اخبرنا هاشم بن محمد الزاعي قال حدثنا الرياشي عن الصمعي قال: لما أنشد بشار أرجوزته:
ياطلل الحي بذات الصمد أبا الملد عقبة بن سلم أمر له بخمسين ألف درهم، فأخرها عنه وكيله ثلاثة أيام، فأمر غلامه بشار أن يكتب علي باب عقبة بن نافع عن يمين الباب:
مازال مامنيتني مـن هـمـي والوعد غم فأزح من غمـي
إن لم ترد حمدي فراقب ذمي فلما خرج عقبة رأى ذلك، فقال: هذه من فعلات بشار، ثم دعا بالقهرمان، فقال: هل حملت إلى بشار ماأمرت له به.? فقال: أيها الأمير نحن مضيقون وغدا أحملها إليه؛ فقال: زد فيها عشرة آلاف درهم واحملها إليه الساعة؛ فحملها من وقته.
نهي المهدي له عن التشبيب بالنساء
وسبب ذلك:
أخبرني هاشم قال حدثنا أبو غسان دماذ قال: سألت أبا عبيدة عن السبب الذي من أجله نهى المهدي بشارا عن ذكر النساء قال: كان أول ذلك استهتارا نساء البصرة وسبانها بشعره، حتى قال سةار بن عبد الله الأكبر ومالك بن دينار؛ ماشيء أدعى لأهل هذه المدينة إلى الفسق من أشعار هذا الأعمى؛ ومازالا يعظانه؛ وكان واصل بن عطاء يقول: إن من أخدع حبائل الشيطان وأغواها لكلمات هذا الأعمى الملحد. فلما كثر ذلك وانتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهدي، وأنشد المهدي مالمدحه به، نهاه عن ذكر النساء وقول التشبيب، وكان المهدي من أشد الناس غيرة؛ قال: فقلت له: ماأحسب شعر هذاأبلغ في هذه المعاني من شعر كثير وجميل وعروة بن جزام وقيس ين ذريح وتلك الطبقة؛ فقال: ليس كل من يسمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشار يقارب النساء حتى لايخفى عليهن مايقول ومايري، وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها، فكيف بالمرأة الغزلة والفتاة التي لاهم لها إلا الرجال ثم أنشد قوله:
قد لامـنـي فـي خـلـيلـتـــي عـــمـــر والـنـوم فـي غـير كـنـهـن صـــجـــر
قال أفـق قـلـت لا فـــقـــال بـــلـــى قد شـاع فـي الـنـاس مـنـكـمـا الـخـبــر
قلت وإذ شاع مااعتذارك مما ليس لي فيه عندهم عذر
ماذا عليهم ومالهم خرسوا لوأنـهـم فـي عـيوبــهـــم نـــظـــروا
أعــشـــق وحـــدي ويؤخـــذون بـــه كالـتـرك تـغـزو فـتـؤخـذ الـــحـــزر
ياعـجـبـا لـلـخـــلاف ياعـــجـــبـــا بفـي الـذي لام فـي الـهـوى الـحــجـــر
حسـبـي وحـسـب الـي كـلــفـــت بـــه منـي ومـنـه الـحـديث والـــنـــظـــر
أو قــبـــلة فـــي خـــلال ذاك ومـــا بأس إذا لـــم تـــحـــل لـــــس الأزر
أو عـضة فــي ذراعـــهـــا ولـــهـــا فوق ذراعـي مـن عــضـــهـــا أثـــر
أو لـمـسة دون مـــرطـــهـــا بـــيدي والـبـاب قـد حـال دونـه الـــســـتـــر
والـسـاق بـراقة مـخـلــخـــلـــهـــا أو مـص ريق وقـد عــلا الـــبـــهـــر
واسـتـرخـت الـكـف لــلـــعـــراك وق لت إيه عـنـي والـدمـع مـــنـــحـــدر
انـهـض فـمـا أنـت كـالـذي زعـــمـــوا أنـــت وربـــي مـــغـــازل أشـــر
قد غـابـت الـيوم عـنـك حـاضـنـــتـــي والـلـه لـي مـنـك فـيك ينـــتـــصـــر
يارب خـذ لـي فـقـد تــرى ضـــرعـــي من فـاسـق جـاء مـــابـــه ســـكـــر
أهـوى إلـى مـعـضـدي فــرضـــضـــه ذو قـوة مـــايطـــاق مـــقـــتـــدر
ألـثـق بـي لـحـية لــه خـــشـــنـــت ذات ســـواد كـــأنـــهـــا الإبــــر
حتـى عـلانـــي وأســـرتـــي غـــيب ويلـي عـلـيهـم لـوأنـهــم حـــضـــروا
أقـسـم بـالـلـه لانـــجـــوت بـــهـــا فاذهـب فـأنـت الـمـسـاور الـظـــفـــر
كيف بـــأمـــي إذا رأت شـــفـــتـــي أم كـيف إن شـاع مـنـك ذا الــخـــبـــر
قد كـنـت أخـشـى الـذي ابـتـلـــيت بـــه منـك فـــمـــاذا أقـــول ياعـــبـــر
قلـت لـهـا عـنــد ذاك ياســـكـــنـــي لابـأس إنــي مـــجـــرب خـــبـــر
قولـي لـهـا بـقة لـــهـــا ظـــفـــر إن كـان فـي الـبـق مـالـــه ظـــفـــر ثم قال له: بمثل هذا الشرع تميل القلوب ويلين الصعب قال دماذ قال لي أبو عبيدة: قال رجل يوما لبشار في المسجد الجامع يعابثه: يا أبا معاذ، أيعجبك الغلام الجادل? فقال غير محتشم ولامكترث: لا، ولكن تعجبني أمه.
ورد على خالد البرمكي بفارس وامتدحه
أخبرني عمي قال حدثنا العنزي قال حدثنا محمد بن سهل عن محمد بن الحجاج قال:
صفحة : 301
ورد بشار على خالد بن برمك وهو بفارس فامتدحه؛ فوعده ومطله؛ فوقف على طريقه وهو يريد المسجد، فأخذ بلجام بغلته وأنشده:
أظلت علينا منك يوما سحـابة أضاءت لنا برقا وأبطأ وشاشها
فلا غيمها يجلي فييأس طامـع ولاغيثها يأتي فيروي عطاشها فحبس بغلته وأمر له بعشرة آلاف درهم، وقال: لن تنصرف السحابة حتى بتلك إن شاء الله.
تظاهر بالحج وخرج لذلك
مع سعد بن القعقاع:
أخبرني يحيى بن علي قال حدثنا الحسن بن عليل قال حدثني علي بن حرب الطائي قال حدثني إسماعيل بن زياد الطائي قال: كان رجل منا يقال له سعد بن القعقاع يتندم بشارا في المجانة، فقال لبشار وهو ينادمه: ويحك يا أبا معاذ قد نسبنا الناس إلى الزندقة، فهل لك أن تحج بنا حجة تنفي ذلك عنا? قال: نعم مارأيت فاشتريا بعيرا ومحملا وركبا، فلما مرا بزرارة قال له: ويحك يا أبا معاذ ثلاثمائة فرسخ متى نقطعها مل بنا إلى زرارة نتنعم فيه، فإذا قفل الحاج عارضناهم بالقادسية وجززنا رؤوسنا فلم يشك الناس أنا جئنا من الحج؛ فقال له بشار: نغم مارأيت لولا خبث لسانك، وإني أخاف أن تفضحنا. قال: لاتخف. فمالا إلى زرارة فما زالا يشربان الخمر ويفسقان، فلما نز ل الحاج بالقادسية راجعين، أخذا بعيرا ومحملا وجزا رؤوسهما وأقبلا وتلقاهما الناس يهنئونهما؛ فقال سعد بن القعقاع:
ألم ترني وبشارا حجـجـنـا وكان الحج من خير التجارة
خرجنا طالبي سفـر بـعـيد فمال بنا الطريق إلى زراره
فآب الناس قد حجوا وبـروا وأبنا موقريت من الخسـارة أنكر عليه داود بن زرين أشياء فأجابه
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثني محمد بن القاسم الدينوري قال حدثني محمد بن عمران بن مطر الشامي قال حدثني محمد بن الحسان الضبي قال حدثني محمود الوراق قال حدثني داود بن زرين قال: أتينا بشارا فأذن لنا والمائدة موضوعة بين يديه فلم يدعنا إلى طعامه، فلما أكل دعا بطست فكشف عن سوءته فبال؛ ثم حضرت الظهر والعصر فلم يصل، فدنونا منه فقلنا: أنت أستاذنا وقد رأينا منك أشياء أنكرناها؛ قال: وما هي? قلنا: دخلنا والطعام بين يديك فلم تدعنا إليه؛ فقال: إنما أذنت لكم أن تأكلوا ولو لم أرد أن تأكلوا لما أذنت لكم؛ قال: ثم ماذا? قلنا: ودعوت بطست ونحن حضور فبلت ونحن نراك؛ فقال: أنا مكفوف وأنتم بصراء وأنتم المأمورون بغض الأبصار، ثم قال: ومه؛ قلنا: حضرت الظهر والعصر والمغرب فلم تصل؛ فقال: إن الذي يقبلها تفاريق يقبلها جملة.
أخبرنا يحيى قال حدثني أبو أيوب المديني عن بعض أصحاب بشار قال: كنا إذا حضرت الصلاة نقوم ويقعد بشار فنجعل حول ثيابه ترابا لننظر هل يصلي، فنعود والتراب بحاله.
بشار والثقلاء
أخبرنا يحيى قال أخبرنا أبو أيوب عن الحرمازي قال: قعد إلى بشار رجل فاستثقله فضرط عليه ضرطة ، فظن الرجل أنها أفلتت منه، ثم ضرط أخرى، فقال: أفلتت، ثم ضرط ثالثة، فقال: يا أبا معاذ، ماهذا? قال: مه أرأيت أم سمعت? قال: بل سمعت صوتا قبيحا، فقال: فلا تصدق حتى ترى.
قال: وأنشد أبو أيوب لبشار في رجل استثقله:
ربما يثقل الجليس وإن كـا ن خفيفا في كفة الميزان
كيف لاتحمل الأمانة أرض حملت فوقها أبا سـفـيان وقال فيه أيضا:
هل لك في مالي وعرضي معا وكل مـايمـلـك جـيرانـيه
واذهب إلى أبعد مـاينـتـوي لاردك الـلـه ولامـالــيه أنشد الوليد شعره في المزاج بالريق فطرب
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق قال حدثني محمد بن إبراهيم الجيلي قال حدثني محمد بن عمران الضبي قال أنشدنا الوليد بن يزيد قول بشار الأعمى:
أيها الساقيان صبـا شـرابـي واسقياني من ريق بيضاء رود
إن دائي الـظـمـاوإن دوائي شربة من رضاب ثغر بـرود
ولها مضحك كغر الأقـاحـي وحديث كالوشي وشي البرود
نزلت في السواد من حبة القل ب ونالت زيادة زيادة المستزيد
ثم قالت نلقـاك بـعـد لـيال والليالي يبـلـين كـل جـديد
صفحة : 302
عندها الصبر عن لقائي وعندي زفرات يأكلن قلب الـحـديد قال: فطرب الوليد وقال: من لي بمزاج كاسي هذه من ريق سلمى فيروي ظمئي وتطفأ غلتي ثم بكى حتى عبد الله بن أبي بكر وكان جليسا لبشار-قال: كان لنا جار يكنى أبا زيد وكان صديقا لبشار، فبعث إليه يوما يطلب منه ثيابا بنسيئة فلم يصادفها عنده، فقال يهجوه:
ألا إن أبــــا زيد زنى في ليلة القـدر
ولم يزع، تعالى الـل ه ربي، حرمة الشهر وكتبها في رقعة وبعث بها إليه، ولم يكن أبو زيد ممن يقول الشعر، فقلبها وكتب في ظهرها:
ألا إن أبـــا زيد له في ذلكم عـذر
أتـتـه أم بـشـار وقد ضاق بها الأمر
فواثبها فجامعـهـا وما ساعده الصبـر قال: فلما قرئت على بشار غضب وندم على تعرضه لرجل لانباهة له، فجعل ينطح الحائط برأسه غيظا، ثم قال: لاتعرضت لهجاء سفلة مثل هذا أبدا.
شعره في قينة
أخبرني عمي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني بعض ولد أبي عبيد وزير المهدي، قال: دخل بشار علي المهدي وقد عرضت عليه جارية مغنية فسمع غناءها فأطربه وقال لبشار: قل في صفتها شعرا؛ فقال:
ورائحة للعـين فـيهـا مـحـيلة إذا برقت لم تسق بطن صـعـيد
من المستهلات السرور على الفتى خفا برقها في عبقـر وعـقـود
كأن لسانا ساحرا في كـلامـهـا أعين بصوت للقـلـوب صـيود
تميت به أبـابـنـا وقـولـبـنـا مرارا وتحييهن بـعـد هـمـود شعره في عقبة بن سلم
أخبرني عمي قال حدثنا أبو أيوب المديني قال قال أبو عدنان حدثني يحيى بن الجون قال: دخل بشار يوما على عقبة بن سلم فأنشده قوله فيه: صوت
إنـمـا لـذة الـجـــواد ابـــن ســـلـــم في عـطـاء ومـركـــب لـــلـــقـــاء
ليس يعـطـيك لـلــرجـــاء ولاالـــخـــو ف ولـكـن يلـذ طـعــم الـــعـــطـــاء
يسقط الطير حيث ينتشر الحب وتغشى منازل الكرماء
لاأبالي صفح اللئيم ولاتج ري دمـوعـي عـلـى الـحـرون الـصـفــاء
فعـلـى عـقـبة الـســلام مـــقـــيمـــا وإذا سـار تـحـــت ظـــل الـــلـــواء فوصله بعشرة آلاف درهم. وفي هذه الأبيات خفيف رمل مطلق في مجرى البنصر لرذاذ، وهو من مختار صنعته وصدروها ومما تشبه فيه بالقدماء ومذاهبهم رواة شعره
كان خلف الأحمر وخلف بن أبي عمرو يرويان عنه شعره: أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد عن الأضمعي، وأخبرني به الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أحمد بن خلاد عن الأصمعي قال: كنت أشهد بن أبي عمرو بن العلاء وخلفا الأحمر ياتيان بشارا ويسلمان عليه بغاية التعظيم ثم يقثولان: يا أبا معاذ، ماأحدثت? فيخبرهما وينشدهما ويسألانه ويكتبان عنه متواضعين له حتى يأتي وقت الظهر ثم ينصرفان عنه، فأتياه يوما فقالا له: ماهذه القصيدة التي أحدثتها في سلم بن قتيبة? قال: هي التي بلغتكم؛ قالا: بلغنا أنك أكثرت فيها من الغريب؛ فقال: نعم، بلغني أن سلما يتباصر بالغريب فأحببت أن أورد عليه مالا يعرفه؛ قالا: فأنشدناها، فأنشدهما:
بكرا صاحبي قبل الهجير إن ذاك النجاح في التكبير حتى فرغ منها؛ فقالله خلف: لوقلت باأبا معاذ مكان إن ذاك النجاح كما يقول الأعراب البدويون، ولو قلت: بكرا فالنجاح كان هذا كلام المولدين ولايشبه ذلك الكلام ولايدخل في معنى القصيدة؛ فقام خلف فقبل بين عينيه؛ وقال له خلف بن أبي عمرو يمازحه: لوكان علاثة ولدك يا أبا معاذ لفعلت كما فعل أخي، ولكنك مولى، فمد بشار يده فضرب بها فخذ خلف وقال:
أرفق بعمرو إذا حركت نسبته فإنه عربـي مـن قـوارير فقالله: أفعلتها يا أبا معاذ قال: وكان أبو عمرو يغمز في نسبه.
وأخبرني ببعض هذا الخبر حبيب بن نصر عن عمر بن شبة عن أبي عبيدة، فذكر نحوه وقال فيه: إن سلما يعجبه الغريب.
قيل له إن فلانا سبك عند الأمير فهجاه
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا عيسى بن اسماعيل تينة قال قال خلف:
صفحة : 303
كنت أسمع ببشار قبل أن أراه، فذركوه لي يوما وذكروا بيانه وسرعة جوابه وجودة شعره، فاستنشدتهم شيئا من شعره، فأنشدوني شيئا لم يكن بالمحمود عندي، فقلت: والله لآتينه ولأطأطئن منه، فأتيته وهو جالس على بابه، فرأيته أعمى قبيح المنظر عظيم الجثة، فقلت: لعن الله من يبالي بهذا، فوقفت أتأمله طويلا، فبينما أنا كذلك إذ جاءه رجل فقال: إن فلانا سبك عند الأمير محمد بن سليمان ووضع منك؛ فقال: أو قد فعل? قال: نعم؛ فأطرق، وجلس الرجل عنده وجلست، وجاء قوم فسلموا عليه فلم يردد عليهم، فجعلوا ينظرون إليه وقد درت أوداجه فلم يلبث إلا ساعة حتى أنسدنا بأعلى صوته وأفخمه:
نبئت نائك أمه يغـتـابـنـي عند الأمير وهل علي أمير
ناري محرقة وبيتي واسـع للمعتفين ومجلسي معمـور
ولي المهابة في الأحبة والعدا وكأنني أسد لـه تـامـور
غرثت حليلته وأخطأ صـيده فه على لقم الطـريق زئير قال: فارتعدت والله فرائصي واقشعر جلدي وعطم في عيني جدا، حتى قلت في نفسي: الحمد لله الذي أبعدني من شرك.
شعر له في مدح خالد بن برمك
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال حدثني علي بن مهدي قال حدثنا العباس بن خال قال: مدح بشار خالد بن برمك فقال فيه:
لعمري لقد أجدى علي ابن برمك وماكل من كان الغنى عنده يجدي
حلبت بشعري راحتـيه فـدرتـا سماحا كما در السحاب مع الرعد
إذا جئته للحمد أشـرق وجـهـه إليك وأعطاك الكرامة بالحـمـد
له نعم في القوم لايستـثـيبـهـا جزاء وكيل التاجر المد بالـمـد
مفيد ومتلاف، سـبـيل تـراثـه إذا ماغدا أو راح كالجزر والمد
أخالد إن الحمد يبـقـى لأهـلـه جمالا ولاتبقى الكنوز على الكـد
فأطعم وكل من عارة مسـتـردة ولاتـبـقـهـا، أن الـعـواري فأعطاه خالد ثلاثين ألف درهم، وكان قبل ذلك يعطيه في كل وفادة خمسة آلاف درهم، وأمر خالد أن يكتب هذان البيتان في صدر مجلسه الذي كان يجلس فيه. وقال ابنه يحيى بن خالد: آخر ماأوصاني به أبي العمل بهذين البيتين.
عمر بن العلاء ومدائح الشعراء فيه
أخبرني عمي قال حدثنا عبد الله بن عمر بن أبي سعد قال حدثني محمد عبد الله بن عثمان قال: كان أبو الوزير مولى عبد القيس من عمال الخراج، وكان عفيفا بخيلا، فسألأ عمر بن العلاء، وكان جوادا شجاعا، في رجل فوهب له مائة ألف درهم؛ فدخل أبو الوزير على المهدي فقال له: ياأمير المؤمنين، إن عمر بن العلاء خائن؛ قال: ومن أين علمت ذلك? قال: كلم في رجل كان أقصى أمله ألف درهم فوهب له مائة ألف درهم؛ فضحك المهدي ثم قال: قل كل يعمل على شاكلته ، أما سمعت قول بشار في عمر:
إذا دهمتك عظام الأمور فنبه لها عمرا ثـم نـم
فتى لايناك على دمـنة ولايشرب الماء إلا بدم أوماسمعت قول أبي العتاهية فيه: صوت
إن المطايا تشتكيك لأنـهـا قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بنا وردن مخفة وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا الغناء لأبراهيم ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو بن بانة أوليس الذي يقول فيه أبو العتاهية:
يابن العلاء ويابن القـرم مـرداس إني لأطريك في صحبي وجلاسي
حتى إذا قيل ماأعطاك من نشـب ألفيت من عظم ماأسديت كالناسي ثم قال: من اجتمعت ألسن الناس على مدحه كان حقيقيا أن يصدقها بفعله.
شعره في جارية له سوداء كان يفترشها
أخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثني أبو بكر الربعي قال: كانت لبشار جارية سوداء وكان يقع عليها، وفيها يقول:
وغـادة سـوداء بـراقة كالماء في طيب وفي لين
كأنها صيغت لمن نالـهـا من عنبر بالمسك معجون ليم في مبالغته في مدح عقبة بن سلم فأجاب
صفحة : 304
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهروية قالاحدثني أبو الشبل البرجمي قال: قال رجل لبشار: إن مدائحك عقبة بن سلم فوق مدائحك كل أحد؛ فقال بشار: إن عطاياه إياي كانت فوق عطاء كل أحد، دخلت إليه يوما فأنشدته:
حرم الله أن ترى كابن سلـم عقبة الخير مطعم الفقـراء
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ف ولكن يلد طعم العطـاء
يسقط الطير حيث ينتشر ال ت وتغشى منازل الكرماء فأمر لي بثلاثة آلاف دينار، وهأنا قد مدحت المهدي وأبا عبيد الله وزيره- أو قال يعقوب بن داود -وأقمت بأبوابهما حولا فلم يعطياني شيئا، أفألام على مدحي هذا طلب منه أبو الشمقمق الجزية
فرده فهجاه فأعطاه:
ونسخت من كتاب هارون بن علي أيضا حدثني علي قال حدثني عبيد الله بن أبي الشيص عن دعبل بن علي قال: كان بشار يعطي أبا الشمقمق في كل سنة مائتي درهم، فأتاه أبو الشمقمق في بعض تلك السنين فقال له: هلم الجزية يا أبا معاذ؛ فقال: ويحك أجزية هي قال: هو ماتسمع؛ فقال له بشار يمازحه: أنت أفصح مني? قال: لا؛ قال: فأعلم من ي بمثالب الناس? قال: لا؛ قال: فأشعر مني? قال: لا؛ قال: فلم أعطيك? قال: لئلا أهجوك؛ فقال له: إن هجوتني هجوتك؛ فقال له أبو الشمقمق: هكذا هو? قال: نعم، فقل مابدالك؛ فقال أبو الشمقمق:
إني إذا ماشاعر هجـانـية ولج في القول له لسنـية
أدخلته في است أمه علانية بشـار يابـشـــار.... وأراد أن يقول: يابن الزاني ؛ فوثب بشار فأمسك فاه، وقال: أراد زالله أن يشتمني، ثم دفع إليه مائتي درهم ثم قال له: لايسمعن هذا منك الصبيان يا أبا الشمقمق.
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني الحسن بن عليل العنزي قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني الأصمعي قال: أمر عقبة بن سلم الهنائي لبشار بعشرة آلاف درهم، فأخبر أبو الشمقمق بذلك فوافى بشارا فقاللأه: يا أبا معاذ، إني مررت بصبيان فسمعتهم ينشدون:
هللينـه هـلـلـينة طعن قثـاة لـتـينة
إن بشـار بـن بـرد تيس أعمى في سفنية فأخرج إليه بشار مائتي درهم فقال: خذ هذه راوية الصبيان يا أبا الشمقمق شعره في هجاء العباس بن محمد
أخبرني أحمد قال حدثنا أبو محمد الصعتري قال حدثنا محمد بن عثمان البصري قال:
استمنح بشار بن برد العباس ممدود وقلبه أبدا في البخل مـعـقـود
إن الكريم ليخفي عنك عسـرتـه حتى تراه غنيا وهو مـجـهـود
وللبخيل علـى أمـوالـه عـلـل زرق العيون عليها أوجـه سـود
إذا تكرهت أن تعطي القليل ولـم تقدر على سعة لم يظهر الجـود
أورق بخير ترجى للنوال فـمـا ترجى الثمار إذا لم يورق العـود
بث النوال ولاتمنـعـك قـلـتـه فكل ماسد فقرا فهو مـحـمـود اجتمع بعباد بن عباد وسلم عليه
أخبرني أحمد قال حدثنا العنزي قال حدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال حدثني أبي عن عباد بن عباد قال: مررت ببشار فقلت: السلام عليك يا أبا معاذ؛ فقال: وعليك السلام، أعباد? فقلت: نعم؛ قال: إني لحسن الرأي فيك؛ فقلت: ماأحوجني إلى ذلك منك يا أبا معاذ جارى امرأ القيس في تشبيهه شيئين بشيئين: أخبرني يحيى بن علي قال أخبرني محمد بن عمر الجرجاني عن أبي يعقوب الخريمي الشاعر أن بشارا قال: لم أزل منذ سمعت قول امرىء القيس في تشبيهه شيئين بشيئين في بيت واحد حيث يقول:
كأن قلوب الطير رطبـا ويابـسـا لدى وكرها العناي والحشف البالي أعمل نفسي في تشبيه شيئين بشيئين في بيت حتى قلت:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسافنا ليل تهاوى كواكبـه قال يحيى: وقد أخذ هذا المعنى منصور النمري فقال وأحسن:
ليل من النقع لاشمس ولاقمر إلا جبينك والمذروبة الشرع كان إسحاق الموصلي يطعن في شعره
ولما أنشد منه سكت:
صفحة : 305
أخبرني يحيى ين علي قال حدثني أبي قال: كان إسحاق الموصلي يطعن على شعر بشار ويضع منه ويذكر أن كظلامه مختلف لايشبه بعضه بعضا؛ فقلنا: أتقول هذا القول لمن يقول: صوت
إذا كنت في كل الأمور معـاتـبـا صديقك لم تلق الذي لاتعـاتـبـه
فعش واحدا أو صل أخاك فـإنـه مقارف ذنب مرة ومـجـانـبـه
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربـه لأبي العبيس بن حمدون في هذه الأبيات خفيف ثقيل بالبنصر قال علي بن يحيى: وهذا الكلام الذي ليس فوقه كلام من الشعر ولاحشو فيه؛ فقال لي إسحاق: أخبرني أبو عبيدة معمر بن المثنى أن شبيل بن عزرة الضبعي أنشده هذه الأبيات للمتلمس؛ وكان عالما بشعره لأنهما جميعا من بني ضبيعة؛ فقلت له: أفليس قد ذكر أبو عبيدة أنه قال لبشار: إن شبيلا أخبره أنها للمتلمس؛ فقال: كذب والله شبيل، هذا شعري، ولقد مدحت به ابن هبيرة فأعطاني عليه أربعين ألفا. وقد صدق بشار، قد مدح في هذه القصيدة ابن هبيرة، وقال فيها:
رويدا تصاهل بالعراق جـيادنـا كأنك بالضحاك قد قـام نـادبـه
وسام لمروان ومن دونه الشجـا وهول كلج البحر جاشت غواربه
أحلت به أم المنـايا بـنـاتـهـا بأسيافنا، إنا ردى من نحـاربـه
وكنا إذا دب العدو لسخـطـنـا وراقبنا في ظاهر لانـراقـبـه
ركبنا له جهلرا بكل مـثـقـف وأبيض تستسقي الدماء مضاربه ثم قلت لإسحاق: أخبرني عن قول بشار في هذه القصيدة:
فلملتولى الحرة اعتصر الـثـرى لظى الصيف من نجم توقد لاهبة
وطارت عصافير الشقائق واكتسى من الآل أمثال المجرة ناضـبـه
غدت عانة تشكو بأبصارها الصدى لإلى الجأب إلا أنها لا تخاطـبـه - العانة: القطيع من الحمير، والجأب: ذكرها. ومعنى شكواها الصدى بأبصارها أن العطش قد تبين في أحداقها فغارت- قال: وهذا من أحسن ما وصف به الحمار والأتن، أفهذا للمتلمس أيضا قال: لا؛ فقلت: أفما هو في غاية الجودة وشبيه بسائر الشعر، فكيف قصد بشار لسرقة تلك الأبيات خاصة وكيف خصه بالسرقة منه وحده من بين الشعراء وهو قبله بعصر طويل وقد روى الرواة شعره وعلم بشار أن ذلك لا يخفى، ولم يعثر على بشار أنه سرق شعرا قط جاهليا ولا إسلاميا. وأخرى فإن شعر المتلمس يعرف في بعض شعر بشار؛ فلم يردد ذلك بشيء.
وقد أخبرني بهذا الخبر هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة أن بشار أنشده:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك لم تلق الذي لاتعاتيه وذكر الأبيات. قال: وأنشدتها شبيل بن عزرة الضبعي، فقال: هذا للمتلمس؛ فأخبرت بذلك بشارا، قال: كذب والله شبيل، لقد مدحت ابن هبيرة بهذه القصيدة وأعطاني عليها أربعين ألفا لما صار طاهر إلى العارق في حرب الأمين سأل عن ولد بشار ليبرهم: أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا علي بن مهدي قال حدثنا علي بن إبارهيم المروزي، وكان أبوه من قواد طاهر، قال حدثني أبي قال: لما خلع محمد المأمون وندب علي بن عيسى، ندب المأمون للقاء علي بن عيسى طاهر بن الحسين ذا اليمينين4 وجلس له لعرضه وعرض أصحابه، فمر به ذو اليمينين معترضا وهو ينشد:
رويد تصاهل بالعراق جيادنا كأنك بالضحاك قد قام نادبه فتفاءل المأمون بذلك فاستدناه فاستعاده البيت فأعاد عليه؛ فقال ذو الرياستين: ياأمير المؤمنين هو حجر العراق؛ قال: أجل. فلما صار ذو اليمينين إلى العراق سأل: هل بقي من ولد بشار أحد? فقالوا: لا؛ فتوهمت أنه قد كان هم لهم بخير غضبه على سلم الخاسر
لأنه سرق من معانيه:
أخبرنا يحيى قال حدثنا أبي قال أخبرني أحمد بن صالح -وكان أحد الأدباء - قال: غضب بشار على سلم الخاسر وكان من تلامذته ورواته، فاستشفع عليه بجماعة من إخوانه فجاؤوه في أمره؛ فقال لهم: كل حاجة لكم مقضية إلا سلما؛ قالوا ما جئناك إلا في سلم ولابد من أن ترضى عنه لنا؛ فقال: أين هو الخبيث? قالوا: هاهو هذا؛ فقام إليه سلم فقبل رأسه ومثل بين يديه وقال: يا أبا معاذ، خريجك وأديبك؛ فقال: يا سلم، من الذي يقول:
صفحة : 306
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيبات الفاتك اللـهـج قال: أنت يا أبا معاذ، جعلني الله فداءك قال: فمن الذي يقول:
من راقب الناس مات غما وفار باللذة الـجـسـور قال خريجك يقول ذلك)يعني نفيه(؛ قال: أفتأخذ معاني التي قد عنيت بها وتعبت في استنباطها، فتكسوها ألفاظا أخف من ألقاظي حتى يروي ماتقول ويذهب شعري لاأرضى عنك أبدا، قال: فمازال يتضرع إليه، ويشفع له القوم حتى رضي عنه. وفي هذه القصيدة يقول بشار:
لو كنت تلقين مانلقى قسمت لنا يوما نعيش به منكم ونبتهـج صوت
لاخير في العيش إن كنا كذا أبدا لانلتقي وسبيل الملتقى نـهـج
قالوا حرام تلاقينا فقلت لـهـم مافي التلاقي ولافي قبلة حرج
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيبات الفاتك اللـهـج
أشكو إلى الله هما مايفارقـنـي وشرعا في فؤادي الدهر تعتلج أنشد الأصمعي شعره فغاظه فخره بنسبه
أخبرنا محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد قال: أنشدت الأصمعي قول بشار يهجو باهلة:
ودعاني معـشـر كـلـهـم حمق دام لهم ذاك الحـمـق
ليس من جزم ولكن غاظهـم شرفي العارض قد سد الأفق فاغتاظ الأصمعي فقال: ويلي على هذا العبد القن ابن القن حديثه مع امرأة في الشيب
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال حدثني علي بن مهدي. قال حدثني عباس ين خالد قال سمعت غير واحد من أهل البصرة يحدث: أن امرأة قالت لبشار: أي رجل أنت لو كنت أسود اللحية والرأس قال بشار: أما علمت أن بيض البزاة أثمن من سود الغربان؛ فقالت له: أما قولك فحسن في السمع، ومن لك بأن يحسن شيبك في العين كما حسن قولك في السمع فكان بشار يقول: ماأفحمني قط غير هذه المرأة أحب الأشياء إليه: ونسخت من كتابه حدثني علي بن مهدي قال حدثني إسحاق بن كلبة قال قال لي أبو عثمان المازني: سئل بشار: أي متاع الدنيا آثر عندك? فقال: طعام مز، وشراب مر، وبنت عشرين بكر دخل إليه نسوة وطلب من إحداهن
أن تواصله فأبت فقال شعرا:
أخبرني عمي قال حدثني عبد الله بن ابي سعد، وأخبرنا الحسن بن علي قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني أبو توبة عن صالح بن عطية قال: كان النساء المتظرفات يدخلن إلى بشار في كل جمعة يومين، فيجتمعن عنده ويسمعن من شعره، فسمع كلام امراة منهن فعلقها قلبه وراسلها يسألها أن تواصله؛ فقالت لرسوله: وأي معنى فيك لي أو لك في وأنت أعمى لا تراني فتعرف حسني ومقداره، وأنت قبيح الوجه فلا حظ لي فيك فليت شعري لأي شيء تطلب وصال مثلي وجعلت تهزأ به في المخاطبة؛ فأدى الرسول الرسالة، فقال له: عد إليها فقل لها:
أيرى له فضل على آيارهم وإذا أشظ سجدن غير أوابي
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائمـا فعل المؤذن شك يوم سحاب
وكأن هامة رأسه بـطـيخة حملت إلى ملك بدجله جابي اعترض مروان بن أبي حفصة على
بيت من شعره فأجابه:
أخبرني علي بن صالح بن الهيثم قال حدثنا أبو هفان قال أخبرني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني عن أبيه قال: قال مروان لبشار لمل أنشده هذا البيت:
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصنمت من لاونعم جعلني الله فداءك يا أبا معاذ هلا قلت: خرست بالصمت ؛ قال: إذا أنا في عقلك فض الله فاك أأتطير على من أحب بالخرس مدح خالدا البرمكي فأجازه
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثني بعض أصحابنا قال: وفد بشار إلى خالد بن برمك وهو على فارس فأنشده:
أخالد لم أخـبـط إلـيك بـذمة سوى أنني عاف وأنت جـواد
أخالد بين الأجر والحمد حاجتي فأيهما تأتي فـأنـت عـمـاد
فإن تعطني أفرغ عليك مدائحي وإن تأب لم يضرب علي سداد
ركابي على حرف وقلبي مشيع ومالي بأرض الباخلـين بـلاد
صفحة : 307
إذا أنكرتني بلدة أو نكرتـهـا خرجت مع البازي علي سواد قال: فدعا خالد بأربعة آلاف دينار في أربعة أكياس فوضع واحدا عن يمينه وواحدا عن شماله وآخر بين يديه وآخر خلفه، وقال: يا أبا معاذ، هل استقل العماد? فلمس الأكياس ثم قال: استقل والله أيها الأمير مدح الهيثم بن معاوية وأخذ جائزته
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال قال محمد بن الحجاج حدثني بشار قال: دخلت على الهيثم بن معاوية وهو أمير البصرة، فأنشدته:
إن السلام أيهـا الأمـير عليك والرحمة والسرور فسمعته يقول: إن هذا الأعمى لايدعنا أو ياخذ من دراهمنا شيئا؛ فطمعت فيه فما برحت حتى انصرفت بجائزته.
طلب رجلا من بني زيد للمفاخرة
وهجاه فانقطع عنه:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا عيسى بن اسماعيل عن محمد بن سلام قال: وقف رجل من بني زيد شريف، لاأحب أن أسميه، على بشار، فقال له: يابشار قد أفسدت علينا موالينا، تدعوهم إلى الانتفاء منا وترغبهم في الرجوع إلىأصولهم وترك الولاء، وأنت غير زاكي الفرع ولامعروف الأصل؛ فقال له بشار: والله لأصلي أكرم من الذهب، ولفرعي أزكى من عمل الأبرار، ومافي الأرض كلب يود أن نسبك له بنسبه، ولو شئت أن أجعل جواب كلامك كاملا لفعلت، ولكن موعدك غدا بالمردب؛ فرجع الرجل إلى منزله وهو يتوهم أن بشارا يحضر معه المربد ليفاخره، فخرج من الغد يريد المربد فإذا رجل ينشد:
شهدت على الزيدي أن نساءه ضباع إلى أير العقيلي تزفر فسأل عمن قال هذا البيت؛ فقيل له: هذا لبشار فيك؛ فرجع إلى منزله من فوره ولم يدخل المربد حتى مات قال ابن سلام: وأنشد رجل يوما يونس في هذه القصيدة وهي:
بلوت بني زيد فما فـي كـبـارهـم حلوم ولافي الأصغرين مـطـهـر
فأبلغ بني زيد وقـل لـسـراتـهـم وإن لم يكن فيهـم سـراة تـوقـر
لأمـكـم الـويلان إن قـصــائدي صواعق منها مـنـجـد ومـغـور
أجـدهـم لايتـقـــون دنـــية ولايؤثرون الخير والـخـير يؤثـر
يلفون أولاد الزنـا فـي عـدادهـم فعدتهم من عـدة الـنـاس أكـثـر
إذا مارأوا من دأبه مـثـل دأبـهـم أطافوا به، والغي للـغـي أصـور
ولوفارقوا من فـيهـم مـن دعـارة لما عرفتهم أمهم حـين تـنـظـر
لقد فخروا بالملـحـقـين عـشـية فقلت افخروا إن كان في اللؤم مفخر
يريدون مسعـاتـي ودون لـقـائهـا قناديل أبواب السـمـوات تـزهـر
فقل في بني زيد كما قال مـعـرب قوارير حجـام غـدا تـتـكـسـر فقال يونس للذي أنشده: حسبك حسبك من هيج هذا الشيطان عليهم? قيل: فلان؛ فقال: رب سفيه قوم قد كسب لقومه شرا عظيما ضمن مثلا في شعره عند عقبة
ابن سلم واستحق جائزته:
أخبرني عمي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني عبد الله بن بشر بن هلال قال حدثني محمد بن محمد البصري قال حدثني النضر بن طاهر أبو الحجاج قال: قال بشار: دعاني عقبة بن سلم ودعا بحماد عجرد وأعشى باهلة، فلما اجتمعا عنده قال لنا: إنه خطر ببالي البارحة مثل مايتمثله الناس: ذهب الحمار يطلب قرنين فجاء بلا أذنين فأخرجوه من الشعر، ومن أخرجه من الشعر، ومن أخرجه فله خمسة آلاف درهم، وإن لم تفعلوا جلدتكم كلكم خمسمائة؛ فقال حماد: أجلنا أعز الله الأمير شهرا؛ وقال الأعشى: أجلنا أسبوعين؛ قال: وبشار ساكت لايتكلم؛ فقال له عقبة: ملك يا أعمى لاتتكلم أعمى الله قلبك فقال: أصلح الله الأمير، قد حضرني شيء فإن أمرت قلته؛ فقال قل؛ فقال:
شط بسلمى عاجل البـين وجاورت أسد بني القين
ورنت النفس لـهـا رنة كادت لها تنشق نصفين
يابنة من لاأشتهي ذكـره أخشى عليه علق الشين
والله لو ألقاك لاأتـقـي عينا لقبلـتـك ألـفـين
طالبتها ديني فراغت به وعلقت قلبي مع الـدين
فصرت كالعير غدا طالبا قرنا فلم يرجع بأدنـين قال: فانصرف بشار بالجائزة
صفحة : 308
قصته مع قوم من قيس عيلان
نزلوا بالبصرة ثم ارتحلوا:
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثنا علي بن مهدي قال حدثني عبد الله بن عطية الكوفي قال حدثني عثمان بن عمرو الثقفي قال قال أبان بن عبد الحميد اللاحقي: نزل في ظاهر البصرة قوم من أعراب قيس عيلان وكان فيهم بيان وفصاحة، فكان بشار يأتيهم وينشدهم أشعاره التي يمدح بها قيسا فيجلونه لذلك ويعظمونه، وكان نساؤهم يجلسن معه ويتحدثن إليه وينشدن أشعاره في الغزل وكن يعجبن به، وكنت كثيرا ماآتي ذلك الموضع فأسمع منه ومنهم، فأتيتهم يوما فإذا هم قد ارتحلوا، فجئت إلى بشار فقلت له: يا أبا معاذ، أعلمت أن القوم قد ارتحلوا? قال: لا؛ فقلت: فاعلم؛ قال:: قد علمت لاعلمت ومضيت، فلما كان بعد ذلك بأيام سمعت الناس ينشدون:
دعا بفراق من تهـوى أبـان ففاض الدمع واحترق الجنان
كأن شرارة وقعت بقلـبـي لها في نقلتي ودجمي أتنـان
وإذا انشدت أو نسمت عليهـا رياح الصيف هاج لها دخان فعلمت أنها لبشار، فأتيته فقلت: يا أبا معاذ، ماذنبي إليك? قال: ذنب غراب البين؛ فقلت: هل ذكرتني بغير هذا? قال: لا؛ فقلت: أنشدك الله ألا تزيد؛ فقال: امض لشأنك فقد تركتك بشار وجعفر ين سليمان
وسنخت من كتابه: حدثني علي بن مهدي قال حدثني يحيى بن سعيد الأيوزرذي المعتزلي قال حدثني أحمد بن المعذل عن أبيه قال: أنشد بشار بن جعفر بن سليمان:
أقلي فإنـا لاحـقـون وإنـمـا يؤخرنا أنـا يعـد لـنـا عـدا
وماكنت إلا كالأغرابن جعـفـر رأى المال لايبقى فأبقى به حمدا فقال له جعفر بن سليمان: من ابن جعفر? قال: الطيا في الجنة؛ فقال: لقد ساميت غير مسامي فقال: والله مايقعدني عن شأوه بعد النسب، لكن قلة النشب، وإني لأجود بالقليل وإن لم يكن عندي الكثير، وماعلى من جاد بما يملك ألا يهب البدور؛ فقال له جعفر: لقد هززت أبا معاذ، ثم دعا له بكيس فدفعه إليه.
سئل عن ميله للهجاء فأجاب
ونسخت من كتابه: حدثني علي بن مهدي قال حدثني أحمد بن سعيد الرازي عن سليمان بن سليمان العلوي قال: قيل لبشار: إنك لكثير الهجاء فقال: إني وجدت الهجاء المؤلم آخذ بضبع الشاعر من المديح الرائع، ومن أراد من الشعارء أن يكرم في دهر اللئام على المديح فليستعد للفقر وإلا فليبالغ في الهجاء ليخاف فيعطى.
بشار في صباه
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة قال: كان ابو بشار طيانا حاذقا بالتطبين، وولد له بشاروهو أعمى، فكان يقول: مارأيت مولودا أعظم بركة منه، ولقد ولد لي ماعندي درهم فما حال الحول حتى جمعت مائتي درهم. ولم يمت ببرد حتى قال بشار الشعر. وكان لبشار أخوان يقال لأحدهما: بشر، وللآخر: بشير، وكانا قصابين وكان بشار بارا بهما، على أنه كان ضيق الصد ومتبرما بالناس، فكان يقول: اللهم إني قد تبرمت بنفسي وبالناس جميعا، اللهم فأرحني منهم. وكان إخوته يستعيرون ثيابه فيوسخونها وينتنون ريحها، فاتخذ قميصا له جيبان وحلف ألا يعيرهم ثوبا من ثيابه، فكانوا يأخذونها بغير إذنه؛ فإذا دعا بثوبه فلبسه فأنكر ريحته فيقول إذا وجد رائحة كريهة نم ثوبه: أينما أتوجه ألق سعدا. فإذا أعياه الأمر خرج إلى الناس في تلك الثياب على نتنها ووسخه، فيقال له: ماهذا يا أبا معاذ? فيقول: هذه ثمرة صلة الرحم. قال: وكان يقول الشعر وهو صغير، فإذا هجا قوما جاؤوا إلى أبيه فشكوه فيضربه ضربا شديدا، فكانت أمه تقول: كم تضرب هذا الصبي الضرير، أما ترحمه فيقول: بلى والله إني لأرحمه ولكنه يتعرض للناس فيشكونه إلي؛ فسمعه بشار فطمع فيه فقال له: ياأبت إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر، وإني إن ألممت عليه أغنيتك وسائر أهلي، فإن شكوني إليك فقل لهم: أليس الله يقول: ليس على الأعمى حرج . فلما عاودوه شكواه قال لهم برد ماقاله بشار؛ فانصرفوا وهم يقولون: فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار.
مائتا دينار لشعره في مطاولة النساء
أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني محمد بن عثمان الكريزي قال حدثني بعض الشعراء قال:
صفحة : 309
أتيت بشارا الأعمى وبين يديه مائتا دينار، فقال لي: خذ منها ماشئت، أو تدري ماسببها? قلت: لا؛ قال: جاءني فتى فقال لي: أنت بشار? فقلت: نعم؛ فقال: إني آليت أن أدفع إليك مائتي دينار وذلك أني عشقت امرأة فجئت إليها فكلمتها فلم تلتفت إلي، فهممت أن أتركها فذكرت قولك:
لايؤيسنك مـن مـخـبـأة قول تغلظه وإن جـرحـا
عسر النساء إلى مـياسـرة والصعب يمكن بعدما جمحا فعدت إليها فلازمتها حتى بلغت منها حاجتي عاب الأخفش شعره
ثم صار بعد ذلك يستشهد به لما بلغه أنه هم بهجوه:
أخبرني عمي قال حدثني الكراني عن أبي حاتم قال: كان الأخفش طعن على بشار في قوله:
فالآن أقصر عن سمية باطلي وأشار بالوجلى على مشـير وفي قوله:
على الغزلى مني السلام فربمـا لهوت بها في ظل مرءومة زهر وفي قوله في صفة السفينة:
تلاعب نينان الـبـحـور وربـمـا رأيت نفوس القوم من جريها تجري وقال: لم يسمع من الوجل والغزل فعلى، ولم أسمع بنون ونينان؛ فبلغ ذلك بشارا فقال: ويلي على القصارين متىكانت الفصاحة في بيوت القصارين دعوني وإياه؛ فبلغ ذلك الأخفش فبكى وجزع؛ فقيل له: مايبكيك? فقال: ومالي لاأبكي وقد وقعت في لسان بشار الأعمى فذهب أصحابه بعد ذلك يحتج بشعره في كتبه ليبلغه؛ فكف عن ذكره بعد هذا.
قال: وقال غير ابي حاتم: إنما بلغه سيبويه عاب هذه الأحرف عليه لا الأخفش، فقال يهجوه:
أسبويه يابن الفارسية مـاالـذي تحدثت عن شتمي وما كنت تنبذ
أظلت تغني سادرا في مساءتي وأمك بالمصرين تعطي وتأخذ قال: فتوقاه سيبويه بع د ذلك، وكان إذا سئل عن شيء فأجاب عنه ووجد له شاهدا من شعر بشار احتج به استكفافا لشره.
ذم بني سدوس باستعانة بني عقيل
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثني الحسن بن عليل العنزي قال حدثني أحمد بن علي بن سويد بن منجوف قال: كان بشار مجاورا لبني عقيل وبني سدوس في منزل الحيين، فكانوا لايزالون يتفاخرون، فاستعانت عقيل ببشار وقالوا: يا أبا معاذ، نحن أهلك وأنت ابننا وربيت في جحورنا فأعنا؛ فخرج عليهم وهم يتفاخرون، فجلس ثم أنشد:
كأن بني سدوس رهط ثـور خنافس تحت منكسر الجدار
تحرك للفخار زبـانـييهـا وفخر الخنفساء من الصغار فوثب بنو سدوس إليه فقالوا: مالنا ولك ياهذا نعوذ بالله من شرك فقال: هذا دأبكم إن عاوتم مفاخرة بني عقيل؛ فلم يعاودوها.
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني محمد بن إسماعيل عن محمد بن سلام قال: قال يونس النحوي: العجب من الأزد يدعون هذا العبد ينسب بنسائهم ويهجو رجالهم -يعني بشارا - ويقول:
ألا ياصنم الأزد ال ذي يدعونه ربـا ألا يبعثون إليه من يفتق بطنه ذم أناسا كانوا مع ابن أخيه أخبرني الحسن قال حدثني ابن مهروية عن أحمد بن إسماعيل عن محمد بن سلام قال: مر ابن أخ لبشار ببشار ومعه قوم: فقال لرجل معه وسمع كلامه: من هذا? فقال: ابن أخيك؛ قال: اشهد أن أصحابه سفلة؛ قال: وكيف علمت? قال: بيس عليهم نعال.
سمع شعره من مغنية فطرب
وقال: هذا أحسن من سورة الحشر
اخبرني الحسن قال حدثنا محمد بن القاسم قال حدثني الفضل بن يعقوب قال: كنا عند جارية لبعض التجار بالكرخ تغنينا، وبشار عندنا، فغنت في قوله:
إن الخلـيفة قـد أبـى وإذا أبى شيئا أبـيتـه
ومخضب رخص البنـا ن وبكى علي وما بكيته
يامنظرا حسـنـا رأي ت بوجه جارية فديتـه
بعثت إلي تسـومـنـي ثوب الشباب وقد طويته فطرب بشار وقال: هذا والله يا أبا عبد الله أحسن من سورة الحشر. وقد روى هذه الكلمة عن بشار غير من ذكرته فقال عنه: إنه قال: هي والله أحسن من سورة الحشر. والغناء في هذه الأبيات. وتمام الشعر:
وأنا المطل على العـدا وإذا غلا الحمد اشتريته
وأميل في أنس النـدي م من الحياء ومااشتهيته
ويشوقني بيت الحـبـي ب إذا غدوت وأين بيته
صفحة : 310
حال الخلـيفة دونـه فصبرت عنه وماقليته وأنشدني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي هذه الأبيات وأخبرني أن الجاحظ أخبره أن المهدي نهى بشارا عن الغزل وأن يقول شيئا من النسيب، فقال هذه الأبيات. قال: وكان الخليل بن أحمد ينشدها ويستحسنهات ويعجب بها.
سألته ابنته لماذا يعرفه الناس ولايعرفهم
فأجابها:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا دماذ أبو غسان عن محمد بن الحجاج قال: قالت بنت بشار لبشار: ياأبت، مالك يعرفك الناس ولاتعرفهم? قال: كذلك الأمير يابنية.
سبب عبد الله بن مسور أبا النضير فدافع عنه بشار: أخبرني عبد الله بن محمد الرازي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني قال: قال عبد الله بن مسور الباهلي يوما لأبي النضير، وقد تحاوروا في شيء: يابن اللخناء، اتكلمني ولواستريت عبدا بمائتي درهم واعتقته لكان خيرا منك قال له أبو النضير: والله لو كنت ولد زنا لكنت خيرا من باهلة كلها؛ فغضب الباهلي؛ فقال له بشار: أنت منذ ساعة تزني أما ولايغضب، فلما كلمك كلمة واحدة لحقك هذا كله فقال له: وأمه مثل أمي يا أبا معاذ فضحك، ثم قال: والله لو كانت أمك أم الكتاب ما كان بينكما من المصارمة هذا كله.
طلب من ابن مزيد أن يدخله على المهدي
فسوفه فهجاه:
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثني علي بن مهدي قال حدثني سعيد بن عبيد الخزاعي قال: ورد بشار بغداد فقصد يزيد بن مزيد، وسأله أن يذكره للمهدي، فسوفه أشهرا؛ ثم ورد روح بن حاتم فبلغه خبر بشار، فذكره للمهدي من غير أن يلقاه، وأمر بإحضاره فدخل إلى المهدي وأنشده شعرا مدحه به، فوصله بعشرة آلاف درهم ووهب له عبدا وقينة وكساه كسا كثيرة ؛ وكان يحضر قيسا مرة، فقال بشار يهجو يزيد بن مزيد:
ولما التقينا بالجنينة غـرنـي بمعروفه حتى خرجت أفوق غرني: أوجرني كما يغر الصبي أو يوجر اللبن.
حباني بعبد قعـسـري وقـينة ووشي وآلا ف لهـن بـريق
فقل ليزيد يلعص الشهد خالـيا لنا دونه عند الخلـيفة سـوق
رقدت فنم يابن الخبـيثة إنـهـا مكارم لايستطيعهن لـصـيق
أبى لك عرق من فلانة أن ترى جوادا ورأس حين شبت حليق قصيدته التي مدح بها إبراهيم بن عبد الله
فلما قتل جعلها للمنصور:
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال: كان بشار كتب إلى إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بقصيدة يمدحه بها ويحرضه ويشير عليه، فلم تصل إليه حتى قتل، وخاف بشار أن تشتهر فقلبها وجعل التحريض فيها على أبي مسلم والمدح والمشورة لأبي جعفر المنصور، فقال:
أبا مسلم ماطيب عيش بدائم ولاسالم عما قليل بسالـم وإنما كان قال: أبا جعفر ماطيب عيش فغيره وقال فيها:
إذا بلغ الرأي النصيحة فاستـعـن بعزم نصـيح أو بـتـأييد حـازم
ولاتجعل الشورى عليك غضاضة مكان الخوافي نافع لـلـقـوادم
وخل الهوينى للضعيف ولاتـكـن نؤوما فإن الحزم لـيس بـنـائم
وماخير كف أمسك الغل أختـهـا وماخير سـيف لـم يؤيد بـقـائم
وحارب إذا لم تعـط إلا ظـلامة شبا الحرب خير من قبول المظالم
وأدن على القرى المقرب نفسـه ولاتشهد الشورى أمرا غير كاتـم
فإنك لاتستطرد الهم بـالـمـنـى ولاتبلغ العليا بغير الـمـكـارم
إذا كنت فردا هرك القوم مقبـلا وإن كنت أدنى لم تفز بالـعـزائم
وماقرع الأقوام مـثـل مـسـيع أريب ولاجلى العمى مثل عالـم قال الأصمعي: فقلت لبشار: إني رأيت رجال الرأي يتعجبون من أبياتك في المشورة؛ فقال: أما علمت أن المشا
ياطلل الحي بذات الصمد أبا الملد عقبة بن سلم أمر له بخمسين ألف درهم، فأخرها عنه وكيله ثلاثة أيام، فأمر غلامه بشار أن يكتب علي باب عقبة بن نافع عن يمين الباب:
مازال مامنيتني مـن هـمـي والوعد غم فأزح من غمـي
إن لم ترد حمدي فراقب ذمي فلما خرج عقبة رأى ذلك، فقال: هذه من فعلات بشار، ثم دعا بالقهرمان، فقال: هل حملت إلى بشار ماأمرت له به.? فقال: أيها الأمير نحن مضيقون وغدا أحملها إليه؛ فقال: زد فيها عشرة آلاف درهم واحملها إليه الساعة؛ فحملها من وقته.
نهي المهدي له عن التشبيب بالنساء
وسبب ذلك:
أخبرني هاشم قال حدثنا أبو غسان دماذ قال: سألت أبا عبيدة عن السبب الذي من أجله نهى المهدي بشارا عن ذكر النساء قال: كان أول ذلك استهتارا نساء البصرة وسبانها بشعره، حتى قال سةار بن عبد الله الأكبر ومالك بن دينار؛ ماشيء أدعى لأهل هذه المدينة إلى الفسق من أشعار هذا الأعمى؛ ومازالا يعظانه؛ وكان واصل بن عطاء يقول: إن من أخدع حبائل الشيطان وأغواها لكلمات هذا الأعمى الملحد. فلما كثر ذلك وانتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهدي، وأنشد المهدي مالمدحه به، نهاه عن ذكر النساء وقول التشبيب، وكان المهدي من أشد الناس غيرة؛ قال: فقلت له: ماأحسب شعر هذاأبلغ في هذه المعاني من شعر كثير وجميل وعروة بن جزام وقيس ين ذريح وتلك الطبقة؛ فقال: ليس كل من يسمع تلك الأشعار يعرف المراد منها، وبشار يقارب النساء حتى لايخفى عليهن مايقول ومايري، وأي حرة حصان تسمع قول بشار فلا يؤثر في قلبها، فكيف بالمرأة الغزلة والفتاة التي لاهم لها إلا الرجال ثم أنشد قوله:
قد لامـنـي فـي خـلـيلـتـــي عـــمـــر والـنـوم فـي غـير كـنـهـن صـــجـــر
قال أفـق قـلـت لا فـــقـــال بـــلـــى قد شـاع فـي الـنـاس مـنـكـمـا الـخـبــر
قلت وإذ شاع مااعتذارك مما ليس لي فيه عندهم عذر
ماذا عليهم ومالهم خرسوا لوأنـهـم فـي عـيوبــهـــم نـــظـــروا
أعــشـــق وحـــدي ويؤخـــذون بـــه كالـتـرك تـغـزو فـتـؤخـذ الـــحـــزر
ياعـجـبـا لـلـخـــلاف ياعـــجـــبـــا بفـي الـذي لام فـي الـهـوى الـحــجـــر
حسـبـي وحـسـب الـي كـلــفـــت بـــه منـي ومـنـه الـحـديث والـــنـــظـــر
أو قــبـــلة فـــي خـــلال ذاك ومـــا بأس إذا لـــم تـــحـــل لـــــس الأزر
أو عـضة فــي ذراعـــهـــا ولـــهـــا فوق ذراعـي مـن عــضـــهـــا أثـــر
أو لـمـسة دون مـــرطـــهـــا بـــيدي والـبـاب قـد حـال دونـه الـــســـتـــر
والـسـاق بـراقة مـخـلــخـــلـــهـــا أو مـص ريق وقـد عــلا الـــبـــهـــر
واسـتـرخـت الـكـف لــلـــعـــراك وق لت إيه عـنـي والـدمـع مـــنـــحـــدر
انـهـض فـمـا أنـت كـالـذي زعـــمـــوا أنـــت وربـــي مـــغـــازل أشـــر
قد غـابـت الـيوم عـنـك حـاضـنـــتـــي والـلـه لـي مـنـك فـيك ينـــتـــصـــر
يارب خـذ لـي فـقـد تــرى ضـــرعـــي من فـاسـق جـاء مـــابـــه ســـكـــر
أهـوى إلـى مـعـضـدي فــرضـــضـــه ذو قـوة مـــايطـــاق مـــقـــتـــدر
ألـثـق بـي لـحـية لــه خـــشـــنـــت ذات ســـواد كـــأنـــهـــا الإبــــر
حتـى عـلانـــي وأســـرتـــي غـــيب ويلـي عـلـيهـم لـوأنـهــم حـــضـــروا
أقـسـم بـالـلـه لانـــجـــوت بـــهـــا فاذهـب فـأنـت الـمـسـاور الـظـــفـــر
كيف بـــأمـــي إذا رأت شـــفـــتـــي أم كـيف إن شـاع مـنـك ذا الــخـــبـــر
قد كـنـت أخـشـى الـذي ابـتـلـــيت بـــه منـك فـــمـــاذا أقـــول ياعـــبـــر
قلـت لـهـا عـنــد ذاك ياســـكـــنـــي لابـأس إنــي مـــجـــرب خـــبـــر
قولـي لـهـا بـقة لـــهـــا ظـــفـــر إن كـان فـي الـبـق مـالـــه ظـــفـــر ثم قال له: بمثل هذا الشرع تميل القلوب ويلين الصعب قال دماذ قال لي أبو عبيدة: قال رجل يوما لبشار في المسجد الجامع يعابثه: يا أبا معاذ، أيعجبك الغلام الجادل? فقال غير محتشم ولامكترث: لا، ولكن تعجبني أمه.
ورد على خالد البرمكي بفارس وامتدحه
أخبرني عمي قال حدثنا العنزي قال حدثنا محمد بن سهل عن محمد بن الحجاج قال:
صفحة : 301
ورد بشار على خالد بن برمك وهو بفارس فامتدحه؛ فوعده ومطله؛ فوقف على طريقه وهو يريد المسجد، فأخذ بلجام بغلته وأنشده:
أظلت علينا منك يوما سحـابة أضاءت لنا برقا وأبطأ وشاشها
فلا غيمها يجلي فييأس طامـع ولاغيثها يأتي فيروي عطاشها فحبس بغلته وأمر له بعشرة آلاف درهم، وقال: لن تنصرف السحابة حتى بتلك إن شاء الله.
تظاهر بالحج وخرج لذلك
مع سعد بن القعقاع:
أخبرني يحيى بن علي قال حدثنا الحسن بن عليل قال حدثني علي بن حرب الطائي قال حدثني إسماعيل بن زياد الطائي قال: كان رجل منا يقال له سعد بن القعقاع يتندم بشارا في المجانة، فقال لبشار وهو ينادمه: ويحك يا أبا معاذ قد نسبنا الناس إلى الزندقة، فهل لك أن تحج بنا حجة تنفي ذلك عنا? قال: نعم مارأيت فاشتريا بعيرا ومحملا وركبا، فلما مرا بزرارة قال له: ويحك يا أبا معاذ ثلاثمائة فرسخ متى نقطعها مل بنا إلى زرارة نتنعم فيه، فإذا قفل الحاج عارضناهم بالقادسية وجززنا رؤوسنا فلم يشك الناس أنا جئنا من الحج؛ فقال له بشار: نغم مارأيت لولا خبث لسانك، وإني أخاف أن تفضحنا. قال: لاتخف. فمالا إلى زرارة فما زالا يشربان الخمر ويفسقان، فلما نز ل الحاج بالقادسية راجعين، أخذا بعيرا ومحملا وجزا رؤوسهما وأقبلا وتلقاهما الناس يهنئونهما؛ فقال سعد بن القعقاع:
ألم ترني وبشارا حجـجـنـا وكان الحج من خير التجارة
خرجنا طالبي سفـر بـعـيد فمال بنا الطريق إلى زراره
فآب الناس قد حجوا وبـروا وأبنا موقريت من الخسـارة أنكر عليه داود بن زرين أشياء فأجابه
أخبرنا يحيى بن علي قال حدثني محمد بن القاسم الدينوري قال حدثني محمد بن عمران بن مطر الشامي قال حدثني محمد بن الحسان الضبي قال حدثني محمود الوراق قال حدثني داود بن زرين قال: أتينا بشارا فأذن لنا والمائدة موضوعة بين يديه فلم يدعنا إلى طعامه، فلما أكل دعا بطست فكشف عن سوءته فبال؛ ثم حضرت الظهر والعصر فلم يصل، فدنونا منه فقلنا: أنت أستاذنا وقد رأينا منك أشياء أنكرناها؛ قال: وما هي? قلنا: دخلنا والطعام بين يديك فلم تدعنا إليه؛ فقال: إنما أذنت لكم أن تأكلوا ولو لم أرد أن تأكلوا لما أذنت لكم؛ قال: ثم ماذا? قلنا: ودعوت بطست ونحن حضور فبلت ونحن نراك؛ فقال: أنا مكفوف وأنتم بصراء وأنتم المأمورون بغض الأبصار، ثم قال: ومه؛ قلنا: حضرت الظهر والعصر والمغرب فلم تصل؛ فقال: إن الذي يقبلها تفاريق يقبلها جملة.
أخبرنا يحيى قال حدثني أبو أيوب المديني عن بعض أصحاب بشار قال: كنا إذا حضرت الصلاة نقوم ويقعد بشار فنجعل حول ثيابه ترابا لننظر هل يصلي، فنعود والتراب بحاله.
بشار والثقلاء
أخبرنا يحيى قال أخبرنا أبو أيوب عن الحرمازي قال: قعد إلى بشار رجل فاستثقله فضرط عليه ضرطة ، فظن الرجل أنها أفلتت منه، ثم ضرط أخرى، فقال: أفلتت، ثم ضرط ثالثة، فقال: يا أبا معاذ، ماهذا? قال: مه أرأيت أم سمعت? قال: بل سمعت صوتا قبيحا، فقال: فلا تصدق حتى ترى.
قال: وأنشد أبو أيوب لبشار في رجل استثقله:
ربما يثقل الجليس وإن كـا ن خفيفا في كفة الميزان
كيف لاتحمل الأمانة أرض حملت فوقها أبا سـفـيان وقال فيه أيضا:
هل لك في مالي وعرضي معا وكل مـايمـلـك جـيرانـيه
واذهب إلى أبعد مـاينـتـوي لاردك الـلـه ولامـالــيه أنشد الوليد شعره في المزاج بالريق فطرب
أخبرني عيسى بن الحسين الوراق قال حدثني محمد بن إبراهيم الجيلي قال حدثني محمد بن عمران الضبي قال أنشدنا الوليد بن يزيد قول بشار الأعمى:
أيها الساقيان صبـا شـرابـي واسقياني من ريق بيضاء رود
إن دائي الـظـمـاوإن دوائي شربة من رضاب ثغر بـرود
ولها مضحك كغر الأقـاحـي وحديث كالوشي وشي البرود
نزلت في السواد من حبة القل ب ونالت زيادة زيادة المستزيد
ثم قالت نلقـاك بـعـد لـيال والليالي يبـلـين كـل جـديد
صفحة : 302
عندها الصبر عن لقائي وعندي زفرات يأكلن قلب الـحـديد قال: فطرب الوليد وقال: من لي بمزاج كاسي هذه من ريق سلمى فيروي ظمئي وتطفأ غلتي ثم بكى حتى عبد الله بن أبي بكر وكان جليسا لبشار-قال: كان لنا جار يكنى أبا زيد وكان صديقا لبشار، فبعث إليه يوما يطلب منه ثيابا بنسيئة فلم يصادفها عنده، فقال يهجوه:
ألا إن أبــــا زيد زنى في ليلة القـدر
ولم يزع، تعالى الـل ه ربي، حرمة الشهر وكتبها في رقعة وبعث بها إليه، ولم يكن أبو زيد ممن يقول الشعر، فقلبها وكتب في ظهرها:
ألا إن أبـــا زيد له في ذلكم عـذر
أتـتـه أم بـشـار وقد ضاق بها الأمر
فواثبها فجامعـهـا وما ساعده الصبـر قال: فلما قرئت على بشار غضب وندم على تعرضه لرجل لانباهة له، فجعل ينطح الحائط برأسه غيظا، ثم قال: لاتعرضت لهجاء سفلة مثل هذا أبدا.
شعره في قينة
أخبرني عمي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني بعض ولد أبي عبيد وزير المهدي، قال: دخل بشار علي المهدي وقد عرضت عليه جارية مغنية فسمع غناءها فأطربه وقال لبشار: قل في صفتها شعرا؛ فقال:
ورائحة للعـين فـيهـا مـحـيلة إذا برقت لم تسق بطن صـعـيد
من المستهلات السرور على الفتى خفا برقها في عبقـر وعـقـود
كأن لسانا ساحرا في كـلامـهـا أعين بصوت للقـلـوب صـيود
تميت به أبـابـنـا وقـولـبـنـا مرارا وتحييهن بـعـد هـمـود شعره في عقبة بن سلم
أخبرني عمي قال حدثنا أبو أيوب المديني قال قال أبو عدنان حدثني يحيى بن الجون قال: دخل بشار يوما على عقبة بن سلم فأنشده قوله فيه: صوت
إنـمـا لـذة الـجـــواد ابـــن ســـلـــم في عـطـاء ومـركـــب لـــلـــقـــاء
ليس يعـطـيك لـلــرجـــاء ولاالـــخـــو ف ولـكـن يلـذ طـعــم الـــعـــطـــاء
يسقط الطير حيث ينتشر الحب وتغشى منازل الكرماء
لاأبالي صفح اللئيم ولاتج ري دمـوعـي عـلـى الـحـرون الـصـفــاء
فعـلـى عـقـبة الـســلام مـــقـــيمـــا وإذا سـار تـحـــت ظـــل الـــلـــواء فوصله بعشرة آلاف درهم. وفي هذه الأبيات خفيف رمل مطلق في مجرى البنصر لرذاذ، وهو من مختار صنعته وصدروها ومما تشبه فيه بالقدماء ومذاهبهم رواة شعره
كان خلف الأحمر وخلف بن أبي عمرو يرويان عنه شعره: أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد عن الأضمعي، وأخبرني به الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أحمد بن خلاد عن الأصمعي قال: كنت أشهد بن أبي عمرو بن العلاء وخلفا الأحمر ياتيان بشارا ويسلمان عليه بغاية التعظيم ثم يقثولان: يا أبا معاذ، ماأحدثت? فيخبرهما وينشدهما ويسألانه ويكتبان عنه متواضعين له حتى يأتي وقت الظهر ثم ينصرفان عنه، فأتياه يوما فقالا له: ماهذه القصيدة التي أحدثتها في سلم بن قتيبة? قال: هي التي بلغتكم؛ قالا: بلغنا أنك أكثرت فيها من الغريب؛ فقال: نعم، بلغني أن سلما يتباصر بالغريب فأحببت أن أورد عليه مالا يعرفه؛ قالا: فأنشدناها، فأنشدهما:
بكرا صاحبي قبل الهجير إن ذاك النجاح في التكبير حتى فرغ منها؛ فقالله خلف: لوقلت باأبا معاذ مكان إن ذاك النجاح كما يقول الأعراب البدويون، ولو قلت: بكرا فالنجاح كان هذا كلام المولدين ولايشبه ذلك الكلام ولايدخل في معنى القصيدة؛ فقام خلف فقبل بين عينيه؛ وقال له خلف بن أبي عمرو يمازحه: لوكان علاثة ولدك يا أبا معاذ لفعلت كما فعل أخي، ولكنك مولى، فمد بشار يده فضرب بها فخذ خلف وقال:
أرفق بعمرو إذا حركت نسبته فإنه عربـي مـن قـوارير فقالله: أفعلتها يا أبا معاذ قال: وكان أبو عمرو يغمز في نسبه.
وأخبرني ببعض هذا الخبر حبيب بن نصر عن عمر بن شبة عن أبي عبيدة، فذكر نحوه وقال فيه: إن سلما يعجبه الغريب.
قيل له إن فلانا سبك عند الأمير فهجاه
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا عيسى بن اسماعيل تينة قال قال خلف:
صفحة : 303
كنت أسمع ببشار قبل أن أراه، فذركوه لي يوما وذكروا بيانه وسرعة جوابه وجودة شعره، فاستنشدتهم شيئا من شعره، فأنشدوني شيئا لم يكن بالمحمود عندي، فقلت: والله لآتينه ولأطأطئن منه، فأتيته وهو جالس على بابه، فرأيته أعمى قبيح المنظر عظيم الجثة، فقلت: لعن الله من يبالي بهذا، فوقفت أتأمله طويلا، فبينما أنا كذلك إذ جاءه رجل فقال: إن فلانا سبك عند الأمير محمد بن سليمان ووضع منك؛ فقال: أو قد فعل? قال: نعم؛ فأطرق، وجلس الرجل عنده وجلست، وجاء قوم فسلموا عليه فلم يردد عليهم، فجعلوا ينظرون إليه وقد درت أوداجه فلم يلبث إلا ساعة حتى أنسدنا بأعلى صوته وأفخمه:
نبئت نائك أمه يغـتـابـنـي عند الأمير وهل علي أمير
ناري محرقة وبيتي واسـع للمعتفين ومجلسي معمـور
ولي المهابة في الأحبة والعدا وكأنني أسد لـه تـامـور
غرثت حليلته وأخطأ صـيده فه على لقم الطـريق زئير قال: فارتعدت والله فرائصي واقشعر جلدي وعطم في عيني جدا، حتى قلت في نفسي: الحمد لله الذي أبعدني من شرك.
شعر له في مدح خالد بن برمك
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال حدثني علي بن مهدي قال حدثنا العباس بن خال قال: مدح بشار خالد بن برمك فقال فيه:
لعمري لقد أجدى علي ابن برمك وماكل من كان الغنى عنده يجدي
حلبت بشعري راحتـيه فـدرتـا سماحا كما در السحاب مع الرعد
إذا جئته للحمد أشـرق وجـهـه إليك وأعطاك الكرامة بالحـمـد
له نعم في القوم لايستـثـيبـهـا جزاء وكيل التاجر المد بالـمـد
مفيد ومتلاف، سـبـيل تـراثـه إذا ماغدا أو راح كالجزر والمد
أخالد إن الحمد يبـقـى لأهـلـه جمالا ولاتبقى الكنوز على الكـد
فأطعم وكل من عارة مسـتـردة ولاتـبـقـهـا، أن الـعـواري فأعطاه خالد ثلاثين ألف درهم، وكان قبل ذلك يعطيه في كل وفادة خمسة آلاف درهم، وأمر خالد أن يكتب هذان البيتان في صدر مجلسه الذي كان يجلس فيه. وقال ابنه يحيى بن خالد: آخر ماأوصاني به أبي العمل بهذين البيتين.
عمر بن العلاء ومدائح الشعراء فيه
أخبرني عمي قال حدثنا عبد الله بن عمر بن أبي سعد قال حدثني محمد عبد الله بن عثمان قال: كان أبو الوزير مولى عبد القيس من عمال الخراج، وكان عفيفا بخيلا، فسألأ عمر بن العلاء، وكان جوادا شجاعا، في رجل فوهب له مائة ألف درهم؛ فدخل أبو الوزير على المهدي فقال له: ياأمير المؤمنين، إن عمر بن العلاء خائن؛ قال: ومن أين علمت ذلك? قال: كلم في رجل كان أقصى أمله ألف درهم فوهب له مائة ألف درهم؛ فضحك المهدي ثم قال: قل كل يعمل على شاكلته ، أما سمعت قول بشار في عمر:
إذا دهمتك عظام الأمور فنبه لها عمرا ثـم نـم
فتى لايناك على دمـنة ولايشرب الماء إلا بدم أوماسمعت قول أبي العتاهية فيه: صوت
إن المطايا تشتكيك لأنـهـا قطعت إليك سباسبا ورمالا
فإذا وردن بنا وردن مخفة وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا الغناء لأبراهيم ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو بن بانة أوليس الذي يقول فيه أبو العتاهية:
يابن العلاء ويابن القـرم مـرداس إني لأطريك في صحبي وجلاسي
حتى إذا قيل ماأعطاك من نشـب ألفيت من عظم ماأسديت كالناسي ثم قال: من اجتمعت ألسن الناس على مدحه كان حقيقيا أن يصدقها بفعله.
شعره في جارية له سوداء كان يفترشها
أخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثني أبو بكر الربعي قال: كانت لبشار جارية سوداء وكان يقع عليها، وفيها يقول:
وغـادة سـوداء بـراقة كالماء في طيب وفي لين
كأنها صيغت لمن نالـهـا من عنبر بالمسك معجون ليم في مبالغته في مدح عقبة بن سلم فأجاب
صفحة : 304
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهروية قالاحدثني أبو الشبل البرجمي قال: قال رجل لبشار: إن مدائحك عقبة بن سلم فوق مدائحك كل أحد؛ فقال بشار: إن عطاياه إياي كانت فوق عطاء كل أحد، دخلت إليه يوما فأنشدته:
حرم الله أن ترى كابن سلـم عقبة الخير مطعم الفقـراء
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ف ولكن يلد طعم العطـاء
يسقط الطير حيث ينتشر ال ت وتغشى منازل الكرماء فأمر لي بثلاثة آلاف دينار، وهأنا قد مدحت المهدي وأبا عبيد الله وزيره- أو قال يعقوب بن داود -وأقمت بأبوابهما حولا فلم يعطياني شيئا، أفألام على مدحي هذا طلب منه أبو الشمقمق الجزية
فرده فهجاه فأعطاه:
ونسخت من كتاب هارون بن علي أيضا حدثني علي قال حدثني عبيد الله بن أبي الشيص عن دعبل بن علي قال: كان بشار يعطي أبا الشمقمق في كل سنة مائتي درهم، فأتاه أبو الشمقمق في بعض تلك السنين فقال له: هلم الجزية يا أبا معاذ؛ فقال: ويحك أجزية هي قال: هو ماتسمع؛ فقال له بشار يمازحه: أنت أفصح مني? قال: لا؛ قال: فأعلم من ي بمثالب الناس? قال: لا؛ قال: فأشعر مني? قال: لا؛ قال: فلم أعطيك? قال: لئلا أهجوك؛ فقال له: إن هجوتني هجوتك؛ فقال له أبو الشمقمق: هكذا هو? قال: نعم، فقل مابدالك؛ فقال أبو الشمقمق:
إني إذا ماشاعر هجـانـية ولج في القول له لسنـية
أدخلته في است أمه علانية بشـار يابـشـــار.... وأراد أن يقول: يابن الزاني ؛ فوثب بشار فأمسك فاه، وقال: أراد زالله أن يشتمني، ثم دفع إليه مائتي درهم ثم قال له: لايسمعن هذا منك الصبيان يا أبا الشمقمق.
أخبرني أحمد بن العباس العسكري قال حدثني الحسن بن عليل العنزي قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني الأصمعي قال: أمر عقبة بن سلم الهنائي لبشار بعشرة آلاف درهم، فأخبر أبو الشمقمق بذلك فوافى بشارا فقاللأه: يا أبا معاذ، إني مررت بصبيان فسمعتهم ينشدون:
هللينـه هـلـلـينة طعن قثـاة لـتـينة
إن بشـار بـن بـرد تيس أعمى في سفنية فأخرج إليه بشار مائتي درهم فقال: خذ هذه راوية الصبيان يا أبا الشمقمق شعره في هجاء العباس بن محمد
أخبرني أحمد قال حدثنا أبو محمد الصعتري قال حدثنا محمد بن عثمان البصري قال:
استمنح بشار بن برد العباس ممدود وقلبه أبدا في البخل مـعـقـود
إن الكريم ليخفي عنك عسـرتـه حتى تراه غنيا وهو مـجـهـود
وللبخيل علـى أمـوالـه عـلـل زرق العيون عليها أوجـه سـود
إذا تكرهت أن تعطي القليل ولـم تقدر على سعة لم يظهر الجـود
أورق بخير ترجى للنوال فـمـا ترجى الثمار إذا لم يورق العـود
بث النوال ولاتمنـعـك قـلـتـه فكل ماسد فقرا فهو مـحـمـود اجتمع بعباد بن عباد وسلم عليه
أخبرني أحمد قال حدثنا العنزي قال حدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال حدثني أبي عن عباد بن عباد قال: مررت ببشار فقلت: السلام عليك يا أبا معاذ؛ فقال: وعليك السلام، أعباد? فقلت: نعم؛ قال: إني لحسن الرأي فيك؛ فقلت: ماأحوجني إلى ذلك منك يا أبا معاذ جارى امرأ القيس في تشبيهه شيئين بشيئين: أخبرني يحيى بن علي قال أخبرني محمد بن عمر الجرجاني عن أبي يعقوب الخريمي الشاعر أن بشارا قال: لم أزل منذ سمعت قول امرىء القيس في تشبيهه شيئين بشيئين في بيت واحد حيث يقول:
كأن قلوب الطير رطبـا ويابـسـا لدى وكرها العناي والحشف البالي أعمل نفسي في تشبيه شيئين بشيئين في بيت حتى قلت:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا وأسافنا ليل تهاوى كواكبـه قال يحيى: وقد أخذ هذا المعنى منصور النمري فقال وأحسن:
ليل من النقع لاشمس ولاقمر إلا جبينك والمذروبة الشرع كان إسحاق الموصلي يطعن في شعره
ولما أنشد منه سكت:
صفحة : 305
أخبرني يحيى ين علي قال حدثني أبي قال: كان إسحاق الموصلي يطعن على شعر بشار ويضع منه ويذكر أن كظلامه مختلف لايشبه بعضه بعضا؛ فقلنا: أتقول هذا القول لمن يقول: صوت
إذا كنت في كل الأمور معـاتـبـا صديقك لم تلق الذي لاتعـاتـبـه
فعش واحدا أو صل أخاك فـإنـه مقارف ذنب مرة ومـجـانـبـه
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربـه لأبي العبيس بن حمدون في هذه الأبيات خفيف ثقيل بالبنصر قال علي بن يحيى: وهذا الكلام الذي ليس فوقه كلام من الشعر ولاحشو فيه؛ فقال لي إسحاق: أخبرني أبو عبيدة معمر بن المثنى أن شبيل بن عزرة الضبعي أنشده هذه الأبيات للمتلمس؛ وكان عالما بشعره لأنهما جميعا من بني ضبيعة؛ فقلت له: أفليس قد ذكر أبو عبيدة أنه قال لبشار: إن شبيلا أخبره أنها للمتلمس؛ فقال: كذب والله شبيل، هذا شعري، ولقد مدحت به ابن هبيرة فأعطاني عليه أربعين ألفا. وقد صدق بشار، قد مدح في هذه القصيدة ابن هبيرة، وقال فيها:
رويدا تصاهل بالعراق جـيادنـا كأنك بالضحاك قد قـام نـادبـه
وسام لمروان ومن دونه الشجـا وهول كلج البحر جاشت غواربه
أحلت به أم المنـايا بـنـاتـهـا بأسيافنا، إنا ردى من نحـاربـه
وكنا إذا دب العدو لسخـطـنـا وراقبنا في ظاهر لانـراقـبـه
ركبنا له جهلرا بكل مـثـقـف وأبيض تستسقي الدماء مضاربه ثم قلت لإسحاق: أخبرني عن قول بشار في هذه القصيدة:
فلملتولى الحرة اعتصر الـثـرى لظى الصيف من نجم توقد لاهبة
وطارت عصافير الشقائق واكتسى من الآل أمثال المجرة ناضـبـه
غدت عانة تشكو بأبصارها الصدى لإلى الجأب إلا أنها لا تخاطـبـه - العانة: القطيع من الحمير، والجأب: ذكرها. ومعنى شكواها الصدى بأبصارها أن العطش قد تبين في أحداقها فغارت- قال: وهذا من أحسن ما وصف به الحمار والأتن، أفهذا للمتلمس أيضا قال: لا؛ فقلت: أفما هو في غاية الجودة وشبيه بسائر الشعر، فكيف قصد بشار لسرقة تلك الأبيات خاصة وكيف خصه بالسرقة منه وحده من بين الشعراء وهو قبله بعصر طويل وقد روى الرواة شعره وعلم بشار أن ذلك لا يخفى، ولم يعثر على بشار أنه سرق شعرا قط جاهليا ولا إسلاميا. وأخرى فإن شعر المتلمس يعرف في بعض شعر بشار؛ فلم يردد ذلك بشيء.
وقد أخبرني بهذا الخبر هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة أن بشار أنشده:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك لم تلق الذي لاتعاتيه وذكر الأبيات. قال: وأنشدتها شبيل بن عزرة الضبعي، فقال: هذا للمتلمس؛ فأخبرت بذلك بشارا، قال: كذب والله شبيل، لقد مدحت ابن هبيرة بهذه القصيدة وأعطاني عليها أربعين ألفا لما صار طاهر إلى العارق في حرب الأمين سأل عن ولد بشار ليبرهم: أخبرنا يحيى بن علي قال حدثنا علي بن مهدي قال حدثنا علي بن إبارهيم المروزي، وكان أبوه من قواد طاهر، قال حدثني أبي قال: لما خلع محمد المأمون وندب علي بن عيسى، ندب المأمون للقاء علي بن عيسى طاهر بن الحسين ذا اليمينين4 وجلس له لعرضه وعرض أصحابه، فمر به ذو اليمينين معترضا وهو ينشد:
رويد تصاهل بالعراق جيادنا كأنك بالضحاك قد قام نادبه فتفاءل المأمون بذلك فاستدناه فاستعاده البيت فأعاد عليه؛ فقال ذو الرياستين: ياأمير المؤمنين هو حجر العراق؛ قال: أجل. فلما صار ذو اليمينين إلى العراق سأل: هل بقي من ولد بشار أحد? فقالوا: لا؛ فتوهمت أنه قد كان هم لهم بخير غضبه على سلم الخاسر
لأنه سرق من معانيه:
أخبرنا يحيى قال حدثنا أبي قال أخبرني أحمد بن صالح -وكان أحد الأدباء - قال: غضب بشار على سلم الخاسر وكان من تلامذته ورواته، فاستشفع عليه بجماعة من إخوانه فجاؤوه في أمره؛ فقال لهم: كل حاجة لكم مقضية إلا سلما؛ قالوا ما جئناك إلا في سلم ولابد من أن ترضى عنه لنا؛ فقال: أين هو الخبيث? قالوا: هاهو هذا؛ فقام إليه سلم فقبل رأسه ومثل بين يديه وقال: يا أبا معاذ، خريجك وأديبك؛ فقال: يا سلم، من الذي يقول:
صفحة : 306
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيبات الفاتك اللـهـج قال: أنت يا أبا معاذ، جعلني الله فداءك قال: فمن الذي يقول:
من راقب الناس مات غما وفار باللذة الـجـسـور قال خريجك يقول ذلك)يعني نفيه(؛ قال: أفتأخذ معاني التي قد عنيت بها وتعبت في استنباطها، فتكسوها ألفاظا أخف من ألقاظي حتى يروي ماتقول ويذهب شعري لاأرضى عنك أبدا، قال: فمازال يتضرع إليه، ويشفع له القوم حتى رضي عنه. وفي هذه القصيدة يقول بشار:
لو كنت تلقين مانلقى قسمت لنا يوما نعيش به منكم ونبتهـج صوت
لاخير في العيش إن كنا كذا أبدا لانلتقي وسبيل الملتقى نـهـج
قالوا حرام تلاقينا فقلت لـهـم مافي التلاقي ولافي قبلة حرج
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيبات الفاتك اللـهـج
أشكو إلى الله هما مايفارقـنـي وشرعا في فؤادي الدهر تعتلج أنشد الأصمعي شعره فغاظه فخره بنسبه
أخبرنا محمد بن عمران الصيرفي قال حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثنا أحمد بن خلاد قال: أنشدت الأصمعي قول بشار يهجو باهلة:
ودعاني معـشـر كـلـهـم حمق دام لهم ذاك الحـمـق
ليس من جزم ولكن غاظهـم شرفي العارض قد سد الأفق فاغتاظ الأصمعي فقال: ويلي على هذا العبد القن ابن القن حديثه مع امرأة في الشيب
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى قال حدثني علي بن مهدي. قال حدثني عباس ين خالد قال سمعت غير واحد من أهل البصرة يحدث: أن امرأة قالت لبشار: أي رجل أنت لو كنت أسود اللحية والرأس قال بشار: أما علمت أن بيض البزاة أثمن من سود الغربان؛ فقالت له: أما قولك فحسن في السمع، ومن لك بأن يحسن شيبك في العين كما حسن قولك في السمع فكان بشار يقول: ماأفحمني قط غير هذه المرأة أحب الأشياء إليه: ونسخت من كتابه حدثني علي بن مهدي قال حدثني إسحاق بن كلبة قال قال لي أبو عثمان المازني: سئل بشار: أي متاع الدنيا آثر عندك? فقال: طعام مز، وشراب مر، وبنت عشرين بكر دخل إليه نسوة وطلب من إحداهن
أن تواصله فأبت فقال شعرا:
أخبرني عمي قال حدثني عبد الله بن ابي سعد، وأخبرنا الحسن بن علي قال حدثني أحمد بن أبي طاهر قال حدثني عبد الله بن أبي سعد قال حدثني أبو توبة عن صالح بن عطية قال: كان النساء المتظرفات يدخلن إلى بشار في كل جمعة يومين، فيجتمعن عنده ويسمعن من شعره، فسمع كلام امراة منهن فعلقها قلبه وراسلها يسألها أن تواصله؛ فقالت لرسوله: وأي معنى فيك لي أو لك في وأنت أعمى لا تراني فتعرف حسني ومقداره، وأنت قبيح الوجه فلا حظ لي فيك فليت شعري لأي شيء تطلب وصال مثلي وجعلت تهزأ به في المخاطبة؛ فأدى الرسول الرسالة، فقال له: عد إليها فقل لها:
أيرى له فضل على آيارهم وإذا أشظ سجدن غير أوابي
تلقاه بعد ثلاث عشرة قائمـا فعل المؤذن شك يوم سحاب
وكأن هامة رأسه بـطـيخة حملت إلى ملك بدجله جابي اعترض مروان بن أبي حفصة على
بيت من شعره فأجابه:
أخبرني علي بن صالح بن الهيثم قال حدثنا أبو هفان قال أخبرني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني عن أبيه قال: قال مروان لبشار لمل أنشده هذا البيت:
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصنمت من لاونعم جعلني الله فداءك يا أبا معاذ هلا قلت: خرست بالصمت ؛ قال: إذا أنا في عقلك فض الله فاك أأتطير على من أحب بالخرس مدح خالدا البرمكي فأجازه
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثني بعض أصحابنا قال: وفد بشار إلى خالد بن برمك وهو على فارس فأنشده:
أخالد لم أخـبـط إلـيك بـذمة سوى أنني عاف وأنت جـواد
أخالد بين الأجر والحمد حاجتي فأيهما تأتي فـأنـت عـمـاد
فإن تعطني أفرغ عليك مدائحي وإن تأب لم يضرب علي سداد
ركابي على حرف وقلبي مشيع ومالي بأرض الباخلـين بـلاد
صفحة : 307
إذا أنكرتني بلدة أو نكرتـهـا خرجت مع البازي علي سواد قال: فدعا خالد بأربعة آلاف دينار في أربعة أكياس فوضع واحدا عن يمينه وواحدا عن شماله وآخر بين يديه وآخر خلفه، وقال: يا أبا معاذ، هل استقل العماد? فلمس الأكياس ثم قال: استقل والله أيها الأمير مدح الهيثم بن معاوية وأخذ جائزته
أخبرني حبيب بن نصر المهلبي قال حدثنا عمر بن شبة قال قال محمد بن الحجاج حدثني بشار قال: دخلت على الهيثم بن معاوية وهو أمير البصرة، فأنشدته:
إن السلام أيهـا الأمـير عليك والرحمة والسرور فسمعته يقول: إن هذا الأعمى لايدعنا أو ياخذ من دراهمنا شيئا؛ فطمعت فيه فما برحت حتى انصرفت بجائزته.
طلب رجلا من بني زيد للمفاخرة
وهجاه فانقطع عنه:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا عيسى بن اسماعيل عن محمد بن سلام قال: وقف رجل من بني زيد شريف، لاأحب أن أسميه، على بشار، فقال له: يابشار قد أفسدت علينا موالينا، تدعوهم إلى الانتفاء منا وترغبهم في الرجوع إلىأصولهم وترك الولاء، وأنت غير زاكي الفرع ولامعروف الأصل؛ فقال له بشار: والله لأصلي أكرم من الذهب، ولفرعي أزكى من عمل الأبرار، ومافي الأرض كلب يود أن نسبك له بنسبه، ولو شئت أن أجعل جواب كلامك كاملا لفعلت، ولكن موعدك غدا بالمردب؛ فرجع الرجل إلى منزله وهو يتوهم أن بشارا يحضر معه المربد ليفاخره، فخرج من الغد يريد المربد فإذا رجل ينشد:
شهدت على الزيدي أن نساءه ضباع إلى أير العقيلي تزفر فسأل عمن قال هذا البيت؛ فقيل له: هذا لبشار فيك؛ فرجع إلى منزله من فوره ولم يدخل المربد حتى مات قال ابن سلام: وأنشد رجل يوما يونس في هذه القصيدة وهي:
بلوت بني زيد فما فـي كـبـارهـم حلوم ولافي الأصغرين مـطـهـر
فأبلغ بني زيد وقـل لـسـراتـهـم وإن لم يكن فيهـم سـراة تـوقـر
لأمـكـم الـويلان إن قـصــائدي صواعق منها مـنـجـد ومـغـور
أجـدهـم لايتـقـــون دنـــية ولايؤثرون الخير والـخـير يؤثـر
يلفون أولاد الزنـا فـي عـدادهـم فعدتهم من عـدة الـنـاس أكـثـر
إذا مارأوا من دأبه مـثـل دأبـهـم أطافوا به، والغي للـغـي أصـور
ولوفارقوا من فـيهـم مـن دعـارة لما عرفتهم أمهم حـين تـنـظـر
لقد فخروا بالملـحـقـين عـشـية فقلت افخروا إن كان في اللؤم مفخر
يريدون مسعـاتـي ودون لـقـائهـا قناديل أبواب السـمـوات تـزهـر
فقل في بني زيد كما قال مـعـرب قوارير حجـام غـدا تـتـكـسـر فقال يونس للذي أنشده: حسبك حسبك من هيج هذا الشيطان عليهم? قيل: فلان؛ فقال: رب سفيه قوم قد كسب لقومه شرا عظيما ضمن مثلا في شعره عند عقبة
ابن سلم واستحق جائزته:
أخبرني عمي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني عبد الله بن بشر بن هلال قال حدثني محمد بن محمد البصري قال حدثني النضر بن طاهر أبو الحجاج قال: قال بشار: دعاني عقبة بن سلم ودعا بحماد عجرد وأعشى باهلة، فلما اجتمعا عنده قال لنا: إنه خطر ببالي البارحة مثل مايتمثله الناس: ذهب الحمار يطلب قرنين فجاء بلا أذنين فأخرجوه من الشعر، ومن أخرجه من الشعر، ومن أخرجه فله خمسة آلاف درهم، وإن لم تفعلوا جلدتكم كلكم خمسمائة؛ فقال حماد: أجلنا أعز الله الأمير شهرا؛ وقال الأعشى: أجلنا أسبوعين؛ قال: وبشار ساكت لايتكلم؛ فقال له عقبة: ملك يا أعمى لاتتكلم أعمى الله قلبك فقال: أصلح الله الأمير، قد حضرني شيء فإن أمرت قلته؛ فقال قل؛ فقال:
شط بسلمى عاجل البـين وجاورت أسد بني القين
ورنت النفس لـهـا رنة كادت لها تنشق نصفين
يابنة من لاأشتهي ذكـره أخشى عليه علق الشين
والله لو ألقاك لاأتـقـي عينا لقبلـتـك ألـفـين
طالبتها ديني فراغت به وعلقت قلبي مع الـدين
فصرت كالعير غدا طالبا قرنا فلم يرجع بأدنـين قال: فانصرف بشار بالجائزة
صفحة : 308
قصته مع قوم من قيس عيلان
نزلوا بالبصرة ثم ارتحلوا:
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثنا علي بن مهدي قال حدثني عبد الله بن عطية الكوفي قال حدثني عثمان بن عمرو الثقفي قال قال أبان بن عبد الحميد اللاحقي: نزل في ظاهر البصرة قوم من أعراب قيس عيلان وكان فيهم بيان وفصاحة، فكان بشار يأتيهم وينشدهم أشعاره التي يمدح بها قيسا فيجلونه لذلك ويعظمونه، وكان نساؤهم يجلسن معه ويتحدثن إليه وينشدن أشعاره في الغزل وكن يعجبن به، وكنت كثيرا ماآتي ذلك الموضع فأسمع منه ومنهم، فأتيتهم يوما فإذا هم قد ارتحلوا، فجئت إلى بشار فقلت له: يا أبا معاذ، أعلمت أن القوم قد ارتحلوا? قال: لا؛ فقلت: فاعلم؛ قال:: قد علمت لاعلمت ومضيت، فلما كان بعد ذلك بأيام سمعت الناس ينشدون:
دعا بفراق من تهـوى أبـان ففاض الدمع واحترق الجنان
كأن شرارة وقعت بقلـبـي لها في نقلتي ودجمي أتنـان
وإذا انشدت أو نسمت عليهـا رياح الصيف هاج لها دخان فعلمت أنها لبشار، فأتيته فقلت: يا أبا معاذ، ماذنبي إليك? قال: ذنب غراب البين؛ فقلت: هل ذكرتني بغير هذا? قال: لا؛ فقلت: أنشدك الله ألا تزيد؛ فقال: امض لشأنك فقد تركتك بشار وجعفر ين سليمان
وسنخت من كتابه: حدثني علي بن مهدي قال حدثني يحيى بن سعيد الأيوزرذي المعتزلي قال حدثني أحمد بن المعذل عن أبيه قال: أنشد بشار بن جعفر بن سليمان:
أقلي فإنـا لاحـقـون وإنـمـا يؤخرنا أنـا يعـد لـنـا عـدا
وماكنت إلا كالأغرابن جعـفـر رأى المال لايبقى فأبقى به حمدا فقال له جعفر بن سليمان: من ابن جعفر? قال: الطيا في الجنة؛ فقال: لقد ساميت غير مسامي فقال: والله مايقعدني عن شأوه بعد النسب، لكن قلة النشب، وإني لأجود بالقليل وإن لم يكن عندي الكثير، وماعلى من جاد بما يملك ألا يهب البدور؛ فقال له جعفر: لقد هززت أبا معاذ، ثم دعا له بكيس فدفعه إليه.
سئل عن ميله للهجاء فأجاب
ونسخت من كتابه: حدثني علي بن مهدي قال حدثني أحمد بن سعيد الرازي عن سليمان بن سليمان العلوي قال: قيل لبشار: إنك لكثير الهجاء فقال: إني وجدت الهجاء المؤلم آخذ بضبع الشاعر من المديح الرائع، ومن أراد من الشعارء أن يكرم في دهر اللئام على المديح فليستعد للفقر وإلا فليبالغ في الهجاء ليخاف فيعطى.
بشار في صباه
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا أبو غسان دماذ عن أبي عبيدة قال: كان ابو بشار طيانا حاذقا بالتطبين، وولد له بشاروهو أعمى، فكان يقول: مارأيت مولودا أعظم بركة منه، ولقد ولد لي ماعندي درهم فما حال الحول حتى جمعت مائتي درهم. ولم يمت ببرد حتى قال بشار الشعر. وكان لبشار أخوان يقال لأحدهما: بشر، وللآخر: بشير، وكانا قصابين وكان بشار بارا بهما، على أنه كان ضيق الصد ومتبرما بالناس، فكان يقول: اللهم إني قد تبرمت بنفسي وبالناس جميعا، اللهم فأرحني منهم. وكان إخوته يستعيرون ثيابه فيوسخونها وينتنون ريحها، فاتخذ قميصا له جيبان وحلف ألا يعيرهم ثوبا من ثيابه، فكانوا يأخذونها بغير إذنه؛ فإذا دعا بثوبه فلبسه فأنكر ريحته فيقول إذا وجد رائحة كريهة نم ثوبه: أينما أتوجه ألق سعدا. فإذا أعياه الأمر خرج إلى الناس في تلك الثياب على نتنها ووسخه، فيقال له: ماهذا يا أبا معاذ? فيقول: هذه ثمرة صلة الرحم. قال: وكان يقول الشعر وهو صغير، فإذا هجا قوما جاؤوا إلى أبيه فشكوه فيضربه ضربا شديدا، فكانت أمه تقول: كم تضرب هذا الصبي الضرير، أما ترحمه فيقول: بلى والله إني لأرحمه ولكنه يتعرض للناس فيشكونه إلي؛ فسمعه بشار فطمع فيه فقال له: ياأبت إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر، وإني إن ألممت عليه أغنيتك وسائر أهلي، فإن شكوني إليك فقل لهم: أليس الله يقول: ليس على الأعمى حرج . فلما عاودوه شكواه قال لهم برد ماقاله بشار؛ فانصرفوا وهم يقولون: فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار.
مائتا دينار لشعره في مطاولة النساء
أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني محمد بن عثمان الكريزي قال حدثني بعض الشعراء قال:
صفحة : 309
أتيت بشارا الأعمى وبين يديه مائتا دينار، فقال لي: خذ منها ماشئت، أو تدري ماسببها? قلت: لا؛ قال: جاءني فتى فقال لي: أنت بشار? فقلت: نعم؛ فقال: إني آليت أن أدفع إليك مائتي دينار وذلك أني عشقت امرأة فجئت إليها فكلمتها فلم تلتفت إلي، فهممت أن أتركها فذكرت قولك:
لايؤيسنك مـن مـخـبـأة قول تغلظه وإن جـرحـا
عسر النساء إلى مـياسـرة والصعب يمكن بعدما جمحا فعدت إليها فلازمتها حتى بلغت منها حاجتي عاب الأخفش شعره
ثم صار بعد ذلك يستشهد به لما بلغه أنه هم بهجوه:
أخبرني عمي قال حدثني الكراني عن أبي حاتم قال: كان الأخفش طعن على بشار في قوله:
فالآن أقصر عن سمية باطلي وأشار بالوجلى على مشـير وفي قوله:
على الغزلى مني السلام فربمـا لهوت بها في ظل مرءومة زهر وفي قوله في صفة السفينة:
تلاعب نينان الـبـحـور وربـمـا رأيت نفوس القوم من جريها تجري وقال: لم يسمع من الوجل والغزل فعلى، ولم أسمع بنون ونينان؛ فبلغ ذلك بشارا فقال: ويلي على القصارين متىكانت الفصاحة في بيوت القصارين دعوني وإياه؛ فبلغ ذلك الأخفش فبكى وجزع؛ فقيل له: مايبكيك? فقال: ومالي لاأبكي وقد وقعت في لسان بشار الأعمى فذهب أصحابه بعد ذلك يحتج بشعره في كتبه ليبلغه؛ فكف عن ذكره بعد هذا.
قال: وقال غير ابي حاتم: إنما بلغه سيبويه عاب هذه الأحرف عليه لا الأخفش، فقال يهجوه:
أسبويه يابن الفارسية مـاالـذي تحدثت عن شتمي وما كنت تنبذ
أظلت تغني سادرا في مساءتي وأمك بالمصرين تعطي وتأخذ قال: فتوقاه سيبويه بع د ذلك، وكان إذا سئل عن شيء فأجاب عنه ووجد له شاهدا من شعر بشار احتج به استكفافا لشره.
ذم بني سدوس باستعانة بني عقيل
أخبرني محمد بن عمران الصيرفي قال حدثني الحسن بن عليل العنزي قال حدثني أحمد بن علي بن سويد بن منجوف قال: كان بشار مجاورا لبني عقيل وبني سدوس في منزل الحيين، فكانوا لايزالون يتفاخرون، فاستعانت عقيل ببشار وقالوا: يا أبا معاذ، نحن أهلك وأنت ابننا وربيت في جحورنا فأعنا؛ فخرج عليهم وهم يتفاخرون، فجلس ثم أنشد:
كأن بني سدوس رهط ثـور خنافس تحت منكسر الجدار
تحرك للفخار زبـانـييهـا وفخر الخنفساء من الصغار فوثب بنو سدوس إليه فقالوا: مالنا ولك ياهذا نعوذ بالله من شرك فقال: هذا دأبكم إن عاوتم مفاخرة بني عقيل؛ فلم يعاودوها.
أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا ابن مهروية قال حدثني محمد بن إسماعيل عن محمد بن سلام قال: قال يونس النحوي: العجب من الأزد يدعون هذا العبد ينسب بنسائهم ويهجو رجالهم -يعني بشارا - ويقول:
ألا ياصنم الأزد ال ذي يدعونه ربـا ألا يبعثون إليه من يفتق بطنه ذم أناسا كانوا مع ابن أخيه أخبرني الحسن قال حدثني ابن مهروية عن أحمد بن إسماعيل عن محمد بن سلام قال: مر ابن أخ لبشار ببشار ومعه قوم: فقال لرجل معه وسمع كلامه: من هذا? فقال: ابن أخيك؛ قال: اشهد أن أصحابه سفلة؛ قال: وكيف علمت? قال: بيس عليهم نعال.
سمع شعره من مغنية فطرب
وقال: هذا أحسن من سورة الحشر
اخبرني الحسن قال حدثنا محمد بن القاسم قال حدثني الفضل بن يعقوب قال: كنا عند جارية لبعض التجار بالكرخ تغنينا، وبشار عندنا، فغنت في قوله:
إن الخلـيفة قـد أبـى وإذا أبى شيئا أبـيتـه
ومخضب رخص البنـا ن وبكى علي وما بكيته
يامنظرا حسـنـا رأي ت بوجه جارية فديتـه
بعثت إلي تسـومـنـي ثوب الشباب وقد طويته فطرب بشار وقال: هذا والله يا أبا عبد الله أحسن من سورة الحشر. وقد روى هذه الكلمة عن بشار غير من ذكرته فقال عنه: إنه قال: هي والله أحسن من سورة الحشر. والغناء في هذه الأبيات. وتمام الشعر:
وأنا المطل على العـدا وإذا غلا الحمد اشتريته
وأميل في أنس النـدي م من الحياء ومااشتهيته
ويشوقني بيت الحـبـي ب إذا غدوت وأين بيته
صفحة : 310
حال الخلـيفة دونـه فصبرت عنه وماقليته وأنشدني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعي هذه الأبيات وأخبرني أن الجاحظ أخبره أن المهدي نهى بشارا عن الغزل وأن يقول شيئا من النسيب، فقال هذه الأبيات. قال: وكان الخليل بن أحمد ينشدها ويستحسنهات ويعجب بها.
سألته ابنته لماذا يعرفه الناس ولايعرفهم
فأجابها:
أخبرني هاشم بن محمد قال حدثنا دماذ أبو غسان عن محمد بن الحجاج قال: قالت بنت بشار لبشار: ياأبت، مالك يعرفك الناس ولاتعرفهم? قال: كذلك الأمير يابنية.
سبب عبد الله بن مسور أبا النضير فدافع عنه بشار: أخبرني عبد الله بن محمد الرازي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني قال: قال عبد الله بن مسور الباهلي يوما لأبي النضير، وقد تحاوروا في شيء: يابن اللخناء، اتكلمني ولواستريت عبدا بمائتي درهم واعتقته لكان خيرا منك قال له أبو النضير: والله لو كنت ولد زنا لكنت خيرا من باهلة كلها؛ فغضب الباهلي؛ فقال له بشار: أنت منذ ساعة تزني أما ولايغضب، فلما كلمك كلمة واحدة لحقك هذا كله فقال له: وأمه مثل أمي يا أبا معاذ فضحك، ثم قال: والله لو كانت أمك أم الكتاب ما كان بينكما من المصارمة هذا كله.
طلب من ابن مزيد أن يدخله على المهدي
فسوفه فهجاه:
نسخت من كتاب هارون بن علي بن يحيى: حدثني علي بن مهدي قال حدثني سعيد بن عبيد الخزاعي قال: ورد بشار بغداد فقصد يزيد بن مزيد، وسأله أن يذكره للمهدي، فسوفه أشهرا؛ ثم ورد روح بن حاتم فبلغه خبر بشار، فذكره للمهدي من غير أن يلقاه، وأمر بإحضاره فدخل إلى المهدي وأنشده شعرا مدحه به، فوصله بعشرة آلاف درهم ووهب له عبدا وقينة وكساه كسا كثيرة ؛ وكان يحضر قيسا مرة، فقال بشار يهجو يزيد بن مزيد:
ولما التقينا بالجنينة غـرنـي بمعروفه حتى خرجت أفوق غرني: أوجرني كما يغر الصبي أو يوجر اللبن.
حباني بعبد قعـسـري وقـينة ووشي وآلا ف لهـن بـريق
فقل ليزيد يلعص الشهد خالـيا لنا دونه عند الخلـيفة سـوق
رقدت فنم يابن الخبـيثة إنـهـا مكارم لايستطيعهن لـصـيق
أبى لك عرق من فلانة أن ترى جوادا ورأس حين شبت حليق قصيدته التي مدح بها إبراهيم بن عبد الله
فلما قتل جعلها للمنصور:
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال: كان بشار كتب إلى إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بقصيدة يمدحه بها ويحرضه ويشير عليه، فلم تصل إليه حتى قتل، وخاف بشار أن تشتهر فقلبها وجعل التحريض فيها على أبي مسلم والمدح والمشورة لأبي جعفر المنصور، فقال:
أبا مسلم ماطيب عيش بدائم ولاسالم عما قليل بسالـم وإنما كان قال: أبا جعفر ماطيب عيش فغيره وقال فيها:
إذا بلغ الرأي النصيحة فاستـعـن بعزم نصـيح أو بـتـأييد حـازم
ولاتجعل الشورى عليك غضاضة مكان الخوافي نافع لـلـقـوادم
وخل الهوينى للضعيف ولاتـكـن نؤوما فإن الحزم لـيس بـنـائم
وماخير كف أمسك الغل أختـهـا وماخير سـيف لـم يؤيد بـقـائم
وحارب إذا لم تعـط إلا ظـلامة شبا الحرب خير من قبول المظالم
وأدن على القرى المقرب نفسـه ولاتشهد الشورى أمرا غير كاتـم
فإنك لاتستطرد الهم بـالـمـنـى ولاتبلغ العليا بغير الـمـكـارم
إذا كنت فردا هرك القوم مقبـلا وإن كنت أدنى لم تفز بالـعـزائم
وماقرع الأقوام مـثـل مـسـيع أريب ولاجلى العمى مثل عالـم قال الأصمعي: فقلت لبشار: إني رأيت رجال الرأي يتعجبون من أبياتك في المشورة؛ فقال: أما علمت أن المشا
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:48 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية5
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:46 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية4
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:45 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية3
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:44 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية2
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:42 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:41 pm من طرف Admin
» نموذج من بناء الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:39 pm من طرف Admin
» كيف تنشأ الرواية أو المسرحية؟
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:38 pm من طرف Admin
» رواية جديدة
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:26 pm من طرف Admin