خبرا طويلا قد ذكرته في أخبار ابن الخياط في هذا الكتاب.
هجا صديقه ديسما لأنه يروي هجاءه
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا علي بن مهدي الكسروي قال حدثنا أبو حاتم قال: كان شار كثير الولوع بديسم العنزي وكان صديقا له وهو مع ذلك يكثر هجاءه، وكان ديسم لايزال يحفظ شيئا من شعر حماد وأبي هشام الباهلي في بشار؛ فبلغه ذلك فقال فيه:
أديسم يابن الذئب من نحـل زارع أتروي هجائي سادرا غير مقصر قال أبو حاتم: فأنشدت أبا زيد هذا البيت وسألأته مايقول فيه، فقال: لمن هذا الشعر? فقلت: لبشار يقوله في ديسم العنزي؛ فقال: قاتله الله ماأعلمه بكلام العرب ثم قال: الديسم: ولد الذئب من الكلبة، ويقال للكلاب: أولاد زارع. والعسبار: ولد الضبع من الذئب. والسمع: ولد الذئب من الضبع. وتزعم العرب أ، السمع لايموت حتف أنفه، وأنه أسرع من الريح وإنما هلاكه بعرض من أعراض الدنيا.
مزاحه مع حمدان الخراط
أخبرنا حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال: كان بالبصرة رجل يقال له: حمدان الخراط، فاتخذ جاما لإنسان كان بشار عنده، فسألأه بشار أن يتخذ له لجاما فيه صور طير تطير، فاتخذه له وجاءه به، فقال له: مافي هذا اللجام? فقال: صور طير تطير؛ فقاتل له: قد كان ينبغي أن تتخذ فوق هذه الطير طائرا من الجوارح كأن يريد صيدها، فإنه كان أحسن؛ قال: لم أعلم؛ قال: بلى قد علمت، ولكن علمت أني أعمى لاأبصر شيئا وتهدده بالهجاء، فقال له حمدان: لاتفعل فإنك تندم؛ قال: أو تهددني أيضا قال: نعم؛ قال: فأي شيء تستطيع أن تصنع بي إن هجوتك قال: أصورك على باب داري بصورتك هذه وأجعل من خلفك قردا ينكحك حتى يراك الصادر والوارد؛ قال بشار: اللهم أخزه، أنا أمازحه وهو يأبى إلا الجد مفاخرة جرير بن علي
صفحة : 291
ابن يحيى والحسن بن علي ومحمد بن عمران الصيرفي قالوا: حدثنا العنزي قال حدثني جعفر بن محمد العدوي عن محمد بن سلام قال حدثني مخلد أبو سفيان قال: كان جرير بن المنذر السدوسي يفاخر بشارا؛ فقال فيه بشار:
أمثل بني مـصـر وائل فقدتك من فاخر ماأجن
افي النوم هذا أبا منـذر فخيرا رأيت وخيرا يكن
رأيتك والفخر في مثلها كعاجنة غير ماتطحـن وقال يحيى في خبره: فحدثني محمد بن القاسم قال حدثني عاصم بن وهب أبو شبل الشاعر البرجمي قال حدثني محمد بن الحجاج الساداني قال: كنا عند بشار وعنده رجل ينازعه في اليمانية والمضرية إذ أذن المؤذن، فقال له بشار: رويدا، تفهم هذا الكلام؛ فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قال له بشار: أهذا الذي نودي باسمه مع اسم الله عز وجل من مضر هو أم من صدأ وعك وحمير? فسكت الرجل نقده للشرع: أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي قال أنشد بشار قول الشاعر:
وقد جعل الأعداء ينتقصوننا ونطمع فينا ألسن وعيون
ألا إنما ليلى عصا خيرزانة إذا غـمـزوهـا بــالأكـــف تـــلـــين فقال: والله لو زعم أنها عصا مخ أو عصا زبد، لقد كان جهعلها جافية خشنة بعد أن جعلها عصا ألا قال كما قلت:
ودعجاء المحاجر من معد كأن حديثها ثمر الجنـان
إذا قامت لمشيتها تثـنـت كأن عظامها من خيرزان اعتداده بنفسه
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال أخبرني محمد بن صالح بن الحجاج قال: قلت لبشار: إني أنشدت فلانا قولك:
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربـه فقال لي: ما كنت أظنه إلا لرجل كبير؛ فقال لي بشار: ويلك أفلا قلت له: هو الله لأكبر الجن والإنس وعدته امرأة واعتذرت فعاتبها بشعر
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أبو الشبل عن محمد بن الحجاج قال: كان بشار يهوى امرأة من أهل البصرة فراسلها يسألها زيارته، فوعدته بذلك ثم أخلفته، وجعل ينتظرها ليلته حتى أصبح، فلما لم تأته أرسل إليها يعاتبها فاعتذرت بمرض أصابها؛ فكتب إليها بهذه الأبيات:
ياليلـتـي تـزداد نـكـرا من حب من أحببت بكـرا
حوراء إن نظـرت إلـي ك سقتك بالعينين خـمـرا
وكأن رجـع حـديثـهـا قطع الرياض كسين زهرا
وكأن تحـت لـسـانـهـا هاروت ينفث فيه سحـرا
وتخال ماجمعـت عـلـي ه ثيابها ذهبـا وعـطـرا
وكأنـهـا بـرد الـشـرا ب صفا ووافق منك فطرا
جنــية إنـــســـية أو بين ذاك من أجل أمرا
وكفـاك أنـي لـم أحـط بشكاة من أحببت خـبـرا
إلا مـــقـــالة زائر نثرت لي الأحزان نـثـرا
متخشعا تحـت الـهـوى عشرا وتحت الموت عشرا كان إسحاق الموصلي لايعتد به ويفضل عليه مروان: حدثني جحظة قال حدثني علي بن يحيى قال: كان إسحاق الموصلي لايعتد ببشار
ويقول: هو كثير التخليط في شعره، وأشعاره مختلفة، لايشبه بعضها بعضا؛ أليس هو القائل:
إنما عظم سليمـى حـبـتـي قصب السكر لاعظم الجمـل
وإذا أدنيت منـهـا بـصـلا غلب المسك على ريح البصل لو قال كل شيء جيد ثم أضيف إلى هذا لزيفه. قال: وكان يقدم عليه مروان ويقول: هذا هو أشد استواء شعر منه، وكلامه ومذهبه اشبه بكلام العرب ومذاهبها، وكان لايعد أبا نواس البتة ولايرى فيه خبرا أنشد إبراهيم بن عبد الله هجوه للمنصور
ولما قتل غيرها وجعلها في هجو أبي مسلم:
حدثنا محمد بن علي بن يحيى قال حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي قال: دخل بشار إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فأنشده قصيدة يهجو فيها المنصور ويشير عليه برأي يستعمله في أمره، فلما قتل إبراهيم خاف بشار، فقلب الكنية، وأظهر أنه كان قالها في أبي مسلم وحذف منها أبياتا وأولها:
صفحة : 292
أبا جعفر ما كول عيش بدائم ولاسالم عما قليل بسـالـم قلب هذا البيت فقال: أبا مسلم
على الملك الجبار يقتحم الردى ويصرعه في المأزق المتلاحم
كأنك لم تسمع بقتـل مـتـوج عظيم ولم تسمع بفتك الأعاجم
تقسم كسرى رهطه بسيوفهـم وأمسى أبو العباس أحلام نائم يعني الوليد بن يزيد:
وقد كان لايخشى انقـلاب مـكـيدة عليه ولاجري النـحـوس الأشـائم
مقيما على اللذات حتـى بـدت لـه وجوه المنايا حاسرات الـعـمـائم
وقـد تـرد الأيام غـرا وربـمــا وردن كلوحـا بـاديات اشـكـائم
ومروان قد دارت على رأسه الرحى وكان لما أجرمت نزر الـجـرائم
فأصبحت تجري سادرا في طريقهم ولاتتقي أشبـاه تـلـك الـنـقـائم
تجردت للإسلام تغـفـو سـبـيلـه وتعري مطاه ببيوث الـضـراغـم
فمازلت حتى استنصر الدينـأهـلـه عليك فعاذزا بالسيوف الـصـوارم
فرم وزرا ينـجـيك يابـن سـلامة فلست بناج من مـضـيم وضـائم جعل موضع يابن سلامة يابن وشيكة وهي أم أبي مسلم:
لحا الله قوما رأسوك عـلـيهـم ومازلت مرؤوسا خبيث المطاعم
أقول لبـسـام عـلـيه جـلالة غدا أريحيا عاشقا للـمـكـارم
من الفاطميين الدعاة إلى الهـدى جهارا ومن يهديك مثل ابن فاطم هذا البيت الذي خافه و حذفه بشار من الأبيات:
سراج لعين المستضـيء وتـارة يكون ظلاما للعدو الـمـزاحـم
إذا بلغ الرأي المشورة فاستـعـن برأي نصيح أو نصـيحة حـازم
ولاتجعل الشورى عليه غضـاضة فإن الخوافي قـوة لـلـقـوادم
وماخير كف أمسك الغل أختـهـا وماخير سـيف لـم يؤيد بـقـائم
وخل الهوينا للضعيف ولاتـكـن نؤوما فإن الحزم لـيس بـنـائم
وحارب إذا لم تعـط إلا ظـلامة شبا الحرب خير من قبول المظالم قال محمد بن يحيى: فحدثني الفضل بن الحباب قال سمعت أبا عثمان المازني يقول سمعت أبا عبيدة يقول: ميمية بشار هذه أحب إلي من ميميتي جرير والفرزدق.
قال محمد: وحدثني ابن الرياشي قال حدثني أبي قال: حديث بشار في المشورة
قال الأصمعي قلت لبشار: يا أبا معاذ، إن الناس يعجبون من أبيتك في المشورة؛ فقال لي: يا أبا سعيد، إن المشاور بين صواب يفوز بثمرته أو خطأ يشارك في مكروهه؛ فقلت له: أنت والله في قولك هذا أشعر منك في شعرك.
بشار والمعلي بن طريف
حدثني الحسن بن علي قال حدثنا الفضل بن محمد اليزيدي عن إسحاق وحدثني به محمد بن مزيد بن أبي الأزهر عن حماد عن أبيه قال: كان بشار جالسا في دار المهدي والناس ينتظرون الإذن، فقال بعض موالي المهدي لمن حضر: ماعندكم في قول الله عز وجل: وأوحى ربك إلى النحل أن أتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر فقال له بشار: النحل التي يعرفها الناس؛ قال هيهات يا أبا معاذ، النحل: بنو هاشم، وقوله: يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس يعني العلم؛ فقال له بشار: أراني الله طعامك وشرابك وشفاءك فيما يخرج من بطون بني هاشم، فقد أوسعتنا غثاثة ؛ فغضب وشتم بشارا؛ وبلغ المهدي الخبر فدعا بهما فسألهما عن القصة، فحدثه بشار بها؛ فضحك حتى أمسك بطنه، ثم قال للرجل: أجل فجعل طعامك وشرابك مما يخرج من بطون بني هاشم، فإنك بارد غث. وقال محمد بن مزيد في خبره: إن الذي خاطب بشارا بهذه الحكاية وأجابه عنها من موالي المهدي المعلى بن طريف.
بشار ويزيد بن منصور الحميري
أخبرنا الحسين بن يحيى عن حماد بنإسحاق عن أبيه قال:
صفحة : 293
دخل يزيد بن منصور الحميري على المهدي وبشار بين يديه ينشده قصيدة امتدحه بها؛ فلما فرغ منها أقبل عليه يزيد بن منصور الحميري، وكانت فيه غفلة، فقال له: ياشيخ، ماصناعتك? فقال: فقال: أثقب اللؤلؤ؛ فضحك المهدي ثم قال لبشار: أعزب ويلك؛ أتتنادر على خالي فقال له: وماأصنع به يرى شيخا أعمى ينشد الخليفة شعرا ويسأله عن صناعته ترك جواب رجل عاب شعره للؤمه
أخبرني الحسين عن حماد عن أبيه قال: وقف على بشار بعض المجان وهو ينشد شعرا؛ قال له: استر شعرك كما تستر عورتك؛ فصفق بشار بيديه وغضب وقال له: قال: أنا أعزك الله رجل من باهلة، وأخوالي من سلول، وأصهاري عكل، واسمي كلب، ومولدي بأضاخ، ومنزلي بنهر بلال، فضحك بشار ثم قال: اذهب ويلك فأنت عتيق لؤمك، قد علم الله أنك استترت مني بحصون من حديد وصف قاص قصرا كبيرا في الجنة فعاب
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني الفضل بن سعيد قال حدثني أبي قال: مر بشار بقاص بالبصرة فسمعه يقول في قصصه: من صام رجبا وشعبان ورمضان بنى الله له قصرا في الجنة صحنه ألف فرسخ في مثلها وعله ألف فرسخ وكل باب من أبواب بيوته ومقاصره عشرة فراسخ في مثلها، قال: فالتفت بشار إلى قائده. فقال: بئست والله الدار هذه في كانون الثاني.
سمع صخبا في الجيران فقال
كأن القيامة قامت:
قال الفصل بن سعيد وحدثني رجل من أهل البصرة ممن كان يتزوج بالنهاريات قال: تزوجت امرأة منهن فاجتمعت معها في علو بيت وبشار تحتنا، أو كنا في أسفل البيت وبشار في علوه مع امرأة، فنهق حمار في الطريق فأجابه حمار في الجيران وحمار في الدار فارتجت الناحية بنهيقها، وضرب الحمار الذي في الددار الأرض برجله وجعل يدقها بها دقا شديدا فسمعت بشارا يقول للمرأة: نفخ -يعلم الله-في الصور وقامت القيامة أماتسمعين كيف يدق أهل القبور حتى يخرجوا منها قال: ولم يلبث أن فزعت شاة كانت في السطح فقطعت حبلها وعدت فألقت طبقا وغضارة إلى الدار فانكسرا، وتطاير حمام ودجاج كن في الدار لصوت الغضارة وبكى صبي في الدار؛ فقال بشار: صح والله الخبر ونشر أهل القبور من قبورهم أزفت-يشهد الله-الآزفة وزلزلت الأرض زلزالها؛ فعجبت من كلامه وغاظني؛ فسألت من المتكلم? فقيل لي: بشار، فقلت: قد علمت أنه لايتكلم بمثل هذا غيربشار.
نكتة له مع رجل رمحته بغلة فشكرالله
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد جدار قال حدثني قدامة بن نوح قال: مربشار برجل قد رمحته بغلة وهو يقولك الحمد لله شكرا، فقال له بشار: استزده يزدك. قال: ومر به قوم يحملون جنازة وهم يشرعون المشي بها، فقال: مالهم مسرعين أتراهم سرقوه فهم يخافون أن يلحقوا فيؤخذ منهم.
مات ابن له فرثاه
أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه عن عافية بن شبيب، وأخبرني به وكيع عن محمد بن عمر بن محمد بن عبد الملك عن الحسن بن جمهور، قالا: توفي ابن لبشار فجزع عليه؛ فقيل له: أجر قدمته، وفرط افترطته، وذخر أحرزته، فقال: ولد دفنته، وثكل تعجلته، وغيب وعدته فانتظرته؛ والله لئن لم أجزع للنقص لاأفرح للزيادة. وقال يرثيه:
أجارتنا لاتجـزعـي وأنـيبـي أتاني من الموت المطل نصيبي
بني على رغمي وسخطي رزئته وبدل أحجـار وجـال قـلـيب
وكان كريحان الغصون تخـالـه ذوي بعد إشارق يسر وطـيب
أصيب بني حين أورق غصنـه وألقى علي الهم كـل قـريب
عجبت إسراع المنـية نـحـوه وماكان لومليتـه بـعـجـيب نوادره
أخبرني يحيى بن علي قالذكر عافية بن شبيب عن أبي عثمان الليثي، وحدثني به الحسن بن علي عن ابن مهروية عن أبي مسلم، قلا: رفع غلام بشار إليه في حساب نفقته جلاء مرآة عشرة دراهم، فصاح به بشار وقال: والله مافي الدنيا أعجب من جلاء مرآة أعمى بعشرة دراهم، والله لو صدئت عين الشمس حتى يبقى العالم في ظلمة مابلغت أجره من يجلوها عشرة دراهم.
صفحة : 294
أخبرنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال حدثنا أبو معاذ النميري قال: قلت لبشار: لم مدحت يزيد ين حاتم ثم هجوته? قال: سألني أن أنيكه فلم أفعل؛ فضحكت ثم قلت: فهو كان ينبغي له أن يغضب، فما موضغ الهجاء فقال: أظنك تحب أن تكون شريكه؛ فقلت: أعوذ بالله من ذلك ويلك سئل عن شعره الغث فأجاب
حدثني الحسن بن علي قالحدثنا ابن مهروية قال حدثنا أحمد بن خلاد، وأخبرنا يحيى بن علي ومحمد بن عمران الصيرفي، قلا حدثنا العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد قال حدثني أبي قالت قلت لبشار: إنك لتجيء بالشي الهجين المتفاوت، قال: وماذاك? قال قلت: بينما تقول شعرا تثير به النقع وتخلع به القلوب، مثل قولك:
إذا ماغضبنا غـضـبة مـضـرية هتكنا حجاب الشمي أو تمطر الدما
إذا ماأعرنـا سـيدا مـن قـبـيلة ذرى منبر صلى علينا وسـلـمـا تقول:
ربـابة ربة الـبـيت تصب الخل في الزيت
لها عشر دجـاجـات وديك حسن الصـوت فقال: لكل وجه وموضع، فالقول الأول جد، وهذا قلته في ربابة جارتي، وأنا لاآكل البيض من السوق، وربابة هذه لها عشر دجاجات وديك فهي تجمع لي البيض وتحفظه عندها، فهذا عندها من قولي أحسن من:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل عندك.
غنني للغريض يابن قنان فقيل له: من ابن قنان هذا، لسنا نعرفه من مغني البصرة? قال: وماعليكم منه ألكم قبلة دين فتطالبوه به، أو ثأر تريدون أن تدركوه، أو كفلت لكم به فإذا غاب طالبتموني بإحضاره? قالوا: ليس بيننا وبينه شيء من هذا، وإنما أردنا أن نعرفه، فقال: هو رجل يغني لي ولايخرج من بيتي؛ فقالوا له: إلى متى? قال: مذ يوم ود إلى يوم يموت. قال: وأنشدنا أيضا في هذه القصيدة:
........ ووافـــــــا ني هلال السماء في البردان فقلنا: يا أبا معاذ. أين البردان هذا? لسنا نعرفه بالبصرة، فقال: هو بيت في بيتي سميته البردان، أفعليكم من تسميتي داري وبيوتها شيء فتسألوني عنه حدثني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثني أبو غسان دماذ-واسمه رفيع بن سلمة - قال حدثني يحيى بن الجون العبدي راوية بشار قال: كنا عند بشار يوما فأنشدنا قوله:
وجارية خلقت وحـدهـا كأن النساء لديهـا خـدم
دوار العذارى إذا زرنهـا أطفن بحوراء مثل الصنم
ظمئت إليها فلنم تسقـنـي بري ولم تشفني من سقـم
وقالت هويت فمت راشدا كما مات عروة غما بغـم
فلما رأيت الهوى قاتـلـي ولست بجارولابابـن عـم
دسست إليها أبا مـجـلـز وأي فتى إن أصاب اعتزم
فمازال حتى أنابـت لـه فراح وحل لنا مـاحـرم فقال له رجل: ومن أبو مجلز هذا يا أبا معاذ? قال: وماحاجتك إليه لك عليه دين أو تطالبه بطائله هو رجل يتردد بيني وبين نعارفي في رسائل. قال: وكان كثيرا مايحشو شعره بمثل هذا.
شعره في قينة
أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر قال حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: كانت بالبصرة قينة لبعض ولد سليمان بن علي وكانت محسنة بارعة الظرف، وكان بشار صديقا لسيدها وداحا له، فحضر مجلسه يوما والجارية تغني؛ فسر بحضوره وشرب حتى سكر ونام، ونهض بشار؛ فقالت: يا أبا معاذ، أحب أن أتذكر يومنا هذا في قصيدة ولاتذكر فيها اسمي ولا اسم سيدي وتكتب بها إليه؛ فانصرف وكتب إليه:
وذات دل كأن البدر صـورتـهـا باتت تغني عميد القلب سكـرانـا:
إن العيون التي في طرفهـا حـور قتلننا ثـم لـم يحـيين قـتـلانـا
فقلت أحسنت يا سؤلي ويا أمـلـي فأسمعيني جزاك الله إحـسـانـا:
يا حبذا جبل الـريان مـن جـبـل وحبذا ساكن الـريان مـن كـانـا
قالت فهلا، فدتك النفس، أحسن من هذا لمن كان صب العين أحـيانـا
فقلت أحسنت أنت الشمس طالـعة أضرمت في القلب والأحشاء نيرانا
فأسمعيني صوتا مطربـا هـزجـا يزيد صبا محبا فـيك أشـجـانـا
صفحة : 295
ياليتني كنت تفـاحـا مـفـلـجة أو كنت من قضب الريحان ريحانا
حتى إذا وجدت ريحي فأعجبـهـا ونحن في خلوه مثلث إنـسـتـا
فحركت عودها ثم انثنت طـربـا تشدو به ثم لاتخفيه كـتـمـانـا:
أصبحت أطوع خلق الله كـلـهـم لأكثر الخلق لي في الحب عصيانا
فقلت أطربتنا يازين مجـلـسـنـا فهات إنك بـالإحـسـان أولانـا
لو كانت أعلم أن الحب يقتلـنـي أعددت لي قبل أن ألقاك أكفـانـا
فغنت الشرب صوتا مؤنقا رمـلا يذكي السرور ويبكي العين ألوانا:
لا يقتل الله من دامـت مـودتـه والله يقتل أهل الغـدر أحـيانـا ووجه بالأبيات إليها، فبعث إليه سيدها بألفي دينار وسر بها سرورا شديدا أغضبه أعرابي عند مجزأة فهجاه
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني الحسن بن عليل قال حدثني علي بن منصور أبو الحسن الباهلي قال حدثني أبو عبد الله المقرىء الجحدري الذي كان يقرأ في المسجد الجامع بالبصرة، قال: دخل أعرابي على مجزأة بن ثور السدوسي وبشار عنده وعليه بزة الشعراء، فقال الأعرابي: من الرجل? فقالوا: رجل شاعر؛ فقال: أمولى هو أم عربي? قالوا: بل مولى؛ فقال الأعرابي: وما للموالي وللشعر? فغضب بشار وسكت هنيهة، ثم قال: أتأذن لي أبا ثور? قال: قل ما شئت يا أبامعاذ؛ فأنشأ بشار يقول:
خليلي لاأنام على اقـتـسـار ولاآبى على مولـى وجـار
سأخبر فاخر الأعراب عنـي وعنه حين تأذن بالـفـخـار
أحيس كسيت بعد العري خـزا ونادمت الكرام على العقـار
تفاخـر ياابـن راعـية وراع بني الأحرار حسبك منخسـار
وكنت إذا طمئت إلـى قـراح شركت الكلب في ولغ الإطار
تريغ بخطبة كسر المـوانـي وينسيك المكارم صـيد فـار
وتغدو للقـنـافـذ تـدريهـا ولم تعـقـل بـدراج الـديار
وتتشح الشمال لـلابـسـيهـا وترعى الضأن بالبلد القفـار
مقامك بيننا دنـس عـلـينـا فليتك غائب فـي حـر نـار
وفخرك بين خنزير وكـلـب على مثلي من الحدث الكبـار فقال مجزأة للأعرابي: قبحك الله? فأنت كسبت هذا الشر لنفسك ولأمثالك?.
خشي لسانه حاجب محمد بن سليمان
فأذن له بالدخول:
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني العنزي عن الرياشي قال: حضر بشار باب محمد بن سليمان، فقال له الحاجب: اصبر؛ فقال: إن الصبر لايكون إلا علي بلية؛ فقال له الحاجب: إني أظن أن وراء قولك هذا شرا ولن أتعرض له، فقم فادخل
بشار وهلال الرأي
أخبرني وكيع قال حدثنا أبو أيوب المديني عن محمد بن سلام قال: قال هلال الرأي -وهوهلال بن عطية-لبشار وكان صديقا يمازحه: إن الله لم يذهب بصر أحد إلا عوضه بشيء، فماعوضك? قالل: الطويل العريض؛ قال: وماهذا? قال: ألا أراك ولاأمثالك من الثقلاء. ثم قال له: ياهلال أتطيعني في نصيحة أخصك بها? قال نعم؛ قال: إنك كنت تسرق الحمير زمانا ثم تبت وصرت رافضيا، فعد إلى سرقة الحمير، فهي والله خير لك من الرفض قال محمد بن سلام: وكان هلال يستثقل، وفيه يقول لبشار:
وكيف يخف لي بصري وسمعي وحولي عسكران من الثـقـال
قعودا حول دسكرتي وعـنـدي كأن لهم على فـضـول مـال
إذا ماشئت صبحـنـي هـلال وأي الناس أثقل مـن هـلال وأخبرني أبو دلف الخزاعي بهذا الخبر عن يسى بن اسماعيل عن ابن عائشة، فذكر أن الذي خاطب بشارا بهذه المخاطبة ابن سيابة، فلما أجابه بشار بالجواب المذكور، قال له: من أنت? قال: ابن سيابة؛ فقال له: ياابن سيابة، لو نكح الأسد ماالفترس؛ قال: وكان يتهم بالأبنة ذم أناسا كانوا مع ابن أخيه: قال أيوب وحدثني محمد بن سلام وغيره قالوا: مر ابن أخي بشار به ومعه قوم؛ فقال لرجل معه: من هذا? فقال: ابن أخيك؛ قال: أشهد أن أصحابه أنذال؛ قال: وكيف علمت? قال: ليست لهم نعال
صفحة : 296
كان دقيق الحسك أخبرنا محمد بن علي قال حدثني عافية بن شبيب عن أبي دهمان الغلابي، قال: مررت ببشار يوما وهو جالس على بابه وحده وليس معه خلق وبيده مخصرة يلعب بها وقدامه طبق فيه تفاح وأترج، فلما رأيته وليس عنده أحد تاقت نفسي إلى أن أسرق ما بين يديه، فجئت قليلا قليلا وهو كاف يده حتى مددت يدي لأتناول منه، فرفع القضيب وضرب به يدي ضربة حتى كاد يكسرها، فقلت له قطع الله يدك يا ابن الفاعلة، أنت الآن أعمى? فقال: يا أحمق، فأين الحدس.
حديثه مع نسوة أخذن شعره لينحن به
أخبرني يحيى بن علي قال حدثني العنزي قال حدثني خالد بن يزيد بن وهب بن جرير عن أبيه قال: كان لبشار في داره مجلسان: مجلي يجلس فيه بالغداة يسميه البردان ومجلس يجلس فيه بالعشي اسمه الرقيق فأصبح ذات يوم فاحتجم وقال لغلامه: أمسك على بابي واطبخ لي من طيب طعامي وصف نبيذي. قال: فإنه لكذلك إذ قرع لباب قرعا عنيفا؛ فقال: ويحك ياغلام؛ انظر من يدق الباب دق الشرط؛ قال: فنظر الغلام، فقال له: نسوة خمس بالباب يسألن أن تقول لهن سعرا ينحن به؛ فقال: أدخلهن، فلما دخلن نظرن إلى النبيذ مصفى في قنانيه في جانب بيته؛ قال: فقالت واحدة منهن: هو خمر، وقالت الأخرى: هو زبيب وعسل؛ وقالت الثالثة: نقيع زبيب؛ فقال: لست بقائل لكن حرفا أو تطعمن من طعامي وتشربن من شرابي؛ قال: فتماسكن ساعة، ثم قالت واحدة منهن: ماعليكن? هو أعمى فكلن من طعامه واشربن من شرابه وخذن شرعه؛ فبلغ ذلك الحسن البصري فعابه وهتف بشار؛ فبلغه ذلك -وكان بشار يسمى الحسن البصري القس-فقال:
لما طلعن مـن الـرقـي ق علي بالبردان خمسـا
وكـأنـهــن أهـــلة تحت الثياب زففن شمسا
باكرن عطـر لـطـيمة وغمسن في الجادي غمسا صوت
لما طلعن حـفـفـنـهـا وأصخن مايهمسن همسـا
فسألتني من فـي الـبـيو ت فقلت مايؤوين إنـسـا
ليت العـيون الـطـارف ت طمسن عنا اليوم طمسا
فأصبن من طرف الحـدي ث لذاذة وخرجن ملـسـا
لولا تعـرضـهـن لـي ياقس كنت كأنت قـسـا غنى في هذه الأبيات يحيى المكي، ولحنه رمل بالبنصر عن عمرو نهاه مالك بن دينار عن التشبب بالنساء
فقال شعرا:
أخبرنا يحيى قال حدثني العنزي قال حدثنا علي بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد النوفلي-وكان يروي شعر بشار بن برد -قال: جئت بشارا ذات يوم فحدثني، قال: ماشعرت منذ أيام إلا بقارع يقرع بابي مع الصبح، فقلت: ياجارية انظري من هذا، فرجعت إلي وقالت: هذا مالك بن دينار؛ فقلت: ماهو من أشكالي ولاأضرابي، ثم قلت: ائذني له، فدخل فقال: يا أبا معاذ، أتشتم أعراض الناس وتشبب بنسائهم? فلم يكن عندي إلا أن دفعت عن نفسي وقلت: لاأعود، فخرج عني، وقلت في أثره:
غدا مالك بـمـلامـاتـه علي ومابات من بـالـية
تناول خودا هضيم الحشـي من الحور محظوظة عالية
فقلت دع اللوم في حبـهـا فقبلك أعـييت عـذالـية
وإني لأكتمـهـم سـرهـا غداة تقول لها الجـالـية
عبيدة مالـك مـسـلـوبة وكنت معطـرة حـالـيه
فقلت على رقبة: إنـنـي رهنت المرعث خلخالـيه
بمجلس يوم سـأوفـي بـه ولو أجلب الناس أحوالـيه شعره في محبوبته فاطمة
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا العنزي قال حدثني السميدع بن محمد الأزدي قال حدثني عبد الرحمن بن لاجهم عن هشام الكلبي قال: كان أول بدء بشار أنه عشق جارية يقال لها فاطمة ، وكان قد كف وذهب بصره، فسمعها تغني فهويها وأنشأ يقول:
درة بـحـرية مـكـنــونة مازها الناجر من بين الـدرر
عجبت فطمة من نعتي لـهـا هل يجيد النعت مكفوف البصر
أمـتـا بـدد هـذا لـعـبـي ووشاحي حله مكفوف البصر
فدعـينـي مـعـه ياأمــت علنا في خلوة نقضي الوطـر
أقبلت مغضبة تـضـربـهـا واعتراها كجنون مسـتـعـر
صفحة : 297
بأبي والـلـه مـاأحـسـنـه دمع عين يغسل الكحل قطر
أيها النوام هـبـوا ويحـكـم واسألوني اليوم ما طعم السهر عبث به رجل من آل سوار فلم يجبه
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا العنزي قال حدثني خالد بن يويد بن وهب بن جرير قال حدثني أبي عن الحكم بن مخلد بن حازم قال: مررت أنا ورجل من عكل من أبناء سوار بن عبد الله بقصر أوس، فإذا نحن ببشار في ظل القصر وحده، فقال له العكلي: لابد لي من أن أعبث ببشار؛ فقلت: ويحك، مه لاتعرض بنفسك وعرضك؛ فقال: إني لاأجده في وقت أخلي منه في هذا الوقت؛ قال فوقفت ناحية ودنا منه فقال: يابشار؛ فقال: من هذا الذي لايكنيني ويدعوني باسمي? قال: سأخبرك من أنا، فأخبرني أنت عن أمل: أولدتك أعمى أم عميت بعدما ولدتك? قال: وماتريد إلى ذلك? قال: وددت أنه فسح لك في بصرك ساعة لتنظر إلى وجهك في المرآة، فعسى أن تمسك عتن هجاء الناس وتعرف قدرك؛ فقال: ويحكم ? من هذا? أما أحد يخبرني من هذا? فقال له: على رسلك، أنا رجل من عكل وخالي يبيع الفحم بالعبلاء فما تقدر أن تقول لي? قال: لاشيء اذهب، بأبي أنت، في حفظ الله.
مدح خالد البرمكي
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني هارون علي بن يحيى المنجم قال حدثني علي بن مهدي قال حدثني العباس بن خالد البرمكي قال: كان الزوار يسمون في قديم الدهر إلى أيام خالد بن برمك السؤال؛ فقال خالد: هذا والله اسم استثقله لطلاب الخير، وأرقع قدر الكريم عن أن يسمي به أمثال هؤلاء المؤملين، لأن فيهم الأشراف والأحرار وأبناء النعيم ومن لعله خير ممن يقصد وأفضل أدبا، ولكنا نسميهم الزوار؛ فقال بشار يمدحه بذلك:
حذا خالد في فعله حذو برمك فمجد له مستطرف وأصـيل
وكان ذوو الآمال يدعون قبله بلفظ على الإعدام فيه دلـيل
يسمون بالسؤال في كل موطن وإن كان فيهم نابة وجـلـيل
فسماهم الزوار سترا عليهـم فأستاره في المجتدين سـدول قال: وقال بشار هذا الشعر في مجلس خالد في الساعة التي تكلم خالد بهذا الكلام في أمر الزوار، فأعطاه لكل بيت ألف درهم.
بشار وصديقه تسنيم بن الحواري
أخبرني عمي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أبو شبل عاصم بن وهب قال: نهق حمار ذات يوم بقرب بشار، فخطر بباله فقال:
ماقام أير حمار فامتلا شبـقـا إلا تحرك عرق في است تسنيم قال: ولم يرد تسنيما بالهجاء؛ ولكنه لما بلغ إلى قولهك إلا تحرق عرق قال: في است من? ومر به تسنيم بن الحواري وكان صديقه، فسلم عليه وضحك، فقال: في است تسنيم علم الله؛ فقال له: أيش ويحك?? فأنشده البيت؛ فقال له: عليك لعنة الله? فما عندك فرق بين صديقك وعدزك، أي شيء حملك على هذا? ألا قلت: في است حماد الذي هجاك وفضحك وأعياك، ووليست قافيتك على الميم فأعذرك? قال: صدقت والله في هذا كله، ولكن مازلت أقول: في است من? في است من? ولايخطر ببالبي أحد حتى مررت وسلمت فرزقته؛ فقال له تسنيم: إذا كان هذا جواب السلام عليك فلا سلم الله عليك ولاعلي حين سلمت عليك؛ وجعل بشار يضحك ويصفق بيديه وتسنيم يشتمه.
أخبرنا عيسى بن الحسين قال حدثنا علي بن محمد النوفلي عن عمه قال: قالت امرأة لشار: ماأدري لم يهابك الناس مع قبح الله وجهك? فقال لها بشار: ليس من حسنه يهاب الأسد الملاحاة بينه وبين عقبة بن رؤية في حضرة عقبة بن سلم: أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنتا عمر بن شبة قالحدثنا محمد بن الحجاج قال: دخل بشار على عقبة بن سلم، فأنشده بعض مدائحه فيه زعنده عقبة بن رؤبة ينشده رجزا يمدحه به، فسمعه بشار وجعل يستحسن ماقال إلى أن فرغ؛ ثم أقبل على بشار فقال: هذا طراز لاتحسنه أنت يا أبا معاذ؛ فقال له بشار: ألي يقال هذا? أنا والله أرجز منك ومن أبيك وجدك؛ ارحمهم رحمك الله ? فقال عقبة: أتستخف بي يا أبا معاذ وأنا شاعر ابن شاعر? فقال له بشار: فأنت إذا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا؛ ثم خرج من عنده عقبة مغضبا. فلما كان من غد غدا على عقبة بن سلم وعنده عقبة بن رؤية، فأنشده أرجوزته التي مدحه فيها:
صفحة : 298
ياطل الحي بذات الـصـمـد بالله خبر كيف كنت بعـدي
أوحشت من دعد وترب دعـد سقيا لأسمـاء ابـنة الأشـد
قامت تراءى إذ رأتني وحدي كالشمس تحت الزبرج المنقذ
صدت بخد وجلت عـن خـد ثم انثنت كالنفس الـمـرتـد
فنحن من جهد الهوى في جهد وزاهر من سبـط وجـعـد
أهدى له الدهر ولم ستـهـد أفواف نور الحبر المـجـد
يلقى الضحى ريحانه بسجـد بدلت من ذاك بمى لايجـدي
وافق حظا من سعى بـجـد ماضر أهل النو ضعف الجد
الحر يلحى والعصا للعـبـد وليس للملحف مثـل الـرد
والنصف يكفيك من التعـدي وصاحب كالدمل الـمـمـد
حملته في رقعة من جلـدي أرقب منه مثـل يوم الـورد
حتى مضر غير فقيد الفـقـد ومادرى مارغبتي من زهدي
اسلم وحـييت أبـا الـمـلـد مفتاح باب الحدث المنـسـد
مشترك النيل وري الـزنـد أغر لباس ثياب الـحـمـد
ماكان مني لـك غـير الـود ثم ثناه مـثـل ريح الـورد
نسجته في محكمـات الـنـد فالبس طرازي غير مستـرد
للـه أيامـك فـي مـعــد وفي بني قحطان غير عـد
يوما بذي طخفة عند الـحـد ومثله أودعت أرض الهنـد
بالمرهفات والحديد الـسـرد والمقربات المبعدات الجـرد
إذا الحيا أكدى بها لاتـكـدي تلحم أمرا وأمورا تـسـدي
وابن حكـيم إن أتـاك يردي أصم لايسمع صوت الرعـد
حييته بـتـحـفة الـمـعـد فانهد مثل الجبل المـنـهـد
كل امرىء رهن بمـا يؤدي ورب ذي تاج كريم الـجـد
كآل كـسـرى وكـآل بـرد أنكب جاف عن سبيل القصد
فصلته عن ماله والـولـد فطرب عقبة بن سلم وأجزل صلته، وقام عقبة بن رؤبة فخرج عن المجلس بخزي، وهرب من تحت ليلته فلم يعد إليه.
وذكر لي أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي هذا الخبر عن الجاحظ، وزاد فيه الجاحظ قال: فانظر إلى سوء أدب عقبة بن رؤية وقد أجمل بشار محضره وعشرته، فقابله بهذه المقابلة القبيحة، وكان أبوه أعلم خلق الله به، لأنه قال له وقد فاخره بشعره: أنت يابني ذهبان الشعر إذا مت مات شعرك معك، فلم يوجد من يرويه بعدك؛ فكان كما قال له، مايعرف به بين واحد ولاخبر غير هذا الخبر القبيح الإخبار عنه الدال على سخفه وسقوطه وسوء أدبه.
كان يهوى امرأة من البصرة
وقال فيها الشعر لما رحلت:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا أبو غسان دماذ قال حدثنا أبو عبيدة قال: كان بشار يهوى امرأة من أهل البصرة ثقال لهاعبيدة، فخرجت عن البصرة إلى عمان مع زوجها، فقال بشار فيها: صوت
هوى صاحبي ريح الشمـال وأشفى لقلبي أن تهب جنوب
وماذاك إلا أنها حين تنتـهـي تناهى وفبها من عبيدة طيب
عذيري من العذال إذ يعذلونني سفاها وما في العاذلين لبيب صوت
يقولون لو عزيت قلبك لارعوى فقلت وهل للعاشقين قـلـوب
إذا نطق القوم الجلوس فإننـي مكب كأني في الجميع غريب بشار زأبو الشمقمق: أخبرني هاشم قال حدثني دماذ حدثني رجل من الأنصار قال: جاء أبو الشمقمق إلى بشار يشكو إليه الضيقة ويحلف له أنه ماعنده شيء؛ فقال له بشار: والله ماعندي شيء يغنيك ولكن قم معي إلى عقبة بن سلم، فقام معه فذكر له أبا الشمقمق وقال: هو شاعر وله شكر وثناء، فأمر له بخمسمائة درهم؛ فقال له بشار:
ياواحد العرب الـذي أمسى وليس له نظير
لوكان مثلـك آخـر ماكان في الدنيا فقير فأمر للبشار بألفي درهم، فقال له أبو الشمقمق: نفعتنا ونفعناك يا أبا معاذ، فجعل بشار يضحك.
بشار وأبو جعفر المنصور
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال دحثنا زكريا بن يحيى أبو السكين الطائي قال حدثني زحر بن حصن قال:
صفحة : 299
حج المنصور فاستقبلناه بالرضم الذي بين زبالة والشقوق، فلما رحل من الشقوق رحل أبو السكين فلم يركب القبة وركب نجيبا فسار بيننا، فجعلت الشمس تضحك بين عينيه، فقال: إني قائل بيتا فمن أجازه وهبت له جبتي هذه؛ فقلنا: يقول أمير المؤمنين، فقال:
وهاجرة نصبت لها جبينـي يقطع ظهرها ظهر العظاية فبدر بشار الأعمىفقال:
وقفت بها القلوص ففاض دمعي على خدي وأقصر واعظـاية فنزع الجبة وهو راكب فدفعها إليه. فقلت لبشار بعد ذلك: مافعلت بالجبة? فقال بشار: بعتها والله بأربعمائة دينار كان له شعر غث يعير به
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني علي بن محمد النوفلي قالحدثني عبد الرحمن بن العباس بن الفضل بن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة عن أبيه قال: كان بشار منقطعا إلي وإلى إخوتي فكان يغشانا كثيرا، ثم خرج إبارهيم بن عبد الله فخرج معه عدة منا، فلما قتل إبرايهم توارينا، وحبس المنصور منا عدة من إخوتي، فلما ولي المهدي أمن الناس جميعا وأطلق المحبوسين، فقدمت بغداد أناوإخوتي نلتمس أمانا من المهدي، وكان الشعراء يجلسون بالليل في مسجد الرصافة ينشدون ويتحدثون، فلم أطلع بشارا على نفسي إلا بعد أن أظهر لنا المهدي الأمان، وكتب أخي إلى خليفته بالليل، فصحت به: يا أبا معاذ من الذي يقول:
أحب الخاتم الأحم ر من حب مواليه فأعرض عني وأخذ في بعض إنشاده شعره، ثم صحتك يا أبا معاذ من الذي يقول:
إن سلمى خلقت من قصـب قصب السكر لاعظيم الجمل
وإذا أدنيت منـهـا بـصـلا غلب المسك على ريح البص فغضب وصاح: من الذي يقرعنا بأشياء كنا نعبث بها في الحداثة فهو يعيرنما بها? فتركته ساعة ثم صحت به: يا أبا معاذ من الذي يقول:
أخشاب حقا أن دارك تزعج وأن الذي بيني وبينك ينهج فقال: ويحك ? عن مثل هذا فسل، ثم أنشدها حتى أتى على آخرها، وهي من جيد شعره، وفيه غناء: صوت
فواكيدا قد أنضج الشوق نصفهـا ونصف على نار الصبابة ينضج
وواحزنا منهن يخففـن هـودجـا وفي الهودج المحفوف بدر متوج
فإن جئتها بين النساء فقـل لـهـا عليك سلام مـات مـن يتـزوج
بكيت ومافي الدمع منك خـلـيفة ولكن أحزاني علـيك تـوهـج الغناءلسليم بن سلام رمل بالوسطى. ووجدت هذا الخبر بخط ابن مهروية فذكر أنه قالهذه القصيدة في امرأة كانت تغشى مجلسه وكان إليها مائلا يقال لهاخشابة، فارسية، فزوجت وأخرجت عن البصرة أنشده أبو النضير شعره فاستحسنه
أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثني أبو حاتم: قال أبو النضير الشاعر: أنشدت بشارا قصيدة لي، فقاللي: أيجيئك شعرك هذا كلما شئت أم هذا شيء يجيئك في الفينة بعد الفينة إذا تعملت له? فقلت: بل هذا شعر يجيئني كلما أردته؛ فقال لي: قل فإنك شارع؛ فقلت له: لعلك حابيتني أبا معاذ وتحملت لي؛ فقال: أنت أبقاك الله أهون علي من ذلك.
حاول تقبيل جارية لصديق له
وقال شعرا يعتذر فيه عن ذلك: أخبرني عمي قال حدثنا الكراني عن العمري عن عباس بن عباس الزنادي عن رجل من باهلة قال: كنت عند بشار الأعمى فأتاه رجل فسلم عليه، فسأله عن خبر جارية عنده وقال: كيف ابنتي? قال: في عافية تدعوك اليوم؛ فقال بشار: ياباهلي انهض بنا، فجئنا إلى منزل نظيف وفرش سري، فأكلنا، ثم جيء بالنبيذ فشربنا مع الجارية، فلما أراد الانصراف قامت فأخذت بيد بشار، فلما صارا في الصحن أومأ إليها ليقبلها، فأرسلت يدها من يده، فجعل يجول في العرصة؛ وخرج المولى فقال: مالك يا أبا معاذ? فقال: أذنبت ذنبا ولاأبرح أو أقول شعرا، فقال:
أتوب إلـيك مـن الـسـيئات واستغفر الله من فعـلـتـي
تناولـت مـالـم أرد نـيلـه على جهل أمري وفي سكرتي
ووالـلـه مـاجـــئتـــه لعمد ولاكان من هـمـتـي
وإلا فـمـت إذا ضـائعــا وعذبني الله فـي مـيتـتـي
فما نال خيرا عـلـى قـبـلة فلا بارك الله في قبـلـتـي كتب شعرا على باب عقبة يستنجزه وعده
صفحة : 300
اخبرنا هاشم بن محمد الزاعي قال حدثنا الرياشي عن الصمعي قال: لما أنشد بشار أرجوزته:
ياطلل الحي بذات الصمد أبا الملد عقبة بن سلم أمر له بخمسين ألف درهم، فأخرها عنه وكيله ثلاثة أيام، فأمر غلامه بشار أن يكتب علي باب عقبة بن نافع عن يمين الباب:
مازال مامنيتني مـن هـمـي والوعد غم فأزح من غمـي
إن لم ترد حمدي فراقب ذمي فلما خرج عقبة رأى ذلك، فقال: هذه من فعلات بشار، ثم دعا بالقهرمان، فقال: هل حملت إلى بشار ماأمرت له به.? فقال: أيها الأمير نحن مضيقون وغدا أحملها إليه؛ فقال: زد فيها عشرة آلاف درهم واحملها إليه الساعة؛ فحملها من وقته.
نهي المهدي له عن التشبيب بالنساء
وسبب ذلك:
أخبرني هاشم قال حدثنا أبو غسان دماذ قال: سألت أبا عبيدة عن السبب الذي من أجله نهى المهدي بشارا عن ذكر النساء قال: كان أول ذلك استهتارا نساء البصرة وسبانها بشعره، حتى قال سةار بن عبد الله الأكبر ومالك بن دينار؛ ماشيء أدعى لأهل هذه المدينة إلى الفسق من أشعار هذا الأعمى؛ ومازالا يعظانه؛ وكان واصل بن عطاء يقول: إن من أخدع حبائل الشيطان وأغواها لكلمات هذا الأعمى الملحد. فلما كثر ذلك وانتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهدي، وأنشد المهدي مالمدحه به، نهاه عن ذكر النساء وقول التشبيب، وكان المهدي من أشد الناس غيرة؛ قال: فقلت له: ماأحسب شعر هذاأبلغ في هذه المعاني من شعر كثير وجميل وعروة بن جزام وقيس ين ذريح وتلك الطبقة؛ فقال: ليس كل من يسمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشار يقارب النساء حتى لايخفى عليهن مايقول ومايري، وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها، فكيف بالمرأة الغزلة والفتاة التي لاهم لها إلا الرجال ثم أنشد قوله:
قد لامـنـي فـي خـلـيلـتـــي عـــمـــر والـنـوم فـي غـير كـنـهـن صـــجـــر
قال أفـق قـلـت لا فـــقـــال بـــلـــى قد شـاع فـي الـنـاس مـنـكـمـا الـخـبــر
قلت وإذ شاع مااعتذارك مما ليس لي فيه عندهم عذر
ماذا عليهم ومالهم خرسوا لوأنـهـم فـي عـيوبــهـــم نـــظـــروا
أعــشـــق وحـــدي ويؤخـــذون بـــه كالـتـرك تـغـزو فـتـؤخـذ الـــحـــزر
ياعـجـبـا لـلـخـــلاف ياعـــجـــبـــا بفـي الـذي لام فـي الـهـوى الـحــجـــر
حسـبـي وحـسـب الـي كـلــفـــت بـــه منـي ومـنـه الـحـديث والـــنـــظـــر
أو قــبـــلة فـــي خـــلال ذاك ومـــا بأس إذا لـــم تـــحـــل لـــــس الأزر
أو عـضة فــي ذراعـــهـــا ولـــهـــا فوق ذراعـي مـن عــضـــهـــا أثـــر
أو لـمـسة دون مـــرطـــهـــا بـــيدي والـبـاب قـد حـال دونـه الـــســـتـــر
والـسـاق بـراقة مـخـلــخـــلـــهـــا أو مـص ريق وقـد عــلا الـــبـــهـــر
واسـتـرخـت الـكـف لــلـــعـــراك وق لت إيه عـنـي والـدمـع مـــنـــحـــدر
انـهـض فـمـا أنـت كـالـذي زعـــمـــوا أنـــت وربـــي مـــغـــازل أشـــر
قد غـابـت الـيوم عـنـك حـاضـنـــتـــي والـلـه لـي مـنـك فـيك ينـــتـــصـــر
يارب خـذ لـي فـقـد تــرى ضـــرعـــي من فـاسـق جـاء مـــابـــه ســـكـــر
أهـوى إلـى مـعـضـدي فــرضـــضـــه ذو قـوة مـــايطـــاق مـــقـــتـــدر
ألـثـق بـي لـحـية لــه خـــشـــنـــت ذات ســـواد كـــأنـــهـــا الإبــــر
حتـى عـلانـــي وأســـرتـــي غـــيب ويلـي عـلـيهـم لـوأنـهــم حـــضـــروا
أقـسـم بـالـلـه لانـــجـــوت بـــهـــا فاذهـب فـأنـت الـمـسـاور الـظـــفـــر
كيف بـــأمـــي إذا رأت شـــفـــتـــي أم كـيف إن شـاع مـنـك ذا الــخـــبـــر
قد كـنـت أخـشـى الـذي ابـتـلـــيت بـــه منـك فـــمـــاذا أقـــول ياعـــبـــر
قلـت لـهـا عـنــد ذاك ياســـكـــنـــي لابـأس إنــي مـــجـــرب خـــبـــر
قولـي لـهـا بـقة لـــهـــا ظـــفـــر إن كـان فـي الـبـق مـالـــه ظـــفـــر ثم قال له: بمثل هذا الشرع تميل القلوب ويلين الصعب قال دماذ قال لي أبو عبيدة: قال رجل يوما لبشار في المسجد الجامع يعابثه: يا أبا معاذ، أيعجبك الغلام الجادل? فقال غير محتشم ولامكترث: لا، ولكن تعجبني أمه.
ورد على خالد البرمكي بفارس وامتدحه
أخبرني عمي قال حدثنا العنزي قال حدثنا محمد بن سهل عن محمد بن الحجاج
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:48 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية5
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:46 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية4
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:45 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية3
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:44 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية2
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:42 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:41 pm من طرف Admin
» نموذج من بناء الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:39 pm من طرف Admin
» كيف تنشأ الرواية أو المسرحية؟
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:38 pm من طرف Admin
» رواية جديدة
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:26 pm من طرف Admin