لا مطاع في آل زينب.... وأول لحن ابن محرز:
ولقد أشهد المحدث.... ومما غني فيه لابن محرز من أشعار عمر بن أبي ربيعة في زينب بنت موسى قوله: صوت
يا من لقلـب مـتـيم كـلـف يهذي بخود مريضة النـظـر
تمشي الهوينى إذا مشت فضـلا وهي كمثل العسلوج في الشجر - للغريض في هذين البيتين خفيف رمل بالوسطى، ولابن سريج رمل بالبنصر عن الهشامي وحبش -
ما زال طرفي يحار إذ بـرزت حتى رأيت النقصان في بصري
أبصرتها لـيلة ونـسـوتـهـا يمشين بين المقام والـحـجـر
ما إن طمعنا بها ولا طمـعـت حتى التقينا ليلا عـلـى قـدر
بيضا حسانا خـرائدا قـطـفـا يمشين هونا كمشية الـبـقـر
قد فزن بالحسن والجمال مـعـا وفزن رسلا بالدل والـخـفـر
ينصتن يوما لها إذا نـطـقـت كيما يشرفنها على الـبـشـر
قالت لثرب لهـا تـحـدثـهـا لنفسدن الطواف فـي عـمـر
قومي تصدي له لـيعـرفـنـا ثم اغمزيه يا أخت في خـفـر
قالت لها قد غمـزتـه فـأبـى ثم اسبطرت تسعى على أثـري
من يسق بعد المنام ريقـتـهـا يسق بمسك وبـارد خـصـر غنى في هذا الشعر الغريض خفيف رمل بالوسطى عن عمرو. وغن فيه ابن سريج رملا بالبنصر عن الهشامي وحبش. ومنها: صوت
ألا يا بكر قد طرقـا خيال هاج لي الأرقا
لزينب إنها هـمـي فكيف بحبلها خلقـا
خدلجة إذا انصرفت رأيت وشاحها قلقـا
وساقا تملأ الخلـخـا ل فيه تراه مختنقـا
إذا ما زينب ذكـرت سكبت الدمع متسقا
كأن سحابة تهـمـي بماء حملت غـدقـا الغناء لحنين رمل عن الهشامي. وفيه لابن عباد خفيف ثقيل، ويقال: إنه ليونس. ومما قاله فيها أيضا وغني فيه: صوت
ألمم بزينب إن الـبـين قـد أفـدا قل الثواء لئن كان الرحيل غـدا
قد حلفت ليلة الصورين جـاهـدة وما على المرء إلا الحلف مجتهدا
لأختها ولأخرى من مناصـفـهـا لقد وجدت به فوق الـذي وجـدا
لو جمع الناس ثم اختير صفوهـم شخصا من الناس لم أعدل به أحدا الغناء لابن سريج رمل بالسبابة والبنصر في الأول والثاني عن يحيى المكي، وله فيه أيضا خفيف رمل بالوسطى في الثاني والثالث والرابع عن عمرو. ولمعبد ثقيل أول في الأول والثاني عن الهشامي. وفيه خفيف ثقيل ينسب إلى الغريض ومالك.
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن مصعب الزبيري قال: اجتمع نسوة فذكرن عمر بن أبي ربيعة وشعره وظرفه ومجلسه وحديثه، فتشوقن إليه وتمنينه. فقالت سكينة: أنا لكن به، فبعثت إليه رسولا أن يوافي الصورين ليلة سمتها، فوافاهن على رواحله، فحدثهن حى طلع الفجر وحان انصرافهن. فقال لهن: والله إني لمحتاج إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده، ولكني لا أخلط بزيارتكن شيئا. ثم انصرف إلى مكة وقال في ذلك:
ألمم بزينب إن البين قد أفدا وذكر الأبيات المتقدمة.
عود إالى شهادة جرير
والغريب وغيرهما في شعرعمر
أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن لقيط قال: أنشد جرير قول عمر بن أبي ربيعة: الصوت
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ف بهم آهل أراك جمـيلا?
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا وبزعمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مـقـامـا وأحبوا دمـاثة وسـهـولا
صفحة : 31
فقال جرير: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه وأصابه هذا القرشي. وفي هذه الأبيات رملان: أحدهما لابن سريج بالسبابة في مجرى الوسطى، والآخر لإسحاق مطلق في مجرى البنصر جميعا من روايته. وذكر عمرو: أن فيها رملا ثالثا بالوسطى، لابن جامع. وقال الهشامي: فيها ثلاثة أرمال لابن سريج، وابن جامع، وإبراهيم. ولأبي العبيس بن حمدون فيها ثاني ثقيل. وفيها هزج لإبراهيم الموصلي من جامع أغانيه.
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال: وجدت كتابا بخط محمد بن الحسن ذكر فيه أن فليح بن إسماعيل حدثه عن معاذ صاحب الهروي أن النصيب قال: عمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال.
أخبرني الطوسي: قال حدثنا الزبير قال حدثتني ظمياء مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب قالت: سمعت جدك يقول - وقد أنشد قول عمر بن أبي ربيعة: صوت
يا ليتني قد أجزت الحبل نحـوكـم حبل المعرف أو جاوزت ذا عشر
إن الثواء بـأرض لا أراك بـهـا فاستيقنيه ثـواء حـق ذي كـدر
وما مللت ولكـن زاد حـبـكـم وما ذكرتك إلا ظلت كالـسـدر
ولا جذلت بشيء كان بـعـدكـم ولا منحت سواك الحب من بشر الغناء في هذه الأربعة الأبيات لسلام بن الغساني رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن جامع وقفا النجار لحنان من كتاب إبراهيم ولم يجنسهما. وتمام الأبيات:
أذري الدموع كذى سقم يخامره وما يخامرني سقم سوى الذكر
كم قد ذكرتك لو أجدى تذكركم يا أشبه الناس كل الناس بالقمر - قالت: فقال جدك: إن لشعر عمر بن أبي ربيعة لموقعا في القلب، ومخالطة للنفس ليسا لغيره، ولو كان شعر يسحر لكان شعره سحرا.
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عمامة بن عمر قال: رأيت عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير يسأل المسور بن عبد الملك عن شعر عمر بن أبي ربيعة، فجعل يذكر له شيئا لا يعرفه، فيسأله أن يكتبه إياه ففعل، فرأيته يكتب ويده ترعد من الفرح.
المفاضلة بين شعره و شعر الحارث
بن خالد
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون عن عمه يوسف قال: ذكر شعر الحارث بن خالد وشعر عمر بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق في مجلس رجل من ولد خالد بن العاصي بن هشام، فقال: صاحبنا - يعني الحارث بن خالد - أشعرهما. فقال له ابن أبي عتيق: بعض قولك يا ابن أخي، لشعر عمر بن أبي ربيعة نوطة في القلب، وعلوق بالنفس، ودرك للحاجة ليست لشعر، وما عصي الله جل وعز بشعر أكثر مما عصي بشعر ابن أبي ربيعة، فخذ عني ما أصف لك: أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته. فقال المفضل للحارث: أليس صاحبنا الذي يقول:
إني وما نحروا غداة منى عند الجمار يؤدها العقل
لو بدلت أعلى مساكنـهـا سفلا واصبح سفلها يعلو
فيكاد يعرفها الخبير بهـا فيرده الإقواء والمـحـل
لعرفت مغناها بما احتملت مني الضلوع لأهلها قبل فقال له ابن أبي عتيق: يابن أخي، استر على نفسك، واكتم على صاحبك، ولا تشاهد المحافل بمثل هذا، أما تطير الحارث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله ما بقي إلا أن يسأل الله تبارك وتعالى لها حجارة من سجيل. ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبة للربع من صاحبك، وأجمل مخاطبة حيث يقول:
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا وذكر الأبيات الماضية. قال: فانصرف الرجل خجلا مذعنا.
شيء من أخبار الحارث الملقب بالقباع
أخبرني علي بن صالح قال حدثني أبو هفان عن إسحاق عن رجاله المسمين، وأخبرني به الحرمي عن الزبير عن عمه عن جده، قالوا: كان الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أخو عمر بن أبي ربيعة رجلا صالحا دينا من سروات قريش، وإنما لقب القباع لأن عبد الله بن الزبير كان ولاه البصرة، فرأى مكيالا لهم فقال: إن مكيالكم هذا لقباع - قال: وهو الشيء الذي له قعر - فلقب بالقباع.
صفحة : 32
وأخبرني محمد بن خلف بن المرزبان وأحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالوا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عبد الله بن محمد الطائي قال حدثنا خالد بن سعيد قال: استعمل ابن الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فأتوه بمكيال لهم، فقال لهم: إن مكيالكم هذا لقباع، فغلب عليه. وقال أبو الأسود الدؤلي - وقد عتب عليه - يهجوه ويخاطب ابن الزبير:
أمير المؤمنين جزيت خيرا أرحنا من قباع بني المغيرة
بلوناه ولـمـنـاه فـأعـيا علينا ما يمر لنـا مـريرة
على أن الفتى نكح أكـول وولاج مذاهبـه كـثـيرة شعر عمر في تشوقه إلى مكة
بعد أن خرج منها إلى اليمن
قالوا: وكان الحارث ينهى أخاه عن قول الشعر فيأبى أن يقبل منه، فأعطاه ألف دينار على ألا يقول شعرا، فأخذ المال وخرج إلى أخواله بلحج وأبين مخافة أن يهجيه مقامه بمكة على قول الشعر، فطرب يوما فقال: صوت
هيهات من أمة الوهاب منزلـنـا إذا حللنا بسيف البحر مـن عـدن
واحتل أهلك أجيادا ولـيس لـنـا إلا التذكر أو حظ مـن الـحـزن
لو أنها أبصرت بالجزع عبـرتـه من أن يغرد قمري على فـنـن
إذا رأت غير ما ظنت بصاحبـهـا وأيقنت أن لحجا ليس من وطنـي
ما أنس لا أنس يوم الخيف موقفها وموقفي وكلانا ثـم ذو شـجـن
وقولها للـثـريا وهـي بـاكـية والدمع منها على الخدين ذو سنن
بالله قولي له في غير مـعـتـبة ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها فما أخذت بترك الحج من ثـمـن قال: فسارت القصيدة حتى سمعها أخوه الحارث، فقال: هذا والله شعر عمر، قد فتك وغدر. قال: وقال ابن جريج: ما ظننت أن الله عز وجل ينفع أحدا بشعر عمر بن أبي ربيعة حتى سمعت وأنا باليمن منشدا ينشد قوله:
بالله قولي له في غير مـعـتـبة ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها فما أخذت بترك الحج من ثـمـن فحركني ذلك على الرجوع إلى مكة، فخرجت مع الحاج وحججت.
غنى في أبيات عمر هذه ابن سريج، ولحنه رمل بالبنصر في مجراها عن إسحاق. وفيها للغريض ثقيل أول بالوسطى عن عمرو.
طلب الوليد من يخبره عن الطائف
فدل على عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان قال حدثني إسحاق عن السعدي قال: قدم الوليد بن عبد الملك مكة، فأراد أن يأتي الطائف فقال: هل لي في رجل علم بأموال الطائف فيخبرني عنها? فقالوا: عمر بن أبي ربيعة. قال: لا حاجة لي به. ثم عاد فسأل فذكروه له فرده. ثم عاد فسأل فذكروه له ثم رده. ثم عاد فسأل فذكروه له ، فقال: هاتوه. فركب معه يحدثه، ثم حرك عمر رداءه ليصلحه على كتفه، فرأى على منكبه أثرا. فقال: ما هذا الأثر? فقال: كنت عند جارية إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية أخرى، فجعلت تسارني، فغارت التي كنت أحدثها فعضت منكبي، فما وجدت ألم عضها من لذة ما كانت تلك تنفث في أذني، حتى بلغت ما ترى، والوليد يضحك. فلما رجع عمر قيل له: ما الذي كنت تضحك أمير المؤمنين به? فقال: مازلنا في حديث الزنا حتى رجعنا.
المفاضلة بينه وبين ابن قيس الرقيات
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن عبد الله البكري وغيره عن عبد الجبار بن سعيد المساحقي عن أبيه قال: دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نوفل بن مساحق، فإنه لمعتمد على يدي، إذ مررنا بسعيد بن المسيب في مجلسه وحوله جلساؤه، فسلمنا عليه فرد علينا، ثم قال لنوفل: يا أبا سعيد، من أشعر: صاحبنا أم صاحبكم? يريد: عبد الله بن قيس، أو عمر بن أبي ربيعة. فقال نوفل: حين يقولان ماذا يا أبا محمد? قال: حين يقول صاحبنا:
خليلي ما بال المطايا كـأنـمـا نراها على الأدبار بالقوم تنكص
وقد قطعت أعناقهـن صـبـابة فأنفسنا مما يلاقـين شـخـص
وقد أتعب الحادي سراهن وانتحى بهن فما يألو عجول مقـلـص
صفحة : 33
يزدن بنا قربا فيزداد شـوقـنـا إذا زاد طول العهد والبعد ينقض ويقول صاحبك ما شئت. فقال له نوفل: صاحبكم أشعر في الغزل، وصاحبنا أكثر أفانين شعر. فقال سعيد: صدقت. فلما انقضى ما بينهما من ذكر الشعر، جعل سعيد يستغفر الله ويعقد بيده حتى وفى مائة. فقال البكري في حديثه عن عبد الجبار: قال مسلم: فلما انصرفنا قلت لنوفل: أتراه استغفر الله من إنشاد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقال: كلا هو كثير الإنشاد والاستنشاد فيه، ولكن أحسب ذلك للفخر بصاحبه.
المفاضلة بينه وبين جميل
ابن معمر العذري
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة حدثنا عوانة بن الحكم وأبو يعقوب الثقعفي: أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أي بيت قالته العرب أغزل? فقال بعضهم: قول جميل:
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ويحيا إذا فارقتهـا فـيعـود وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة:
كأنني حين أمسي لا تكلمنـي ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا فقال الوليد: حسبك والله بهذا أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد عن شيخ من أهله عن أبي الحارث مولى هشام بن الوليد بن المغيرة - قال: وهو الذي يقول فيه عمر بن أبي ربيعة:
يا أبا الحارث قلبي طائرفأتمر أمر رشيد مؤتمن قال: شهدت عمر بن أبي ربيعة، وجميل بن عبد الله بن معمر العذري، وقد اجتمعا بالأبطح، فأنشد جميل قصيدته التي يقول فيها:
لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
يقولون مهلا يا جـمـيل وإنـنـي لأقسم مالي عن بثينة من مـهـل حتى أتى على آخرها، ثم قال لعمر: يا أبا الخطاب، هل قلت في هذا الروي شيئا? قال نعم.
قال: فأنشدنيه، فأنشده قوله:
جرى ناصح بالود بينـي وبـينـهـا فقربني يوم الحصاب إلى قـتـلـي
فطارت بحد من فـؤادي وقـارنـت قرينتها حبل الصفاء إلى حـبـلـي
فلما تواقفنا عـرفـت الـذي بـهـا كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعـل
فقلن لها هذا عـشـاء وأهـلـهـا قريب ألما تسأمي مركب البـغـل
فقالت فما شئتن قلن لهـا انـزلـي فللأرض خير من وقوف على رحل
نجوم دراري تـكـنـفـن صـورة من البدر وافت غير هوج ولا عجل
فسلمت واستأنسـت خـيفة أن يرى عدو مقامي أو يرى كاشح فعـلـي
فقالت وأرخت جانب الستـر إنـمـا معي فتكلم غير ذي رقبة أهـلـي
فقلت لها ما بي لهم مـن تـرقـب ولكن سري ليس يحملـه مـثـلـي
فلما اقتصرنا دونـهـن حـديثـنـا وهن طبيبات بحاجة ذي الـشـكـل
عرفن الذي تهوى فقلن ائذني لـنـا نطف ساعة في برد ليل وفي سهل
فقالت: فلا تلبثن قـلـن تـحـدثـي أتيناك، وانسبن انسياب مها الرمـل
وقمن وقد أفهمن ذا الـلـب أنـمـا أتين الذي يأتين من ذاك من أجلـي فقال جميل: هيهات يا أبا الخطاب لا أقول والله مثل هذا سجيس الليالي، والله ما يخاطب النساء مخاطبتك أحد. وقام مشمرا.
قال أبو عبد الله الزبير قال عمي مصعب: كان عمر يعارض جميلا، فإذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها.
فيقال: إنه في الرائية والعينية أشعر من جميل، وإن جميلا اشعر منه في اللامية، وكلاهما قد قال بيتا نادرا ظريفا، قال جميل:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلا بكى من حب قاتله قبلي وقال عمر:
فقالت وأرخت جانب الستر إنما معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي كلمة الفرزدق وقد سمع شعر عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن المدائني قال: سمع الفرزدق عمر بن أبي ربيعة ينشد قوله:
جرى ناصح بالود بيني وبينهـا فقربني يوم الحصاب إلى قتلي ولما بلغ قوله:
فقمن وقد أفهمن ذا اللب أنـمـا أتين الذي يأتين من ذاك من أجلي
صفحة : 34
صاح الفرزدق: هذا والله الذي أرادته الشعراء فأخطأته، وبكت على الديار.
نسبة ما في هذه الأشعار من الغناء الغناء في قصيدتي جميل وعمر اللاميتين منها في قصيدة جميل التي أنشدها عمر، واستنشده ما له في وزنها: صوت
خليلي فيما عشتما هـل رأيتـمـا قتيلا بكى من حب قاتله قـبـلـي
أبيت مع الهلاك ضيفا لأهـلـهـا وأهلي قريب موسعون ذوو فضل
أفق أيها القلب اللجوج عن الجهـل ودع عنك جملا لا سبيل إلى جمل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتـهـا ولكن طلابيها لما فات من عقلـي الغناء للغريض ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو في الأول والثاني من الأبيات.
وذكر الهشامي الأبيات كلها ووصف أن الثقيل الثاني الذي يغنى به فيها لمعبد. وذكر يحيى المكي: أن لابن محرز في الثالث وما بعده من الأبيات ثاني ثقيل بالخنصر والبنصر. وفي هذه الأبيات التي أولها الثالث هزج بالبنصر يمان عن عمرو. وفي الرابع والخامس لابن طنبورة خفيف رمل عن الهشامي. وفيها لإسحاق ثقيل أول عن الهشامي أيضا. وذكر حماد عن أبيه: أن لنافع الخير مولى عبد الله بن جعفر في هذه الأبيات لحنا، ولم يجنسه. وذكر حبش أن الثقيل الأول لابن طنبورة. ومنها في شعر جميل أيضا: صوت
لقد فرح الواشون إن صرمت حبلي بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتهـا ولكن طلابيها لما فات من عقلـي الغناء لابن مسحج ثقيل أول بالوسطى عن الهشامي.
ومنها في شعر عمر بن أبي ربيعة المذكور في أول الخبر: صوت
فقالت وأرخت جانب الستر إنمـا معي فتحدث غير ذي رقبة أهلي
فقلت لها ما بي لهم من تـرقـب ولكن سري ليس يحمله مثـلـي
جرى ناصح بالود بيني وبينـهـا فقربني يوم الحصاب إلى قتلـي غنى في هذه الأبيات ابن سريج، ولحنه رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق وعمرو. وذكر يونس: أن فيه لحنا لمالك لم يجنسه، وذكر الهشامي: أن لحن مالك خفيف ثقيل. وذكر حبش: أن لمعبد فيه لحنا من الثقيل الأول بالبنصر، ولابن سريج ثاني ثقيل بالوسطى. وليس حبش ممن يعتمد في هذا على روا يته .
إستحسان الناس شعر عمر وتفضيله
على شعراء عصره
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال: أدركت مشيخة من قريش لا ينزون بعمر بن أبي ربيعة شاعرا من أهل دهره في النسيب، ويستحسنون منه ما كانوا يستقبحونه من غيره من مدح نفسه، والتحلي بمودته، والابتيار في شعره والابتيار: أن يفعل الإنسان الشيء فيذكره ويفخر به. والابتهار: أن يقول ما لم يفعل.
نقد ابن أبي عتيق أبيات عمر الرائية
أخبرني محمد بن خلف قال: أخبرني عبد الله بن عمر وغيره عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن عبد العزيز بن عمران قال: قال ابن أبي عتيق لعمر وقد أنشده قوله: صوت
بينما ينعتنني أبـصـرنـنـي دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتـى قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتـهـا قد عرفناه وهل يخفى القمر - الغناء في هذه الأبيات لابن سريج خفيف رمل بالبنصر - فقال له ابن أبي عتيق: - وقد أنشدها - أنت لم تنسب بها، وإنما نسبت بنفسك، كان ينبغي أن تقول: قلت لها فقالت لي، فوضعت خدي فوطئت عليه.
عود إلى سيرته وخلقه
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال: لم يذهب على أحد من الرواة أن عمر كان عفيفا يصف ولا يقف، ويحوم ولا يرد.
أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن منصور عن ابن الأعرابي، وحدثني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق الموصلي عن رجاله، قالوا: كان ابن أبي ربيعة قد حج في سنة من السنين. فلما انصرف من الحج ألفى الوليد بن عبد الملك وقد فرش له في ظهر الكعبة وجلس، فجاءه عمر فسلم عليه وجلس إليه. فقال له: أنشدني شيئا من شعرك. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير وقد تركت الشعر، ولي غلامان هما عندي بمنزلة الولد، وهما يرويان كل ما قلت وهما لك. قال: ائتني بهما ففعل، فأنشداه قوله:
صفحة : 35
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر فطرب الوليد واهتز لذلك، فلم يزالا ينشدانه حتى قام، فأجزل صلته ورد الغلامين إليه.
مميزات شعره
حدثني علي بن صالح بن الهيثم الأنباري الكاتب الملقب كيلجة قال حدثني أبو هفان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار عن عمه مصعب أنه قال: راق عمر بن أبي ربيعة الناس وفاق نظراءه وبرعهم بسهولة الشعر وشدة الأسر، وحسن الوصف، ودقة المعنى وصواب المصدر، والقصد للحاجة، واستنطاق الربع، وإنطاق القلب، وحسن العزاء، ومخاطبة النساء، وعفة المقال، وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، وترجيح الشك في موضع اليقين، وطلاوة الاعتذار، وفتح الغزل، ونهج العلل، وعطف المساءة على العذال، وأحسن التفجع، وبخل المنازل، واختصر الخبر، وصدق الصفاء، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى، وأقدم عن خبرة ولم يعتذر بغرة، وأسر النوم، وغم الطير، وأغد السير، وحير ماء الشباب، وسهل وقول، وقاس الهوى فأربى، وعصى وأخلى، وحالف بسمعه وطرفه، وأبرم نعت الرسل وحذر، وأعلن الحب وأسر، وبطن به وأظهر، وألح وأسف، وأنكح النوم، وجنى الحديث، وضرب ظهره لبطنه، وأذل صعبه، وقنع بالرجاء من الوفاء، وأعلى قاتله، واستبكى عاذله، ونفض النوم، وأغلق رهن مني وأهدر قتلاه، وكان بعد هذا كله فصيحا.
فمن سهولة شعره وشدة أسره قوله صوت
فلما تواقفنا وسلمت أشرقـت وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا
تبالهن بالعرفان لما رأينـنـي وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا الغناء لابن عباد رمل عن الهشامي، وفيه لابن جامع لحن غير مجنس عن إبراهيم.
ومن حسن وصفه قوله
لها من الريم عيناه وسـنـتـه ونخوة السابق المختال إذ صهلا ومن دقة معناه وصواب مصدره قوله صوت
عوجا نحي الطلل المحولا والربع من أسماء والمنزلا
بسابغ البوبـاة لـم يعـده تقادم العهد بـأن يؤهـلا الغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. قال إسحاق بن إبراهيم: يعني أنه لم يؤهل فيعدوه تقادم العهد. وقال الزبير: قال بعض المدنيين: يحييه بأن يؤهل، أي يدعو له بذلك.
ومن قصده للحاجة قوله صوت
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يماني ويروى: هي غورية . الغناء للغريض خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو وابن المكي.
ومن استنطاقه الربع قوله صوت
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ف بهم آهل أراك جـمـيلا
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا وبرغمي لو قد وجدت سبيلا
وبكرهي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا جوارا وأحبوا دمـاثة وسـهـولا فيه رملان: أحدهما لابن سريج بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، والآخر لإسحاق مطلق في مجرى البنصر، وفيه لأبي العبيس بن حمدون ثقيل. وقد شرحت نسبته مع خبره في موضع آخر. قال إسحاق: أنشد جرير هذه الأبيات فقال: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه.
ومن أنطاقه القلب قوله
قال لي فيها عتيق مقـالا فجرت مما يقول الدموع
قال لي ودع سليمى ودعها فأجاب القلب: لا أستطيع الغناء للهذلي ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشامي. قال: وفيه ليحيى المكي ثقيل أول نسب إلى معبد وهو من منحوله.
ومن حسن عزائه قوله صوت
أألحق إن دار الرباب تبـاعـدت أو أنبت حبل أن قلـبـك طـائر
أفق قد أفاق العاشقون وفارقوا ال هوى واستمرت بالرجال المرائر
زع النفس واستبق الحياء فإنـمـا تباعد أو تدني الرباب المـقـادر
أمت حبها واجعل قديم وصالهـا وعشرتها كمثل من لا تعـاشـر
وهبها كشيء لم يكن أو كنـازح به الدار أو من غيبته المقـابـر
صفحة : 36
وكالناس علقت الرباب فلا تكـن أحاديث من يبدو ومن هو حاضر الغناء في بعض هذه الأبيات وأوله زع النفس لابن سريج ثقيل أول بالبنصر عن عمرو. وفيه لعمر الوادي رمل بالبنصر عن ابن المكي. وفيه ل قدار لحن من كتاب إبراهيم غير مجنس. وهذه الأبيات يرويها بعض أهل الحجاز لكثير، ويرويها الكوفيون للكميت بن معروف الأسدي، وذكر بعضها الزبير بن بكار عن أبي عبيدة لكثير في أخباره.
ومن حسن غزله في مخاطبة النساء - قال مصعب الزبيري: وقد أجمع أهل بلدنا ممن له علم بالشعر أن هذه الأبيات أغزل ما سمعوا - قوله: صوت
تقول غداة التقـينـا الـربـاب ايا ذا أفلت أفـول الـسـمـاك
وكفت سـوابـق مـن عـبـرة كما ارفض نظم ضعيف السلاك
فقلت لها من يطع في الصـدي ق أعداءه يجـتـنـبـه كـذاك
أغرك أني عـصـيت الـمـلا م فـيك وأن هـوانـا هـواك
وألا أرى لـذة فـي الـحــياة تقر بها الـعـين حـتـى أراك
فكان من الذنب لـي عـنـدكـم مكارمتي واتبـاعـي رضـاك
فليت الـذي لام فـي حـبـكـم وفي أن تزاري بقـرن وقـاك
هموم الـحـياة وأسـقـامـهـا وإن كان حتف جـهـيز فـداك الغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالوسطى. وذكر إبراهيم أن فيه لحنا لحكم. وقيل: إن فيه لحنا آخر لابن جامع.
ومن عفة مقاله قوله صوت
طال ليلي واعتادني اليوم سقم وأصابت مقاتل القلب نعـم
حرة الوجه والشمائل والجو هر تكليمها لمن نال غـنـم
وحديث بمثله تنزل العـص م رخيم يشوب ذلك حـلـم
هكذا وصف ما بدا لي منها ليس لي بالذي تغيب عـلـم
إن تجودي أو تبخلي فبحمـد لست يا نعم فيهما مـن يذم الغناء لابن سريج رمل عن الهشامي.
ومن قلة انتقاله قوله صوت
أيها القائل غير الـصـواب أمسك النصح وأقلل عتابـي
واجتنبني واعلمن أن ستعصى ولخير لك طول اجتنـابـي
إن تقل نصحا فعن ظهر غش دائم الغمر بعـيد الـذهـاب
ليس بي عي بما قلـت إنـي عالم أفقه رجع الـجـواب
إنما قرة عـينـي هـواهـا فدع اللوم وكلني لمـا بـي
لا تلمني في الرباب وأمست عدلت للنفس برد الشـراب
هي والله الـذي هـو ربـي صادقا أحلف غير الكـذاب
أكرم الأحياء طرا عـلـينـا عند قرب منهم واجتـنـاب
خاطبتني ساعة وهي تبكـي ثم عزت خلتي في الخطاب
وكفى بي مدرها لخـصـوم لسواها عند حـد تـبـابـي الغناء لكردم ثقيل أول بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق في الأول والخامس ثم الثاني والثالث. وفيه لمعبد خفيف ثقيل بالبنصر عن يحيى المكي.
ومن إثباته الحجة قوله
خليلي بعض اللوم لا ترحلا بـه رفيقكما حتى تقولا على عـلـم
خليلي من يكلف بآخر كـالـذي كلفت به يدمل فؤادا على سقـم
خليلي ما كانت تصاب مقاتـلـي ولا غرتي حتى وقعت على نعم
خليلي حتى لف حبلـي بـخـادع موقى إذا يرمى صيود إذا يرمي
خليلي لو يرقى خليل من الهـوى رقيت بما يدني النوار منه العصم
خليلي إن باعدت لانت وإن ألـن تباعد فلم أنبل بحرب ولا سـلـم ومن ترجيحه الشك في موضع اليقين قوله صوت
نظرت إليها بالمحصب من منـى ولي نظر لولا التـحـرج عـارم
فقلت: أشمس أم مصابـيح بـيعة بدت لك خلف السجف أم أنت حالم
بعيدة مهوى القرط إما لـنـوفـل أبوها وإما عبد شمـس وهـاشـم
ومد عليها السجف يوم لقـيتـهـا على عجل تباعـهـا والـخـوادم
صفحة : 37
فلم أستطعها غير أن قـد بـدا لـنـا عشية راحت وجهها والمـعـاصـم
معاصم لم تضرب على البهم بالضحى عصاها ووجه لم تلحه الـسـمـائم
نضـار تـرى فـيه أسـاريع مـائه صبيح تغاديه الأكـف الـنـواعـم
إذا ما دعت أترابها فاكتـنـفـنـهـا تمايلن أو مالت بـهـن الـمـآكـم
طلبن الصبا حتى إذا مـا أصـبـنـه نزعن وهن المسلمات الـظـوالـم الغناء لمعبد ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق وابن المكي. وفيها لابن سريج رمل بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق أيضا. وفيها للغريض خفيف ثقيل بالوسطى عن الهشامي.
ومن طلاوة اعتذاره قوله صوت
عاود القلب بعض ما قد شـجـاه من حبيب أمسى هوانـا هـواه
يا لقومي فكيف أصبـر عـمـن لا ترى النفس طيب عيش سواه
أرسـلـت إذ رأت بـعـادي ألا يقبلن بي مـحـرشـا إن أتـاه
دون أن يسمع المـقـالة مـنـا وليطعني فإن عـنـدي رضـاه
لا تطع بي فدتك نفسـي عـدوا لحديث علـى هـواه افـتـراه
لا تطع بي مـن لـو رآنـي وإيا ك أسيري ضرورة مـا عـنـاه
ما ضراري نفسي بهجري من لي س مـسـيئا ولا بـعـيدا ثـراه
واجتنابي بيت الحبيب وما الخـل د بأشـهـى إلـي مـن أن أراه الغناء لمعبد خفيف ثقيل بالخنصر في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن جامع ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو. وقال عمرو، فيه خفيف ثقيل بالوسطى للهذلي. وفيه لابن محرز ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو، وابتداؤه نشيد أوله: ما ضراري نفسي . وقال الهشامي: وفيه لعلية بنت المهدي وسعيد بن جابر لحنان من الثقيل الثاني.
ومن نهجه العلل قوله
وآية ذلـك أن تـسـمـعـي إذا جئتكـم نـاشـدا ينـشـد
فرحنا سراعا وراح الـهـوى دليلا إليهـا بـنـا يقـصـد
فلما دنونا لـجـرس الـنـبـا ح والصوت، والحي لم يرقدوا
بعثنا لـهـا بـاغـيا نـاشـدا وفي الحي بغية مـن ينـشـد وقد نسبت هذه الأبيات إلى من غنى فيها مع:
تشط غدا دار جيراننا ومن فتحه الغزل قوله
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا ومن عطفه المساءة على العذال قوله صوت
لا تلمني عتيق حسبي الذي بي إن بي يا عتيق ما قد كفانـي
لا تلمني وأنت زينتهـا لـي أنت مثل الشيطان للإنسـان الغناء لأبي العبيس بن حمدون ثقيل أول مطلق من مجموع أغانيه. وفيه رمل طنبري محدث، وفيه هزج لأبي عيسى بن المتوكل.
ومن حسن تفجعه قوله صوت
هجرت الحبيب اليوم من غير ما اجترم وقطعت من ذي ودك الحبل فانصرم
أطعت الوشاة الكاشحين ومـن يطـع مقالة واش يقرع الـسـن مـن نـدم
أتاني رسول كـنـت أحـسـب أنـه شفيق علينا ناصـح كـالـذي زعـم
فلما تباثثنـا الـحـديث وصـرحـت سرائره عن بعض ما كان قد كـتـم
تبـين لـي أن الـمـحـرش كـاذب فعندي لك العتبى على رغم من رغم
فملآن لمت النفس بعد الذي مـضـى وبعد الذي آلت وآلـيت مـن قـسـم
ظلمت ولم تعتب وكـان رسـولـهـا إليك سريعا بالرضـا لـك إذ ظـلـم الغناء لابن سريج رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق. وقال يونس: فيه لابن سريج لحنان، وذكر الهشامي أن لحنه الآخر ثقيل أول، وأن لعلوية فيه رملا آخر.
ومن تبخيله المنازل قوله صوت
عرفت مصيف الحي والمتربـعـا ببطن حليات دوارس بـلـقـعـا
إلى السرح من وادي المغمس بدلت معالمها وبلا ونكبـاء زعـزعـا
فيبخلن أو يخبرن بالعلم بـعـد مـا نكأن فؤادا كان قدما مـفـجـعـا الغناء للغريض ثاني ثقيل بالوسطى.
ومن اختصاره الخبر قوله صوت
صفحة : 38
أمن آل نعم أنت غاد فمبكـر غداة غد أم رائح فمهـجـر
بحاجة نفس لم تقل في جوابها فتبلغ عذرا والمقالة تـعـذر
أشارت بمدراها وقالت لتربها أهذا المغيري الذي كان يذكر
لئن كان إياه لقد حال بعـدنـا عن العهد والإنسان قد يتغير الغناء لابن سريج رمل بالسبابة في مجرى البنصر، وله في بيتين آخرين من هذه القصيدة، وهما:
وليلة ذي دوران جشمتني السرى وقد يجشم الهول المحب المعزرا
فقلت أباديهم فـإمـا أفـوتـهـم وإما ينال السيف ثأرا فـيثـأرا رمل آخر بالوسطى عن عمرو. قال الزبير حدثني إسحاق الموصلي قال: قلت لأعرابي ما معنى قول ابن أبي ربيعة:
بحاجة نفس لم تقل في جوابها فتبلغ عذرا والمقالة تعـذر فقال: قام كما جلس.
ومن صدقه الصفاء قوله
كل وصل أمسى لديك لأنثى غيرها وصلها إليهـا أداء
كل أنثى وإن دنت لوصـال أو نأت فهي للرباب الفداء وقوله: صوت
أحب لحبك مـن لـم يكـن صفيا لنفسي ولا صاحبـا
وأبذل ما لي لمرضاتـكـم وأعتب من جاءكم عاتـبـا
وأرغب في ود من لم أكن إلى وده قبلكـم راغـبـا
ولو سلك الناس في جانـب من الأرض واعتزلت جانبا
ليممت طـيتـهـا إنـنـي أرى قربها العجب العاجبا الغناء لابن القفاص رمل عن الهشامي ويحيى المكي، وفيه للربعي لحن من كتاب إبراهيم غير مجنس.
ومما قدح فيه فأورى قوله صوت
طال ليلي وتعناني الـطـرب واعتراني طول هم ووصب
أرسلت أسماء في مـعـتـبة عتبتها وهي أحلى من عتب
أن أتى منها رسول موهـنـا وجد الحي نياما فانـقـلـب
ضرب الباب فلم يشعـر بـه أحد يفتح بـابـا إذ ضـرب
قال: أيقاظ ولـكـن حـاجة عرضت تكتم منا فاحتجـب
ولعمدا ردني، فاجـتـهـدت بيمين حلفة عند الغـضـب
يشهد الرحمن لا يجمـعـنـا سقف بيت رجبا بعد رجـب
قلت حلا فاقبلي معـذرتـي ما كذا يجري محب من أحب
إن كفي لك رهن بالـرضـا فاقبلي يا هند، قالت قد وجب الغناء لمالك خفيف ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لدحمان ثقيل أول بالبنصر عن عمرو. وفيه لمعبد لحن من كتاب يونس لم يجنسه، وذكر الهشامي أنه خفيف ثقيل. وفيه لابن سريج رمل عن الهشامي.
قال من حكينا عنه في صدر أخبار عمر روايته التي رواها علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن رجاله والحرمي عن الزبير عن عمه: كان عمر بن أبي ربيعة يهوى امرأة يقال لها أسماء ، فكان الرسول يختلف بينهما زمانا وهو لا يقدر عليها. ثم وعدته أن تزوره، فتأهب لذلك وانتظرها، فأبطأت عنه حتى غلبته عينه فنام، وكانت عنده جارية له تخدمه، فلم تلبث أن جاءت ومعها جارية لها، فوقفت حجرة وأمرت الجارية أن تضرب الباب، فضربته فلم يستيقظ. فقالت لها: تطلعي فانظري ما الخبر? فقالت لها: هو مضطجع وإلى جنبه امرأة، فحلفت لا تزوره حولا، فقال في ذلك:
طال ليلي وتعناني الطرب قال أبو هفان في حديثه: وبعث إليها امرأة كانت تختلف بينه وبين معارفه، وكانت جزلة من النساء، فصدقتها عن قصته وحلفت لها أنه لم يكن عنده إلا جاريته، فرضيت. وإياها يعني عمر بقوله:
فأتـتـهـا طـبة عـالــمة تخلط الجد مرارا باللـعـب
تغلظ القول إذا لانـت لـهـا وتراخي عند سورات الغضب
لم تزل تصرفها عـن رأيهـا وتـأنـاهـا بـرفـق وأدب قال إسحاق في خبره: وحدثني ابن كناسة قال أخبرني حماد الراوية قال: استنشدني الوليد بن يزيد، فأنشدته نحوا من ألف قصيدة، فما استعادني إلا قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
طال ليلي وتعناني الطرب فلما أنشدته قوله:
صفحة : 39
فأتتهـا طـبة عـالـمة تخلط الجد مرارا باللعب إلى قوله:
إن كفي لك رهن بالرضـا فاقبلي يا هند قالت قد وجب فقال الوليد: ويحك يا حماد اطلب لي مثل هذه أرسلها إلى سلمى. يعني امرأته سلمى بنت سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، وكان طلقها ليتزوج أختها ثم تتبعتها نفسه.
قال إسحاق وحدثني جماعة منهم الحرمي والزبيري وغيرهما: أن عمر أنشد ابن أبي عتيق هذه القصيدة، فقال له ابن أبي عتيق: الناس يطلبون خليفة مذ قتل عثمان في صفة قوادتك هذه يدبر أمورهم فما يجدونه.
رجع إلى خبر عمر الطويل قالوا: ومن شعره الذي اعتذر فيه فأبرأ قوله
فالتقينا فرحبت حـين سـلـم ت وكفت دمعا من العين مارا
ثم قالت عند العـتـاب رأينـا منك عنا تجـلـدا وازورارا
قلت كلالاه ابن عمك بل خف نا أمورا كنا بهـا أغـمـارا
فجعلنا الصدود لما خـشـينـا قالة الناس للهـوى أسـتـارا
ليس كالعهد إذ عهدت ولكـن أوقد الناس بالنـمـيمة نـارا
فلذاك الإعراض عنك ومـا آ ثر قلبي عليك أخرى اختيارا
ما أبالي إذا النوى قربـتـكـم فدنوتم من حل أو من سـارا
فاللـيالـي إذا نـأيت طـوال وأراها إذا قربت قـصـارا ومن تشكيه الذي أشجى فيه قوله: صوت
لعمرك ما جاورت غمدان طائعـا وقصر شعوب أن أكون به صبـا
ولكن حمى أضرعـتـنـي ثـلاثة مجرمة ثم استمرت بـنـا غـبـا
وحتى لو أن الخلد تعرض إن مشت إلى الباب رجلي ما نقلت لها إربا
فإنك لـو أبـصـرت يوم سـويقة مناخي وحبسي العيس دامية جدبـا
ومصرع إخوان كـأن أنـينـهـم أنين المكاكي صادفت بلدا خصبـا
إذا لاقشعر الرأس منك صـبـابة ولاستفرغت عيناك من سكبة غربا غنى في الأول والثاني من هذه الأبيات معبد ولحنه خفيف ثقيل أول بالوسطى عن عمرو. وفيهما لمالك ثقيل أول عن الهشامي، ونسبه يونس إلى مالك ولم يجنسه.
ومن إقدامه عن خبرة ولم يعتذر بغرة قوله
صرمت وواصلت حتى عرف ت أين المصادر والـمـورد
وجربت من ذاك حتى عرف ت ما أتوقى ومـا أعـمـد ومن أسره النوم قوله
نام صحبي وبات نومي أسيرا أرقب النجم موهنا أن يغورا ومن غمه الطير قوله
فرحنا وقلنا للغلام اقض حاجة لنا ثم أدركنا ولا تـتـغـبـر
سراعا نغم الطير إن سنحت لنا وإن تلقنا الركبان لا نتخـبـر تتغبر، من قولهم: غبر فلان أي لبث.
ومن إغذاذه السير قوله
قلت سيرا ولا تقيما ببصرى وحفير فما أحب حـفـيرا
وإذا ما مررتما بـمـعـان فأقلا به الثـواء وسـيرا
إنما قصرنا إذا حسر السي ر بعيرا أن نستجد بعـيرا ومن تحييره ماء الشباب قوله صوت
أبرزوها مثل المهاة تـهـادى بين خمس كواعـب أتـراب
ثم قالوا تحبها قلـت بـهـرا عدد القطر والحصى والتراب
وهي مكنونة تحير مـنـهـا في أديم الخدين ماء الشبـاب الغناء لمحمد بن عائشة خفيف ثقيل بالبنصر. وفيه لمالك خفيف ثقيل آخر عن الهشامي، وقيل: بل هو هذا.
ومن تقويله وتسهيله قوله
قالت على رقبة يوما لجارتهـا ما تأمرين فإن القلب قد تبـلا
وهل لي اليوم من أخت مواخية منكن أشكو إليها بعض ما فعلا
فراجعتها حصان غير فاحـشة برجع قول ولب لم يكن خطلا
لا تذكري حبه حتى أراجـعـه إني سأكفيكه إن لم أمت عجلا
فاقني حياءك في ستر وفي كرم فلست أول أنثى علقت رجـلا وأما ما قاس فيه الهوى فقوله
وقربن أسباب الهوى لمـتـيم يقيس ذراعا كلما قسن إصبعا ومن عصيانه وإخلائه قوله
صفحة : 40
وأنص المطي يتبعن بـالـرك ب سراعا نواعم الأظـعـان
فنصيد الغرير من بقر الـوح ش ونلهو بلـذة الـفـتـيان
في زمان لو كنت فيه ضجيعي غير شك عرفت لي عصياني
وتقلبت في الفـراش ولا تـد رين إلا الظنون أين مكانـي ومن محالفته بسمعه وطرفه قوله
سمعي وطرفي حليفاها على جسـدي فكيف أصبر عن سمعي وعن بصري
لو طاوعاني علـى ألا أكـلـمـهـا إذا لقضيت من أوطارهـا وطـري ومن إبرامه نعت الرسل قوله
فبعثت كاتمة الحـدي ث رفيقة بجوابـهـا
وحـشـية إنـسـية خراجة من بابـهـا
فرقت فسلهت المعـا رض من سبيل نقابها ومن تحذيره قوله صوت
لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك
وقولي في مـلاطـفة لزينب نولي عمـرك
فإن داويت ذا سـقـم فأخزى الله من كفرك
فهزت رأسها عجـبـا وقالت من بذا أمـرك
أهذا سحرك النـسـوا ن، قد خبرنني خبرك
وقلن إذا قضى وطرا وأدرك حاجة هجرك غنى ابن سريج في هذه الأبيات، ولحنه خفيف ثقيل. ولابن المكي فيها هزج بالوسطى. وفيها رمل ذكر ذكاء وجه الرزة عن أحمد بن أبي العلاء عن مخارق أنه لابن جامع، وذكر قمري أنه له وأن ذكاء أبطل في هذه الحكاية. قال الزبير: حدثني عمي قال حدثني أبي قال: قال شيخ من قريش: لا ترووا نساءكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطا، وأنشد:
لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك ومن إعلانه الحب وإسراره قوله
شكوت إليها الحب أعلن بعضه وأخفيت منه في الفؤاد غليلا ومما بطن به وأظهر قوله
حبكم يا آل ليلى قـاتـلـي ظهر الحب بجسمي وبطن
ليس حب فوق ما أحببتكـم غير أن أقتل نفسي أو أجن ومما ألح فيه وأسف قوله
ليت حظي كطرفة العين منها وكثير منها القليل المهـنـا
أو حديث على خلاء يسلـي ما يجن الفؤاد منها ومـنـا
كبرت رب نعمة منك يومـا أن أراها قبل الممات ومنـا ومن إنكاحه النوم قوله صوت
حتى إذا ما الليل جن ظلامـه ونظرت غفلة كاشح أن يعقلا
واستنكح النوم الذين نخافـهـم وسقى الكرى بوابهم فاستثقلا
خرجت تاطر في الثياب كأنها أيم يسيب على كثيب أهـيلا الغناء لمعبد خفيف ثقيل مطلق في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه ألحان لغيره وقد نسبت في غير هذا الموضع مع قوله:
ودع لبابة قبل أن تترحلا ومن جنيه الحديث قوله
وجوار مساعفات على اللـه و ومسرات باطن الأضغان
صيد للرجال يرشقن بالمطر ف حسان كخذل الغـزلان
قد دعاني وقد دعاهن لـلـه و شجون مهمة الأشجـان
فاجتنينا من الحديث ثمـارا ما جنى مثلها لعمرك جاني ومن ضربه الحديث ظهره لبطنه قوله
في خلاء من الأنيس وأمـن فبثثنا غليلنا واشـتـفـينـا
وضربنا الحديث ظهرا لبطن وأتينا من أمرنا ما اشتهينـا
فمكثنا بذاك عـشـر لـيال في قضاء لديننا واقتضينـا ومن إذلاله صعب الحديث قوله
فلما أفضنا في الهوى نستبينـه وعاد لنا صعب الحديث ذلـولا
شكوت إليها الحب أظهر بعضه وأخفيت منه في الفؤاد غلـيلا ومن قناعته بالرجاء من الوفاء قوله
فعدي نائلا وإن لم تنيلي إنه ينفع المحب الرجاء قال الزبير: هذا أحسن من قول كثير:
ولست براض من خليل بنائل قليل ولا أرضى له بقلـيل ومن إعلائه قاتله قوله
فبعثت جاريتي وقلت لها اذهبي فاشكي إليها ما علمت وسلمي
صفحة : 41
قولـي يقـول تـحـرجـي فـي عـــاشـــق كلـف بـكـم حـتـى الـمـمـات مـــتـــيم
ويقـول إنـك قـد عـلـمـت بـــأنـــكـــم أصـبـحـتـم يا بـــشـــر أوجـــه ذي دم
فكـي رهـينـتـه فـإن لـم تـفــعـــلـــي فاعلي عـلـى قـتـل ابـن عـمـك واسـلـمـي
فتـضـاحـكـت عـجـبـا وقـالـت حـقـــه ألا يعـلـمـنـا بـمـا لــم نـــعـــلـــم
علمي به والله يغفر ذنبه فيما بدا لي، ذو هوى متقسم
طرف ينازعه إلى الأدنى الهوى ويبـث خـــلة ذي الـــوصـــال الأقـــدم ومن تنفيضه النوم قوله
فلما فقدت الصوت منهم وأطفئت مصابيح شبت بالعشـاء وأنـور
وغاب قمير كنت أرجو غيوبـه وروح رعيان ونـوم سـمـر
ونفضت عني أقبلت مـشـية ال حباب وركني خشية القوم أزور ومن إغلاقه رهن منى وإهداره قتلاه قوله
فكم من قـتـيل مـا يبـاء بـه دم ومن غلق رهنا إذا لـفـه مـنـى
ومن مالىء عينيه من شيء غـيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى وكان بعد هذا كله فصيحا شاعرا مقولا.
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير قال حدثني عمي، وأخبرنا به علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن رجاله: أن عمر بن أبي ربيعة نظر إلى رجل يكلم امرأة في الطواف، فعاب ذلك عليه وأنكره. فقال له: إنها ابنة عمي. قال: ذاك أشنع لأمرك. فقال: إني خطبتها إلى عمي، فأبى علي إلا بصداق أربعمائة دينار، وأنا غير مطيق ذلك، وشكا
ولقد أشهد المحدث.... ومما غني فيه لابن محرز من أشعار عمر بن أبي ربيعة في زينب بنت موسى قوله: صوت
يا من لقلـب مـتـيم كـلـف يهذي بخود مريضة النـظـر
تمشي الهوينى إذا مشت فضـلا وهي كمثل العسلوج في الشجر - للغريض في هذين البيتين خفيف رمل بالوسطى، ولابن سريج رمل بالبنصر عن الهشامي وحبش -
ما زال طرفي يحار إذ بـرزت حتى رأيت النقصان في بصري
أبصرتها لـيلة ونـسـوتـهـا يمشين بين المقام والـحـجـر
ما إن طمعنا بها ولا طمـعـت حتى التقينا ليلا عـلـى قـدر
بيضا حسانا خـرائدا قـطـفـا يمشين هونا كمشية الـبـقـر
قد فزن بالحسن والجمال مـعـا وفزن رسلا بالدل والـخـفـر
ينصتن يوما لها إذا نـطـقـت كيما يشرفنها على الـبـشـر
قالت لثرب لهـا تـحـدثـهـا لنفسدن الطواف فـي عـمـر
قومي تصدي له لـيعـرفـنـا ثم اغمزيه يا أخت في خـفـر
قالت لها قد غمـزتـه فـأبـى ثم اسبطرت تسعى على أثـري
من يسق بعد المنام ريقـتـهـا يسق بمسك وبـارد خـصـر غنى في هذا الشعر الغريض خفيف رمل بالوسطى عن عمرو. وغن فيه ابن سريج رملا بالبنصر عن الهشامي وحبش. ومنها: صوت
ألا يا بكر قد طرقـا خيال هاج لي الأرقا
لزينب إنها هـمـي فكيف بحبلها خلقـا
خدلجة إذا انصرفت رأيت وشاحها قلقـا
وساقا تملأ الخلـخـا ل فيه تراه مختنقـا
إذا ما زينب ذكـرت سكبت الدمع متسقا
كأن سحابة تهـمـي بماء حملت غـدقـا الغناء لحنين رمل عن الهشامي. وفيه لابن عباد خفيف ثقيل، ويقال: إنه ليونس. ومما قاله فيها أيضا وغني فيه: صوت
ألمم بزينب إن الـبـين قـد أفـدا قل الثواء لئن كان الرحيل غـدا
قد حلفت ليلة الصورين جـاهـدة وما على المرء إلا الحلف مجتهدا
لأختها ولأخرى من مناصـفـهـا لقد وجدت به فوق الـذي وجـدا
لو جمع الناس ثم اختير صفوهـم شخصا من الناس لم أعدل به أحدا الغناء لابن سريج رمل بالسبابة والبنصر في الأول والثاني عن يحيى المكي، وله فيه أيضا خفيف رمل بالوسطى في الثاني والثالث والرابع عن عمرو. ولمعبد ثقيل أول في الأول والثاني عن الهشامي. وفيه خفيف ثقيل ينسب إلى الغريض ومالك.
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن مصعب الزبيري قال: اجتمع نسوة فذكرن عمر بن أبي ربيعة وشعره وظرفه ومجلسه وحديثه، فتشوقن إليه وتمنينه. فقالت سكينة: أنا لكن به، فبعثت إليه رسولا أن يوافي الصورين ليلة سمتها، فوافاهن على رواحله، فحدثهن حى طلع الفجر وحان انصرافهن. فقال لهن: والله إني لمحتاج إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده، ولكني لا أخلط بزيارتكن شيئا. ثم انصرف إلى مكة وقال في ذلك:
ألمم بزينب إن البين قد أفدا وذكر الأبيات المتقدمة.
عود إالى شهادة جرير
والغريب وغيرهما في شعرعمر
أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن لقيط قال: أنشد جرير قول عمر بن أبي ربيعة: الصوت
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ف بهم آهل أراك جمـيلا?
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا وبزعمي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا مـقـامـا وأحبوا دمـاثة وسـهـولا
صفحة : 31
فقال جرير: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه وأصابه هذا القرشي. وفي هذه الأبيات رملان: أحدهما لابن سريج بالسبابة في مجرى الوسطى، والآخر لإسحاق مطلق في مجرى البنصر جميعا من روايته. وذكر عمرو: أن فيها رملا ثالثا بالوسطى، لابن جامع. وقال الهشامي: فيها ثلاثة أرمال لابن سريج، وابن جامع، وإبراهيم. ولأبي العبيس بن حمدون فيها ثاني ثقيل. وفيها هزج لإبراهيم الموصلي من جامع أغانيه.
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال: وجدت كتابا بخط محمد بن الحسن ذكر فيه أن فليح بن إسماعيل حدثه عن معاذ صاحب الهروي أن النصيب قال: عمر بن أبي ربيعة أوصفنا لربات الحجال.
أخبرني الطوسي: قال حدثنا الزبير قال حدثتني ظمياء مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب قالت: سمعت جدك يقول - وقد أنشد قول عمر بن أبي ربيعة: صوت
يا ليتني قد أجزت الحبل نحـوكـم حبل المعرف أو جاوزت ذا عشر
إن الثواء بـأرض لا أراك بـهـا فاستيقنيه ثـواء حـق ذي كـدر
وما مللت ولكـن زاد حـبـكـم وما ذكرتك إلا ظلت كالـسـدر
ولا جذلت بشيء كان بـعـدكـم ولا منحت سواك الحب من بشر الغناء في هذه الأربعة الأبيات لسلام بن الغساني رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن جامع وقفا النجار لحنان من كتاب إبراهيم ولم يجنسهما. وتمام الأبيات:
أذري الدموع كذى سقم يخامره وما يخامرني سقم سوى الذكر
كم قد ذكرتك لو أجدى تذكركم يا أشبه الناس كل الناس بالقمر - قالت: فقال جدك: إن لشعر عمر بن أبي ربيعة لموقعا في القلب، ومخالطة للنفس ليسا لغيره، ولو كان شعر يسحر لكان شعره سحرا.
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عمامة بن عمر قال: رأيت عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير يسأل المسور بن عبد الملك عن شعر عمر بن أبي ربيعة، فجعل يذكر له شيئا لا يعرفه، فيسأله أن يكتبه إياه ففعل، فرأيته يكتب ويده ترعد من الفرح.
المفاضلة بين شعره و شعر الحارث
بن خالد
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون عن عمه يوسف قال: ذكر شعر الحارث بن خالد وشعر عمر بن أبي ربيعة عند ابن أبي عتيق في مجلس رجل من ولد خالد بن العاصي بن هشام، فقال: صاحبنا - يعني الحارث بن خالد - أشعرهما. فقال له ابن أبي عتيق: بعض قولك يا ابن أخي، لشعر عمر بن أبي ربيعة نوطة في القلب، وعلوق بالنفس، ودرك للحاجة ليست لشعر، وما عصي الله جل وعز بشعر أكثر مما عصي بشعر ابن أبي ربيعة، فخذ عني ما أصف لك: أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته. فقال المفضل للحارث: أليس صاحبنا الذي يقول:
إني وما نحروا غداة منى عند الجمار يؤدها العقل
لو بدلت أعلى مساكنـهـا سفلا واصبح سفلها يعلو
فيكاد يعرفها الخبير بهـا فيرده الإقواء والمـحـل
لعرفت مغناها بما احتملت مني الضلوع لأهلها قبل فقال له ابن أبي عتيق: يابن أخي، استر على نفسك، واكتم على صاحبك، ولا تشاهد المحافل بمثل هذا، أما تطير الحارث عليها حين قلب ربعها فجعل عاليه سافله ما بقي إلا أن يسأل الله تبارك وتعالى لها حجارة من سجيل. ابن أبي ربيعة كان أحسن صحبة للربع من صاحبك، وأجمل مخاطبة حيث يقول:
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا وذكر الأبيات الماضية. قال: فانصرف الرجل خجلا مذعنا.
شيء من أخبار الحارث الملقب بالقباع
أخبرني علي بن صالح قال حدثني أبو هفان عن إسحاق عن رجاله المسمين، وأخبرني به الحرمي عن الزبير عن عمه عن جده، قالوا: كان الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أخو عمر بن أبي ربيعة رجلا صالحا دينا من سروات قريش، وإنما لقب القباع لأن عبد الله بن الزبير كان ولاه البصرة، فرأى مكيالا لهم فقال: إن مكيالكم هذا لقباع - قال: وهو الشيء الذي له قعر - فلقب بالقباع.
صفحة : 32
وأخبرني محمد بن خلف بن المرزبان وأحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالوا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عبد الله بن محمد الطائي قال حدثنا خالد بن سعيد قال: استعمل ابن الزبير الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة على البصرة، فأتوه بمكيال لهم، فقال لهم: إن مكيالكم هذا لقباع، فغلب عليه. وقال أبو الأسود الدؤلي - وقد عتب عليه - يهجوه ويخاطب ابن الزبير:
أمير المؤمنين جزيت خيرا أرحنا من قباع بني المغيرة
بلوناه ولـمـنـاه فـأعـيا علينا ما يمر لنـا مـريرة
على أن الفتى نكح أكـول وولاج مذاهبـه كـثـيرة شعر عمر في تشوقه إلى مكة
بعد أن خرج منها إلى اليمن
قالوا: وكان الحارث ينهى أخاه عن قول الشعر فيأبى أن يقبل منه، فأعطاه ألف دينار على ألا يقول شعرا، فأخذ المال وخرج إلى أخواله بلحج وأبين مخافة أن يهجيه مقامه بمكة على قول الشعر، فطرب يوما فقال: صوت
هيهات من أمة الوهاب منزلـنـا إذا حللنا بسيف البحر مـن عـدن
واحتل أهلك أجيادا ولـيس لـنـا إلا التذكر أو حظ مـن الـحـزن
لو أنها أبصرت بالجزع عبـرتـه من أن يغرد قمري على فـنـن
إذا رأت غير ما ظنت بصاحبـهـا وأيقنت أن لحجا ليس من وطنـي
ما أنس لا أنس يوم الخيف موقفها وموقفي وكلانا ثـم ذو شـجـن
وقولها للـثـريا وهـي بـاكـية والدمع منها على الخدين ذو سنن
بالله قولي له في غير مـعـتـبة ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها فما أخذت بترك الحج من ثـمـن قال: فسارت القصيدة حتى سمعها أخوه الحارث، فقال: هذا والله شعر عمر، قد فتك وغدر. قال: وقال ابن جريج: ما ظننت أن الله عز وجل ينفع أحدا بشعر عمر بن أبي ربيعة حتى سمعت وأنا باليمن منشدا ينشد قوله:
بالله قولي له في غير مـعـتـبة ماذا أردت بطول المكث في اليمن
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها فما أخذت بترك الحج من ثـمـن فحركني ذلك على الرجوع إلى مكة، فخرجت مع الحاج وحججت.
غنى في أبيات عمر هذه ابن سريج، ولحنه رمل بالبنصر في مجراها عن إسحاق. وفيها للغريض ثقيل أول بالوسطى عن عمرو.
طلب الوليد من يخبره عن الطائف
فدل على عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان قال حدثني إسحاق عن السعدي قال: قدم الوليد بن عبد الملك مكة، فأراد أن يأتي الطائف فقال: هل لي في رجل علم بأموال الطائف فيخبرني عنها? فقالوا: عمر بن أبي ربيعة. قال: لا حاجة لي به. ثم عاد فسأل فذكروه له فرده. ثم عاد فسأل فذكروه له ثم رده. ثم عاد فسأل فذكروه له ، فقال: هاتوه. فركب معه يحدثه، ثم حرك عمر رداءه ليصلحه على كتفه، فرأى على منكبه أثرا. فقال: ما هذا الأثر? فقال: كنت عند جارية إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية أخرى، فجعلت تسارني، فغارت التي كنت أحدثها فعضت منكبي، فما وجدت ألم عضها من لذة ما كانت تلك تنفث في أذني، حتى بلغت ما ترى، والوليد يضحك. فلما رجع عمر قيل له: ما الذي كنت تضحك أمير المؤمنين به? فقال: مازلنا في حديث الزنا حتى رجعنا.
المفاضلة بينه وبين ابن قيس الرقيات
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير قال حدثني محمد بن عبد الله البكري وغيره عن عبد الجبار بن سعيد المساحقي عن أبيه قال: دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نوفل بن مساحق، فإنه لمعتمد على يدي، إذ مررنا بسعيد بن المسيب في مجلسه وحوله جلساؤه، فسلمنا عليه فرد علينا، ثم قال لنوفل: يا أبا سعيد، من أشعر: صاحبنا أم صاحبكم? يريد: عبد الله بن قيس، أو عمر بن أبي ربيعة. فقال نوفل: حين يقولان ماذا يا أبا محمد? قال: حين يقول صاحبنا:
خليلي ما بال المطايا كـأنـمـا نراها على الأدبار بالقوم تنكص
وقد قطعت أعناقهـن صـبـابة فأنفسنا مما يلاقـين شـخـص
وقد أتعب الحادي سراهن وانتحى بهن فما يألو عجول مقـلـص
صفحة : 33
يزدن بنا قربا فيزداد شـوقـنـا إذا زاد طول العهد والبعد ينقض ويقول صاحبك ما شئت. فقال له نوفل: صاحبكم أشعر في الغزل، وصاحبنا أكثر أفانين شعر. فقال سعيد: صدقت. فلما انقضى ما بينهما من ذكر الشعر، جعل سعيد يستغفر الله ويعقد بيده حتى وفى مائة. فقال البكري في حديثه عن عبد الجبار: قال مسلم: فلما انصرفنا قلت لنوفل: أتراه استغفر الله من إنشاد الشعر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقال: كلا هو كثير الإنشاد والاستنشاد فيه، ولكن أحسب ذلك للفخر بصاحبه.
المفاضلة بينه وبين جميل
ابن معمر العذري
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة حدثنا عوانة بن الحكم وأبو يعقوب الثقعفي: أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أي بيت قالته العرب أغزل? فقال بعضهم: قول جميل:
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ويحيا إذا فارقتهـا فـيعـود وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة:
كأنني حين أمسي لا تكلمنـي ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا فقال الوليد: حسبك والله بهذا أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد عن شيخ من أهله عن أبي الحارث مولى هشام بن الوليد بن المغيرة - قال: وهو الذي يقول فيه عمر بن أبي ربيعة:
يا أبا الحارث قلبي طائرفأتمر أمر رشيد مؤتمن قال: شهدت عمر بن أبي ربيعة، وجميل بن عبد الله بن معمر العذري، وقد اجتمعا بالأبطح، فأنشد جميل قصيدته التي يقول فيها:
لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
يقولون مهلا يا جـمـيل وإنـنـي لأقسم مالي عن بثينة من مـهـل حتى أتى على آخرها، ثم قال لعمر: يا أبا الخطاب، هل قلت في هذا الروي شيئا? قال نعم.
قال: فأنشدنيه، فأنشده قوله:
جرى ناصح بالود بينـي وبـينـهـا فقربني يوم الحصاب إلى قـتـلـي
فطارت بحد من فـؤادي وقـارنـت قرينتها حبل الصفاء إلى حـبـلـي
فلما تواقفنا عـرفـت الـذي بـهـا كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعـل
فقلن لها هذا عـشـاء وأهـلـهـا قريب ألما تسأمي مركب البـغـل
فقالت فما شئتن قلن لهـا انـزلـي فللأرض خير من وقوف على رحل
نجوم دراري تـكـنـفـن صـورة من البدر وافت غير هوج ولا عجل
فسلمت واستأنسـت خـيفة أن يرى عدو مقامي أو يرى كاشح فعـلـي
فقالت وأرخت جانب الستـر إنـمـا معي فتكلم غير ذي رقبة أهـلـي
فقلت لها ما بي لهم مـن تـرقـب ولكن سري ليس يحملـه مـثـلـي
فلما اقتصرنا دونـهـن حـديثـنـا وهن طبيبات بحاجة ذي الـشـكـل
عرفن الذي تهوى فقلن ائذني لـنـا نطف ساعة في برد ليل وفي سهل
فقالت: فلا تلبثن قـلـن تـحـدثـي أتيناك، وانسبن انسياب مها الرمـل
وقمن وقد أفهمن ذا الـلـب أنـمـا أتين الذي يأتين من ذاك من أجلـي فقال جميل: هيهات يا أبا الخطاب لا أقول والله مثل هذا سجيس الليالي، والله ما يخاطب النساء مخاطبتك أحد. وقام مشمرا.
قال أبو عبد الله الزبير قال عمي مصعب: كان عمر يعارض جميلا، فإذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها.
فيقال: إنه في الرائية والعينية أشعر من جميل، وإن جميلا اشعر منه في اللامية، وكلاهما قد قال بيتا نادرا ظريفا، قال جميل:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما قتيلا بكى من حب قاتله قبلي وقال عمر:
فقالت وأرخت جانب الستر إنما معي فتكلم غير ذي رقبة أهلي كلمة الفرزدق وقد سمع شعر عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن المدائني قال: سمع الفرزدق عمر بن أبي ربيعة ينشد قوله:
جرى ناصح بالود بيني وبينهـا فقربني يوم الحصاب إلى قتلي ولما بلغ قوله:
فقمن وقد أفهمن ذا اللب أنـمـا أتين الذي يأتين من ذاك من أجلي
صفحة : 34
صاح الفرزدق: هذا والله الذي أرادته الشعراء فأخطأته، وبكت على الديار.
نسبة ما في هذه الأشعار من الغناء الغناء في قصيدتي جميل وعمر اللاميتين منها في قصيدة جميل التي أنشدها عمر، واستنشده ما له في وزنها: صوت
خليلي فيما عشتما هـل رأيتـمـا قتيلا بكى من حب قاتله قـبـلـي
أبيت مع الهلاك ضيفا لأهـلـهـا وأهلي قريب موسعون ذوو فضل
أفق أيها القلب اللجوج عن الجهـل ودع عنك جملا لا سبيل إلى جمل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتـهـا ولكن طلابيها لما فات من عقلـي الغناء للغريض ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو في الأول والثاني من الأبيات.
وذكر الهشامي الأبيات كلها ووصف أن الثقيل الثاني الذي يغنى به فيها لمعبد. وذكر يحيى المكي: أن لابن محرز في الثالث وما بعده من الأبيات ثاني ثقيل بالخنصر والبنصر. وفي هذه الأبيات التي أولها الثالث هزج بالبنصر يمان عن عمرو. وفي الرابع والخامس لابن طنبورة خفيف رمل عن الهشامي. وفيها لإسحاق ثقيل أول عن الهشامي أيضا. وذكر حماد عن أبيه: أن لنافع الخير مولى عبد الله بن جعفر في هذه الأبيات لحنا، ولم يجنسه. وذكر حبش أن الثقيل الأول لابن طنبورة. ومنها في شعر جميل أيضا: صوت
لقد فرح الواشون إن صرمت حبلي بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
فلو تركت عقلي معي ما طلبتهـا ولكن طلابيها لما فات من عقلـي الغناء لابن مسحج ثقيل أول بالوسطى عن الهشامي.
ومنها في شعر عمر بن أبي ربيعة المذكور في أول الخبر: صوت
فقالت وأرخت جانب الستر إنمـا معي فتحدث غير ذي رقبة أهلي
فقلت لها ما بي لهم من تـرقـب ولكن سري ليس يحمله مثـلـي
جرى ناصح بالود بيني وبينـهـا فقربني يوم الحصاب إلى قتلـي غنى في هذه الأبيات ابن سريج، ولحنه رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق وعمرو. وذكر يونس: أن فيه لحنا لمالك لم يجنسه، وذكر الهشامي: أن لحن مالك خفيف ثقيل. وذكر حبش: أن لمعبد فيه لحنا من الثقيل الأول بالبنصر، ولابن سريج ثاني ثقيل بالوسطى. وليس حبش ممن يعتمد في هذا على روا يته .
إستحسان الناس شعر عمر وتفضيله
على شعراء عصره
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال: أدركت مشيخة من قريش لا ينزون بعمر بن أبي ربيعة شاعرا من أهل دهره في النسيب، ويستحسنون منه ما كانوا يستقبحونه من غيره من مدح نفسه، والتحلي بمودته، والابتيار في شعره والابتيار: أن يفعل الإنسان الشيء فيذكره ويفخر به. والابتهار: أن يقول ما لم يفعل.
نقد ابن أبي عتيق أبيات عمر الرائية
أخبرني محمد بن خلف قال: أخبرني عبد الله بن عمر وغيره عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن عبد العزيز بن عمران قال: قال ابن أبي عتيق لعمر وقد أنشده قوله: صوت
بينما ينعتنني أبـصـرنـنـي دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتـى قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتـهـا قد عرفناه وهل يخفى القمر - الغناء في هذه الأبيات لابن سريج خفيف رمل بالبنصر - فقال له ابن أبي عتيق: - وقد أنشدها - أنت لم تنسب بها، وإنما نسبت بنفسك، كان ينبغي أن تقول: قلت لها فقالت لي، فوضعت خدي فوطئت عليه.
عود إلى سيرته وخلقه
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال: لم يذهب على أحد من الرواة أن عمر كان عفيفا يصف ولا يقف، ويحوم ولا يرد.
أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن منصور عن ابن الأعرابي، وحدثني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق الموصلي عن رجاله، قالوا: كان ابن أبي ربيعة قد حج في سنة من السنين. فلما انصرف من الحج ألفى الوليد بن عبد الملك وقد فرش له في ظهر الكعبة وجلس، فجاءه عمر فسلم عليه وجلس إليه. فقال له: أنشدني شيئا من شعرك. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير وقد تركت الشعر، ولي غلامان هما عندي بمنزلة الولد، وهما يرويان كل ما قلت وهما لك. قال: ائتني بهما ففعل، فأنشداه قوله:
صفحة : 35
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر فطرب الوليد واهتز لذلك، فلم يزالا ينشدانه حتى قام، فأجزل صلته ورد الغلامين إليه.
مميزات شعره
حدثني علي بن صالح بن الهيثم الأنباري الكاتب الملقب كيلجة قال حدثني أبو هفان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار عن عمه مصعب أنه قال: راق عمر بن أبي ربيعة الناس وفاق نظراءه وبرعهم بسهولة الشعر وشدة الأسر، وحسن الوصف، ودقة المعنى وصواب المصدر، والقصد للحاجة، واستنطاق الربع، وإنطاق القلب، وحسن العزاء، ومخاطبة النساء، وعفة المقال، وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، وترجيح الشك في موضع اليقين، وطلاوة الاعتذار، وفتح الغزل، ونهج العلل، وعطف المساءة على العذال، وأحسن التفجع، وبخل المنازل، واختصر الخبر، وصدق الصفاء، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى، وأقدم عن خبرة ولم يعتذر بغرة، وأسر النوم، وغم الطير، وأغد السير، وحير ماء الشباب، وسهل وقول، وقاس الهوى فأربى، وعصى وأخلى، وحالف بسمعه وطرفه، وأبرم نعت الرسل وحذر، وأعلن الحب وأسر، وبطن به وأظهر، وألح وأسف، وأنكح النوم، وجنى الحديث، وضرب ظهره لبطنه، وأذل صعبه، وقنع بالرجاء من الوفاء، وأعلى قاتله، واستبكى عاذله، ونفض النوم، وأغلق رهن مني وأهدر قتلاه، وكان بعد هذا كله فصيحا.
فمن سهولة شعره وشدة أسره قوله صوت
فلما تواقفنا وسلمت أشرقـت وجوه زهاها الحسن أن تتقنعا
تبالهن بالعرفان لما رأينـنـي وقلن امرؤ باغ أكل وأوضعا الغناء لابن عباد رمل عن الهشامي، وفيه لابن جامع لحن غير مجنس عن إبراهيم.
ومن حسن وصفه قوله
لها من الريم عيناه وسـنـتـه ونخوة السابق المختال إذ صهلا ومن دقة معناه وصواب مصدره قوله صوت
عوجا نحي الطلل المحولا والربع من أسماء والمنزلا
بسابغ البوبـاة لـم يعـده تقادم العهد بـأن يؤهـلا الغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. قال إسحاق بن إبراهيم: يعني أنه لم يؤهل فيعدوه تقادم العهد. وقال الزبير: قال بعض المدنيين: يحييه بأن يؤهل، أي يدعو له بذلك.
ومن قصده للحاجة قوله صوت
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يماني ويروى: هي غورية . الغناء للغريض خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو وابن المكي.
ومن استنطاقه الربع قوله صوت
سائلا الربع بالبلـي وقـولا هجت شوقا لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ف بهم آهل أراك جـمـيلا
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا وبرغمي لو قد وجدت سبيلا
وبكرهي لو استطعت سبيلا
سئمونا وما سئمنا جوارا وأحبوا دمـاثة وسـهـولا فيه رملان: أحدهما لابن سريج بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، والآخر لإسحاق مطلق في مجرى البنصر، وفيه لأبي العبيس بن حمدون ثقيل. وقد شرحت نسبته مع خبره في موضع آخر. قال إسحاق: أنشد جرير هذه الأبيات فقال: إن هذا الذي كنا ندور عليه فأخطأناه.
ومن أنطاقه القلب قوله
قال لي فيها عتيق مقـالا فجرت مما يقول الدموع
قال لي ودع سليمى ودعها فأجاب القلب: لا أستطيع الغناء للهذلي ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشامي. قال: وفيه ليحيى المكي ثقيل أول نسب إلى معبد وهو من منحوله.
ومن حسن عزائه قوله صوت
أألحق إن دار الرباب تبـاعـدت أو أنبت حبل أن قلـبـك طـائر
أفق قد أفاق العاشقون وفارقوا ال هوى واستمرت بالرجال المرائر
زع النفس واستبق الحياء فإنـمـا تباعد أو تدني الرباب المـقـادر
أمت حبها واجعل قديم وصالهـا وعشرتها كمثل من لا تعـاشـر
وهبها كشيء لم يكن أو كنـازح به الدار أو من غيبته المقـابـر
صفحة : 36
وكالناس علقت الرباب فلا تكـن أحاديث من يبدو ومن هو حاضر الغناء في بعض هذه الأبيات وأوله زع النفس لابن سريج ثقيل أول بالبنصر عن عمرو. وفيه لعمر الوادي رمل بالبنصر عن ابن المكي. وفيه ل قدار لحن من كتاب إبراهيم غير مجنس. وهذه الأبيات يرويها بعض أهل الحجاز لكثير، ويرويها الكوفيون للكميت بن معروف الأسدي، وذكر بعضها الزبير بن بكار عن أبي عبيدة لكثير في أخباره.
ومن حسن غزله في مخاطبة النساء - قال مصعب الزبيري: وقد أجمع أهل بلدنا ممن له علم بالشعر أن هذه الأبيات أغزل ما سمعوا - قوله: صوت
تقول غداة التقـينـا الـربـاب ايا ذا أفلت أفـول الـسـمـاك
وكفت سـوابـق مـن عـبـرة كما ارفض نظم ضعيف السلاك
فقلت لها من يطع في الصـدي ق أعداءه يجـتـنـبـه كـذاك
أغرك أني عـصـيت الـمـلا م فـيك وأن هـوانـا هـواك
وألا أرى لـذة فـي الـحــياة تقر بها الـعـين حـتـى أراك
فكان من الذنب لـي عـنـدكـم مكارمتي واتبـاعـي رضـاك
فليت الـذي لام فـي حـبـكـم وفي أن تزاري بقـرن وقـاك
هموم الـحـياة وأسـقـامـهـا وإن كان حتف جـهـيز فـداك الغناء لابن سريج ثاني ثقيل بالوسطى. وذكر إبراهيم أن فيه لحنا لحكم. وقيل: إن فيه لحنا آخر لابن جامع.
ومن عفة مقاله قوله صوت
طال ليلي واعتادني اليوم سقم وأصابت مقاتل القلب نعـم
حرة الوجه والشمائل والجو هر تكليمها لمن نال غـنـم
وحديث بمثله تنزل العـص م رخيم يشوب ذلك حـلـم
هكذا وصف ما بدا لي منها ليس لي بالذي تغيب عـلـم
إن تجودي أو تبخلي فبحمـد لست يا نعم فيهما مـن يذم الغناء لابن سريج رمل عن الهشامي.
ومن قلة انتقاله قوله صوت
أيها القائل غير الـصـواب أمسك النصح وأقلل عتابـي
واجتنبني واعلمن أن ستعصى ولخير لك طول اجتنـابـي
إن تقل نصحا فعن ظهر غش دائم الغمر بعـيد الـذهـاب
ليس بي عي بما قلـت إنـي عالم أفقه رجع الـجـواب
إنما قرة عـينـي هـواهـا فدع اللوم وكلني لمـا بـي
لا تلمني في الرباب وأمست عدلت للنفس برد الشـراب
هي والله الـذي هـو ربـي صادقا أحلف غير الكـذاب
أكرم الأحياء طرا عـلـينـا عند قرب منهم واجتـنـاب
خاطبتني ساعة وهي تبكـي ثم عزت خلتي في الخطاب
وكفى بي مدرها لخـصـوم لسواها عند حـد تـبـابـي الغناء لكردم ثقيل أول بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق في الأول والخامس ثم الثاني والثالث. وفيه لمعبد خفيف ثقيل بالبنصر عن يحيى المكي.
ومن إثباته الحجة قوله
خليلي بعض اللوم لا ترحلا بـه رفيقكما حتى تقولا على عـلـم
خليلي من يكلف بآخر كـالـذي كلفت به يدمل فؤادا على سقـم
خليلي ما كانت تصاب مقاتـلـي ولا غرتي حتى وقعت على نعم
خليلي حتى لف حبلـي بـخـادع موقى إذا يرمى صيود إذا يرمي
خليلي لو يرقى خليل من الهـوى رقيت بما يدني النوار منه العصم
خليلي إن باعدت لانت وإن ألـن تباعد فلم أنبل بحرب ولا سـلـم ومن ترجيحه الشك في موضع اليقين قوله صوت
نظرت إليها بالمحصب من منـى ولي نظر لولا التـحـرج عـارم
فقلت: أشمس أم مصابـيح بـيعة بدت لك خلف السجف أم أنت حالم
بعيدة مهوى القرط إما لـنـوفـل أبوها وإما عبد شمـس وهـاشـم
ومد عليها السجف يوم لقـيتـهـا على عجل تباعـهـا والـخـوادم
صفحة : 37
فلم أستطعها غير أن قـد بـدا لـنـا عشية راحت وجهها والمـعـاصـم
معاصم لم تضرب على البهم بالضحى عصاها ووجه لم تلحه الـسـمـائم
نضـار تـرى فـيه أسـاريع مـائه صبيح تغاديه الأكـف الـنـواعـم
إذا ما دعت أترابها فاكتـنـفـنـهـا تمايلن أو مالت بـهـن الـمـآكـم
طلبن الصبا حتى إذا مـا أصـبـنـه نزعن وهن المسلمات الـظـوالـم الغناء لمعبد ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق وابن المكي. وفيها لابن سريج رمل بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق أيضا. وفيها للغريض خفيف ثقيل بالوسطى عن الهشامي.
ومن طلاوة اعتذاره قوله صوت
عاود القلب بعض ما قد شـجـاه من حبيب أمسى هوانـا هـواه
يا لقومي فكيف أصبـر عـمـن لا ترى النفس طيب عيش سواه
أرسـلـت إذ رأت بـعـادي ألا يقبلن بي مـحـرشـا إن أتـاه
دون أن يسمع المـقـالة مـنـا وليطعني فإن عـنـدي رضـاه
لا تطع بي فدتك نفسـي عـدوا لحديث علـى هـواه افـتـراه
لا تطع بي مـن لـو رآنـي وإيا ك أسيري ضرورة مـا عـنـاه
ما ضراري نفسي بهجري من لي س مـسـيئا ولا بـعـيدا ثـراه
واجتنابي بيت الحبيب وما الخـل د بأشـهـى إلـي مـن أن أراه الغناء لمعبد خفيف ثقيل بالخنصر في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لابن جامع ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو. وقال عمرو، فيه خفيف ثقيل بالوسطى للهذلي. وفيه لابن محرز ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو، وابتداؤه نشيد أوله: ما ضراري نفسي . وقال الهشامي: وفيه لعلية بنت المهدي وسعيد بن جابر لحنان من الثقيل الثاني.
ومن نهجه العلل قوله
وآية ذلـك أن تـسـمـعـي إذا جئتكـم نـاشـدا ينـشـد
فرحنا سراعا وراح الـهـوى دليلا إليهـا بـنـا يقـصـد
فلما دنونا لـجـرس الـنـبـا ح والصوت، والحي لم يرقدوا
بعثنا لـهـا بـاغـيا نـاشـدا وفي الحي بغية مـن ينـشـد وقد نسبت هذه الأبيات إلى من غنى فيها مع:
تشط غدا دار جيراننا ومن فتحه الغزل قوله
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى فكن حجرا من يابس الصخر جلمدا ومن عطفه المساءة على العذال قوله صوت
لا تلمني عتيق حسبي الذي بي إن بي يا عتيق ما قد كفانـي
لا تلمني وأنت زينتهـا لـي أنت مثل الشيطان للإنسـان الغناء لأبي العبيس بن حمدون ثقيل أول مطلق من مجموع أغانيه. وفيه رمل طنبري محدث، وفيه هزج لأبي عيسى بن المتوكل.
ومن حسن تفجعه قوله صوت
هجرت الحبيب اليوم من غير ما اجترم وقطعت من ذي ودك الحبل فانصرم
أطعت الوشاة الكاشحين ومـن يطـع مقالة واش يقرع الـسـن مـن نـدم
أتاني رسول كـنـت أحـسـب أنـه شفيق علينا ناصـح كـالـذي زعـم
فلما تباثثنـا الـحـديث وصـرحـت سرائره عن بعض ما كان قد كـتـم
تبـين لـي أن الـمـحـرش كـاذب فعندي لك العتبى على رغم من رغم
فملآن لمت النفس بعد الذي مـضـى وبعد الذي آلت وآلـيت مـن قـسـم
ظلمت ولم تعتب وكـان رسـولـهـا إليك سريعا بالرضـا لـك إذ ظـلـم الغناء لابن سريج رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق. وقال يونس: فيه لابن سريج لحنان، وذكر الهشامي أن لحنه الآخر ثقيل أول، وأن لعلوية فيه رملا آخر.
ومن تبخيله المنازل قوله صوت
عرفت مصيف الحي والمتربـعـا ببطن حليات دوارس بـلـقـعـا
إلى السرح من وادي المغمس بدلت معالمها وبلا ونكبـاء زعـزعـا
فيبخلن أو يخبرن بالعلم بـعـد مـا نكأن فؤادا كان قدما مـفـجـعـا الغناء للغريض ثاني ثقيل بالوسطى.
ومن اختصاره الخبر قوله صوت
صفحة : 38
أمن آل نعم أنت غاد فمبكـر غداة غد أم رائح فمهـجـر
بحاجة نفس لم تقل في جوابها فتبلغ عذرا والمقالة تـعـذر
أشارت بمدراها وقالت لتربها أهذا المغيري الذي كان يذكر
لئن كان إياه لقد حال بعـدنـا عن العهد والإنسان قد يتغير الغناء لابن سريج رمل بالسبابة في مجرى البنصر، وله في بيتين آخرين من هذه القصيدة، وهما:
وليلة ذي دوران جشمتني السرى وقد يجشم الهول المحب المعزرا
فقلت أباديهم فـإمـا أفـوتـهـم وإما ينال السيف ثأرا فـيثـأرا رمل آخر بالوسطى عن عمرو. قال الزبير حدثني إسحاق الموصلي قال: قلت لأعرابي ما معنى قول ابن أبي ربيعة:
بحاجة نفس لم تقل في جوابها فتبلغ عذرا والمقالة تعـذر فقال: قام كما جلس.
ومن صدقه الصفاء قوله
كل وصل أمسى لديك لأنثى غيرها وصلها إليهـا أداء
كل أنثى وإن دنت لوصـال أو نأت فهي للرباب الفداء وقوله: صوت
أحب لحبك مـن لـم يكـن صفيا لنفسي ولا صاحبـا
وأبذل ما لي لمرضاتـكـم وأعتب من جاءكم عاتـبـا
وأرغب في ود من لم أكن إلى وده قبلكـم راغـبـا
ولو سلك الناس في جانـب من الأرض واعتزلت جانبا
ليممت طـيتـهـا إنـنـي أرى قربها العجب العاجبا الغناء لابن القفاص رمل عن الهشامي ويحيى المكي، وفيه للربعي لحن من كتاب إبراهيم غير مجنس.
ومما قدح فيه فأورى قوله صوت
طال ليلي وتعناني الـطـرب واعتراني طول هم ووصب
أرسلت أسماء في مـعـتـبة عتبتها وهي أحلى من عتب
أن أتى منها رسول موهـنـا وجد الحي نياما فانـقـلـب
ضرب الباب فلم يشعـر بـه أحد يفتح بـابـا إذ ضـرب
قال: أيقاظ ولـكـن حـاجة عرضت تكتم منا فاحتجـب
ولعمدا ردني، فاجـتـهـدت بيمين حلفة عند الغـضـب
يشهد الرحمن لا يجمـعـنـا سقف بيت رجبا بعد رجـب
قلت حلا فاقبلي معـذرتـي ما كذا يجري محب من أحب
إن كفي لك رهن بالـرضـا فاقبلي يا هند، قالت قد وجب الغناء لمالك خفيف ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه لدحمان ثقيل أول بالبنصر عن عمرو. وفيه لمعبد لحن من كتاب يونس لم يجنسه، وذكر الهشامي أنه خفيف ثقيل. وفيه لابن سريج رمل عن الهشامي.
قال من حكينا عنه في صدر أخبار عمر روايته التي رواها علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن رجاله والحرمي عن الزبير عن عمه: كان عمر بن أبي ربيعة يهوى امرأة يقال لها أسماء ، فكان الرسول يختلف بينهما زمانا وهو لا يقدر عليها. ثم وعدته أن تزوره، فتأهب لذلك وانتظرها، فأبطأت عنه حتى غلبته عينه فنام، وكانت عنده جارية له تخدمه، فلم تلبث أن جاءت ومعها جارية لها، فوقفت حجرة وأمرت الجارية أن تضرب الباب، فضربته فلم يستيقظ. فقالت لها: تطلعي فانظري ما الخبر? فقالت لها: هو مضطجع وإلى جنبه امرأة، فحلفت لا تزوره حولا، فقال في ذلك:
طال ليلي وتعناني الطرب قال أبو هفان في حديثه: وبعث إليها امرأة كانت تختلف بينه وبين معارفه، وكانت جزلة من النساء، فصدقتها عن قصته وحلفت لها أنه لم يكن عنده إلا جاريته، فرضيت. وإياها يعني عمر بقوله:
فأتـتـهـا طـبة عـالــمة تخلط الجد مرارا باللـعـب
تغلظ القول إذا لانـت لـهـا وتراخي عند سورات الغضب
لم تزل تصرفها عـن رأيهـا وتـأنـاهـا بـرفـق وأدب قال إسحاق في خبره: وحدثني ابن كناسة قال أخبرني حماد الراوية قال: استنشدني الوليد بن يزيد، فأنشدته نحوا من ألف قصيدة، فما استعادني إلا قصيدة عمر بن أبي ربيعة:
طال ليلي وتعناني الطرب فلما أنشدته قوله:
صفحة : 39
فأتتهـا طـبة عـالـمة تخلط الجد مرارا باللعب إلى قوله:
إن كفي لك رهن بالرضـا فاقبلي يا هند قالت قد وجب فقال الوليد: ويحك يا حماد اطلب لي مثل هذه أرسلها إلى سلمى. يعني امرأته سلمى بنت سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، وكان طلقها ليتزوج أختها ثم تتبعتها نفسه.
قال إسحاق وحدثني جماعة منهم الحرمي والزبيري وغيرهما: أن عمر أنشد ابن أبي عتيق هذه القصيدة، فقال له ابن أبي عتيق: الناس يطلبون خليفة مذ قتل عثمان في صفة قوادتك هذه يدبر أمورهم فما يجدونه.
رجع إلى خبر عمر الطويل قالوا: ومن شعره الذي اعتذر فيه فأبرأ قوله
فالتقينا فرحبت حـين سـلـم ت وكفت دمعا من العين مارا
ثم قالت عند العـتـاب رأينـا منك عنا تجـلـدا وازورارا
قلت كلالاه ابن عمك بل خف نا أمورا كنا بهـا أغـمـارا
فجعلنا الصدود لما خـشـينـا قالة الناس للهـوى أسـتـارا
ليس كالعهد إذ عهدت ولكـن أوقد الناس بالنـمـيمة نـارا
فلذاك الإعراض عنك ومـا آ ثر قلبي عليك أخرى اختيارا
ما أبالي إذا النوى قربـتـكـم فدنوتم من حل أو من سـارا
فاللـيالـي إذا نـأيت طـوال وأراها إذا قربت قـصـارا ومن تشكيه الذي أشجى فيه قوله: صوت
لعمرك ما جاورت غمدان طائعـا وقصر شعوب أن أكون به صبـا
ولكن حمى أضرعـتـنـي ثـلاثة مجرمة ثم استمرت بـنـا غـبـا
وحتى لو أن الخلد تعرض إن مشت إلى الباب رجلي ما نقلت لها إربا
فإنك لـو أبـصـرت يوم سـويقة مناخي وحبسي العيس دامية جدبـا
ومصرع إخوان كـأن أنـينـهـم أنين المكاكي صادفت بلدا خصبـا
إذا لاقشعر الرأس منك صـبـابة ولاستفرغت عيناك من سكبة غربا غنى في الأول والثاني من هذه الأبيات معبد ولحنه خفيف ثقيل أول بالوسطى عن عمرو. وفيهما لمالك ثقيل أول عن الهشامي، ونسبه يونس إلى مالك ولم يجنسه.
ومن إقدامه عن خبرة ولم يعتذر بغرة قوله
صرمت وواصلت حتى عرف ت أين المصادر والـمـورد
وجربت من ذاك حتى عرف ت ما أتوقى ومـا أعـمـد ومن أسره النوم قوله
نام صحبي وبات نومي أسيرا أرقب النجم موهنا أن يغورا ومن غمه الطير قوله
فرحنا وقلنا للغلام اقض حاجة لنا ثم أدركنا ولا تـتـغـبـر
سراعا نغم الطير إن سنحت لنا وإن تلقنا الركبان لا نتخـبـر تتغبر، من قولهم: غبر فلان أي لبث.
ومن إغذاذه السير قوله
قلت سيرا ولا تقيما ببصرى وحفير فما أحب حـفـيرا
وإذا ما مررتما بـمـعـان فأقلا به الثـواء وسـيرا
إنما قصرنا إذا حسر السي ر بعيرا أن نستجد بعـيرا ومن تحييره ماء الشباب قوله صوت
أبرزوها مثل المهاة تـهـادى بين خمس كواعـب أتـراب
ثم قالوا تحبها قلـت بـهـرا عدد القطر والحصى والتراب
وهي مكنونة تحير مـنـهـا في أديم الخدين ماء الشبـاب الغناء لمحمد بن عائشة خفيف ثقيل بالبنصر. وفيه لمالك خفيف ثقيل آخر عن الهشامي، وقيل: بل هو هذا.
ومن تقويله وتسهيله قوله
قالت على رقبة يوما لجارتهـا ما تأمرين فإن القلب قد تبـلا
وهل لي اليوم من أخت مواخية منكن أشكو إليها بعض ما فعلا
فراجعتها حصان غير فاحـشة برجع قول ولب لم يكن خطلا
لا تذكري حبه حتى أراجـعـه إني سأكفيكه إن لم أمت عجلا
فاقني حياءك في ستر وفي كرم فلست أول أنثى علقت رجـلا وأما ما قاس فيه الهوى فقوله
وقربن أسباب الهوى لمـتـيم يقيس ذراعا كلما قسن إصبعا ومن عصيانه وإخلائه قوله
صفحة : 40
وأنص المطي يتبعن بـالـرك ب سراعا نواعم الأظـعـان
فنصيد الغرير من بقر الـوح ش ونلهو بلـذة الـفـتـيان
في زمان لو كنت فيه ضجيعي غير شك عرفت لي عصياني
وتقلبت في الفـراش ولا تـد رين إلا الظنون أين مكانـي ومن محالفته بسمعه وطرفه قوله
سمعي وطرفي حليفاها على جسـدي فكيف أصبر عن سمعي وعن بصري
لو طاوعاني علـى ألا أكـلـمـهـا إذا لقضيت من أوطارهـا وطـري ومن إبرامه نعت الرسل قوله
فبعثت كاتمة الحـدي ث رفيقة بجوابـهـا
وحـشـية إنـسـية خراجة من بابـهـا
فرقت فسلهت المعـا رض من سبيل نقابها ومن تحذيره قوله صوت
لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك
وقولي في مـلاطـفة لزينب نولي عمـرك
فإن داويت ذا سـقـم فأخزى الله من كفرك
فهزت رأسها عجـبـا وقالت من بذا أمـرك
أهذا سحرك النـسـوا ن، قد خبرنني خبرك
وقلن إذا قضى وطرا وأدرك حاجة هجرك غنى ابن سريج في هذه الأبيات، ولحنه خفيف ثقيل. ولابن المكي فيها هزج بالوسطى. وفيها رمل ذكر ذكاء وجه الرزة عن أحمد بن أبي العلاء عن مخارق أنه لابن جامع، وذكر قمري أنه له وأن ذكاء أبطل في هذه الحكاية. قال الزبير: حدثني عمي قال حدثني أبي قال: قال شيخ من قريش: لا ترووا نساءكم شعر عمر بن أبي ربيعة لا يتورطن في الزنا تورطا، وأنشد:
لقد أرسلت جـاريتـي وقلت لها خذي حذرك ومن إعلانه الحب وإسراره قوله
شكوت إليها الحب أعلن بعضه وأخفيت منه في الفؤاد غليلا ومما بطن به وأظهر قوله
حبكم يا آل ليلى قـاتـلـي ظهر الحب بجسمي وبطن
ليس حب فوق ما أحببتكـم غير أن أقتل نفسي أو أجن ومما ألح فيه وأسف قوله
ليت حظي كطرفة العين منها وكثير منها القليل المهـنـا
أو حديث على خلاء يسلـي ما يجن الفؤاد منها ومـنـا
كبرت رب نعمة منك يومـا أن أراها قبل الممات ومنـا ومن إنكاحه النوم قوله صوت
حتى إذا ما الليل جن ظلامـه ونظرت غفلة كاشح أن يعقلا
واستنكح النوم الذين نخافـهـم وسقى الكرى بوابهم فاستثقلا
خرجت تاطر في الثياب كأنها أيم يسيب على كثيب أهـيلا الغناء لمعبد خفيف ثقيل مطلق في مجرى الوسطى عن إسحاق. وفيه ألحان لغيره وقد نسبت في غير هذا الموضع مع قوله:
ودع لبابة قبل أن تترحلا ومن جنيه الحديث قوله
وجوار مساعفات على اللـه و ومسرات باطن الأضغان
صيد للرجال يرشقن بالمطر ف حسان كخذل الغـزلان
قد دعاني وقد دعاهن لـلـه و شجون مهمة الأشجـان
فاجتنينا من الحديث ثمـارا ما جنى مثلها لعمرك جاني ومن ضربه الحديث ظهره لبطنه قوله
في خلاء من الأنيس وأمـن فبثثنا غليلنا واشـتـفـينـا
وضربنا الحديث ظهرا لبطن وأتينا من أمرنا ما اشتهينـا
فمكثنا بذاك عـشـر لـيال في قضاء لديننا واقتضينـا ومن إذلاله صعب الحديث قوله
فلما أفضنا في الهوى نستبينـه وعاد لنا صعب الحديث ذلـولا
شكوت إليها الحب أظهر بعضه وأخفيت منه في الفؤاد غلـيلا ومن قناعته بالرجاء من الوفاء قوله
فعدي نائلا وإن لم تنيلي إنه ينفع المحب الرجاء قال الزبير: هذا أحسن من قول كثير:
ولست براض من خليل بنائل قليل ولا أرضى له بقلـيل ومن إعلائه قاتله قوله
فبعثت جاريتي وقلت لها اذهبي فاشكي إليها ما علمت وسلمي
صفحة : 41
قولـي يقـول تـحـرجـي فـي عـــاشـــق كلـف بـكـم حـتـى الـمـمـات مـــتـــيم
ويقـول إنـك قـد عـلـمـت بـــأنـــكـــم أصـبـحـتـم يا بـــشـــر أوجـــه ذي دم
فكـي رهـينـتـه فـإن لـم تـفــعـــلـــي فاعلي عـلـى قـتـل ابـن عـمـك واسـلـمـي
فتـضـاحـكـت عـجـبـا وقـالـت حـقـــه ألا يعـلـمـنـا بـمـا لــم نـــعـــلـــم
علمي به والله يغفر ذنبه فيما بدا لي، ذو هوى متقسم
طرف ينازعه إلى الأدنى الهوى ويبـث خـــلة ذي الـــوصـــال الأقـــدم ومن تنفيضه النوم قوله
فلما فقدت الصوت منهم وأطفئت مصابيح شبت بالعشـاء وأنـور
وغاب قمير كنت أرجو غيوبـه وروح رعيان ونـوم سـمـر
ونفضت عني أقبلت مـشـية ال حباب وركني خشية القوم أزور ومن إغلاقه رهن منى وإهداره قتلاه قوله
فكم من قـتـيل مـا يبـاء بـه دم ومن غلق رهنا إذا لـفـه مـنـى
ومن مالىء عينيه من شيء غـيره إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى وكان بعد هذا كله فصيحا شاعرا مقولا.
أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير قال حدثني عمي، وأخبرنا به علي بن صالح عن أبي هفان عن إسحاق عن رجاله: أن عمر بن أبي ربيعة نظر إلى رجل يكلم امرأة في الطواف، فعاب ذلك عليه وأنكره. فقال له: إنها ابنة عمي. قال: ذاك أشنع لأمرك. فقال: إني خطبتها إلى عمي، فأبى علي إلا بصداق أربعمائة دينار، وأنا غير مطيق ذلك، وشكا
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:48 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية5
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:46 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية4
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:45 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية3
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:44 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية2
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:42 pm من طرف Admin
» من كتاب الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:41 pm من طرف Admin
» نموذج من بناء الشخصية
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:39 pm من طرف Admin
» كيف تنشأ الرواية أو المسرحية؟
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:38 pm من طرف Admin
» رواية جديدة
الإثنين ديسمبر 09, 2013 5:26 pm من طرف Admin